أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الطبل في الشام.. والعرس في بغداد*

عناصر النظام في ريف دير الزور - جيتي

بدأت معالم التسخين العسكري ضد إيران تطفو على السطح شيئا فشيئا، مستبقة مؤتمر "وارسو" الخاص بالشرق الأوسط ‏والمقرر عقده في الثلث الأول من الشهر المقبل، وما الضربة الإسرائيلية الأخيرة لمواقع إيرانية وأخرى تابعة للنظام إلا ‏بداية فعلية لاستهداف إيران بشكل حقيقي. 
الغارات الإسرائيلية لم تكن الأولى من نوعها فسبقها المئات، لكنها الأولى المعلنة والمتبنية من قبل نتنياهو شخصيا، ‏والأولى التي لم تجد استنكارا روسيا فضلا عن أنها الأولى بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية.‏

لكن هذا ليس "مربط الفرس" في المعمعة العسكرية والسياسية المقبلة على المنطقة، فالبوصلة السياسية والعسكرية ‏الإيرانية والأمريكية تشير إلى العراق، الساحة الأولى التي بدأ منها تمدد المشروع الإيراني، وفيه تكمن القوة الضاربة ‏لنظام الملالي المتمثلة عقائديا بـ"الزخم الشيعي" وعسكريا بميليشيات "الحشد"، القوة العابرة للحدود والقادرة على التهديد ‏الإقليمي، وهو ما حولته لفعل في سوريا، وبقي في إطار التهديدات لتركيا وللسعودية التي تتشارك مع العراق بحدود ‏يصل طولها إلى 800 كم، ولا يستبعد أن تكون هذه الحدود جبهة جديدة لإيران قد تستخدمها لاحقا.‏

تدرك الولايات المتحدة مكامن قوة إيران في العراق، مثلما أدركت عدم صواب قرار الرئيس السابق باراك أوباما بسحب ‏قواته "150 ألف جندي" من العراق، ويبدو أنها في طريقها لتصحيح هذا الخطأ، ففي الوقت الذي يعلن فيه ترامب نيته ‏الانسحاب من سوريا، يزج بمئات العناصر من قوات المشاة تحت يافطة "المساعدة في سحب القوات من سوريا"، ‏وبالتزامن مع ذلك تعود الدوريات الأمريكية للسير "مرحبا بها" في مدينة الفلوجة ذات الرمزية التاريخية في مقاومة ‏الأمريكان، بينما يحتسي ضابط أمريكي الشاي في شارع المتنبي أشهر شوارع بغداد برفقة قائد عمليات بغداد في الجيش ‏العراقي.‏

إيران لعبت بمهارة بملفات المنطقة، وسيطرت على قرار أربع عواصم عربية، تعي الآن ما قد تدبره لها الأيام المقبلة، ‏ولعلها بدأت بتحسس نتائج العقوبات المفروضة عليها، ولكنها لم تعدم بعد "أدوات" المواجهة، وهي أدوات عربية، ‏فبالأمس القريب التقى وزير الخارجية الإيرانية شيوخ عشائر جنوب العراق خلال زيارة استمرت لأيام، في تجاهل تام ‏للمسؤولين العراقيين ولأبسط قواعد الدبلوماسية، وفي ذلك رسالة واضحة للأمريكيين مفادها "أننا أصحاب الأرض"، ‏ونستطيع خلط الأوراق، وما تفجير المراقد في سامراء عن إيران ببعيد.‏

الحدود السورية العراقية واحدة من الساحات التي رسخت طهران وجودها فيها عبر ميليشيات الحشد، وبالتزامن مع ‏عودة الوجود الأمريكي إلى الداخل العراقي، أعلن قائد في ميليشيات الحشد ان قواته تنتظر ساعة الصفر للتقدم باتجاه ‏العمق السوري انطلاقا من الأنبار المحاذية لدير الزور، وهي المنطقة التي بدأت تتعرض فيها ميليشيات الحشد ‏لاستهداف من طيران التحالف، من دون استبعاد مشاركة الطيران الإسرائيلي.‏

ضمن هذا المشهد يبدو أن روسيا تدرك أن العراق، ساحة أمريكية، ولا بد من إنهاء وجود إيران فيه، وهذا لا يمكن أن ‏يتحقق مع تجاهل مطالب إسرائيل بإبعاد إيران من سوريا، وقد يكون هذا أحد التفسيرات لعدم التوافق الإيراني الروسي ‏بشكل كامل في سوريا..ولكن لا ضير لديها من اللعب مع الغرب بورقة إيران والنظام للمزيد من المكتسبات.

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(182)    هل أعجبتك المقالة (191)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي