• أثبت تراجع "رحمون" أن الكلمة العليا في سوريا الأسد هي لكبير اللصوص وزعيم الزعران
• قصته أعادت سيناريو "ترجمان-سارة" وإن بشكل مختلف نسبيا
بين 21 شباط و10 آذار 17 يوما فقط.. 17 يوما كانت كافية لإلغاء مضمون تعميم أصدره واحد من أكثر وزراء الأسد نفوذا وسطوة، وهو وزير الداخلية "محمد خالد رحمون"، الذي قفز من كرسي المخابرات إلى كرسي الداخلية، ما أعطى له "رعبا" مضاعفا.
لكن هذا الرعب ما لبث أن تبينت مدى هشاشته أمام حيتان المال وأثرياء الحرب وأرباب المليشيات وأباطرة المعابر، فقد كُسرت عظام الوزير المخابراتي في واحدة من معارك كسر العظم التي حاول أن يحارب من خلالها أحد هؤلاء الحيتان ونعني به "خضر علي طاهر"، حيث اضطر الوزير وبطريقة مذلة لإلغاء تعميم سبق أن أصدره قبل 17 يوما، وقضى فيه بمنع التعامل مع "طاهر" وعمم ذلك على "جميع الوحدات الشرطية".
وكما تعميم المنع، فإن التعميم القاضي بإلغاء المنع لم يذكر أي مسوغات، ما جعل الكثيرين يجزمون بأن القضية لم تكن تتعدى "مكاسرة" خسرها الوزير بالضربة القاضية، وربما سيكون لها تأثير بالغ على "مستقبله"، أسوة بما حدث مع وزير إعلام النظام السابق "رامز ترجمان" عندما أقال مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون "عماد سارة"، لكنه أجبر على إلغاء قراره فورا، وأعقب ذلك إقالة "ترجمان" من منصب الوزير وتعيين "سارة" بدلا منه.
وعليه لم يستبعد البعض ولو من باب التهكم أن يكون حوت المعابر "خضر علي طاهر" هو وزير الداخلية القادم، ولم لا؟! الرجل الذي استطاع تمريغ أنف "رحمون" في التراب ودفعه للتنازل عن قراره.

وحتى نفهم كيف استطاع "طاهر" مصارعة وزير داخلية النظام وصرعه، فلا بد لنا أن نعرف من هو "خضر طاهر" وما موقعه في سوريا الأسد التي أفرزتها 8 سنوات من التعفيش والنهب وتجارة الممنوعات والمحرمات بكل أنواعها، وبشكل لم يسبق لسوريا الأسد أن عايشته حتى في أحلك فتراتها.
"خضر طاهر" رجل في الأربعينات من عمره، ولد لأب يدعى "علي" وأم تدعى "بديعة وردي"، وطفا خلال سنوات الحرب –ككثيرين- على السطح، وصار صاحب سطوة ومال، يضرب بسيف "المعلم" الذي عهد إليه بإدارة بعض المعابر (حواجز فاصلة بين المناطق تفرض أتاوات عالية على مرور البضائع والأشخاص)، وفق نسبة متفق عليها.

وإذ أدار طاهر المعابر بـ"كفاءة" وجعلها تبيض ذهبا وتمطر دولارات، فقد بات من الذين يقال عنهم "كلمته ما بتصير تنتين" في دوائر النظام ولدى مسؤوليه، أم "أعماله" وشركاته وشراكته فهي كثيرة ومتشعبة، و"يده" ممدودة إلى طائفة النظام ومواليه، إلى درجة أن اسمه يتصدر برنامجا تلفزيونيا لرعاية جرحى جيش النظام وأسر قتلاه، وقد انتهت إحدى حلقاته بتقديم بقرة عجفاء كـ"عربون وفاء" من رجل الأعمال "طاهر" للذين ضحوا بأولادهم على مذبح الأسد.
قرار وزير الداخلية بإلغاء منع التعامل معه، جاء ليؤكد أن لـ"طاهر" قوة خفية تتجاوز قوته الظاهرة، وليترك في حلوق الموالين غصة عميقة، لاسيما أولئك الذين طاروا فرحا بالقرار الأول (حظر التعامل) واعتبروه بمثابة خطوة جريئة في مكافحة الفاسدين والمتغولين، أتت بـ"توجيهات كريمة من السيد الرئيس".
ولعل أكثر من شعر بالغصة من تراجع وزير الداخلية، كان شبيح المتمولين وممول الشبيحة "فارس شهابي" الذي سبق ووجه اتهامات صريحة لـ"طاهر" بالفساد، أدلى بها على شاشة تلفزيون النظام، لكنها سرعان ما سحبت من التداول حينها.
بل إن "شهابي" سبق أن وصف "طاهر" بكبير اللصوص وزعيم زعران المعابر، معلنا استبشاره بقرار "رحمون" منع التعامل معه، قيل أن يتضح أن الكلمة العليا في دولة الأسد هي لكبير اللصوص وزعيم الزعران، حتى ولو كان خصومه أشخاصا من وزن لواء مخابراتي برتبة وزير داخلية مثل "رحمون" أو شبيح بالغ التملق بدرجة رجل أعمال مثل "شهابي".
تنويه: تنوه "زمان الوصل" إلى الخلط الذي قامت به بعض الصفحات والمواقع عندما استعرضت مضمون التعميم السابق حول "خضر طاهر"، حيث قالت إن لقبه "غوار" والصحيح أن "غوار" هو لقب لشخص اسمه "يوسف خانات" وهو أحد أمراء المعابر وأثرياء الحرب الذين رعاهم بشار وأخوه ماهر.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية