أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم الاثنين أنَّ النظام يستخدم إصدار جوازات السَّفر كتمويل للحرب وإذلال لمعارضيه، مشيرة إلى الانتهاكات التي يتعرَّض لها المواطن السوري أثناء محاولته استخراج جواز سفر، إضافة للتكلفة المادية المرتفعة مقارنة بجميع بلدان العالم.
وذكر التقرير أنَّ النظام لم يكتف في سبيل البقاء في السلطة بجهاز الأمن والجيش بل استخدَم مؤسسات الدولة بمختلف أشكالها، ولم يستثنِ مؤسسة الهجرة والجوازات، التي تضخَّم دورها على غرار عدد كبير من المؤسسات وأصبحت تلعب دوراً أمنياً وسياسياً، إذ استخدم النظام الأموال المحصلة من استصدار جوازات السفر في تمويل الحرب على كل من طالب بعملية انتقال سياسي حقيقي وتغيير نحو الديمقراطية.
وأشار إلى أنَّ استمرار واتساع حجم وكمِّ الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري ولَّد حاجة ماسَّة لدى المجتمع السوري للسَّفر خوفاً على حياته وأمنه؛ ما دفع الملايين من المواطنين السوريين داخل سوريا لاستصدار جوازات سفر، ومن ناحية أخرى فإنَّ المواطنين السوريين في المنافي بحاجة مستمرة دورية لتجديد جوازات سفرهم.
وأوضح التقرير أنَّ إصدار جواز السَّفر في سوريا مرَّ عبر مرحلتين، وقد تحكَّمت فيها "مافيات" واستغلها النظام لزيادة موارده المالية، وذكر التقرير أنَّ المرحلة الأولى امتدت منذ بداية الثورة حتى نيسان/ 2015 واتَّبع النظام فيها سياسة مزدوجة، فقام من ناحية بفرض الحصول على ورقة موافقة من الأفرع الأمنية لكلِّ من يرغب بالحصول على جواز سفر داخل أو خارج سوريا، وحُرِمَ بالتالي جميع من لاحقته الأجهزة الأمنية وجميع المعارضين في الخارج من الحصول على جواز سفر، إلا أنَّه من ناحية أخرى فتح لهم فرصة الحصول على جواز سفر عن طريق شبكات "مافيوية" مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى 5 آلاف دولار أمريكي.
أما المرحلة الثانية فكانت عقبَ إصدار النظام المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2015 الذي سُمِحَ بموجبه بإصدار جوازات سفر لجميع السوريين داخل وخارج البلاد، ودون تمييز بين معارض للنظام أو موالٍ له، كما شملَ الذين غادروا البلاد بصورة غير شرعية، ثم طرأت عليه تعديلات فرضها المرسوم رقم 18 لعام 2017 وحدَّد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر بشكل فوري ومستعجل -أي في غضون ثلاثة أيام عمل- بمبلغ /800/ دولار أمريكي. ووفقاً لنظام الدور -أي في غضون 10 إلى 21 يوم عمل- بـمبلغ 300 دولار وهذه التكلفة هي الأعلى في العالم.
وأشار التقرير إلى أنَّ أقصى مدة صلاحية لجواز السفر لمعارضي النظام وبالتالي المطلوبين أمنياً لا تتجاوز عامَين اثنين، وأنَّ كثيراً من الدول وشركات الطيران تشترط مدة صلاحية ستة أشهر على الأقل للسماح بالسفر، أي أنَّ مدة جواز السفر عملياً هي عام ونصف، كما أن عدداً كبيراً من السوريين يُقيم في مدن أو دول ليسَ فيها قنصليات سورية؛ الأمر الذي يضطر المواطنَ إلى السفر وحجز رحلة طيران وإقامة فندقية، ويضطرُّ أيضاً للجوء إلى الحصول على الجواز المستعجل أي أنَّه يدفع 800 دولار أمريكي، إضافة إلى المصاريف الأخرى ليحصل في النهاية على جواز سفر تم تصنيفه من قبل موقع ”passport index” على أنه رابع أسوأ جواز سفر عالمياً.
وفي السياق نفسه ووفق قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكرَ التقرير أنَّ النظام اعتقل ما لا يقل عن 1249 شخصاً بينهم ثمانية أطفال، و138 (أنثى بالغة) منذ آذار/ 2011 حتى كانون الثاني 2019، ذلك أثناء وجودهم لإجراء معاملاتهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات، منهم قرابة 703 حالات تم اعتقالها من داخل دائرة الهجرة والجوازات في مدينة دمشق وحدها.
وأوصى التقرير المجتمع الدولي بالضَّغط على النظام وحلفائه من أجل تخفيض أسعار جواز السفر السوري. واعتبرَ أنَّ أية محاولة تأهيل أو إعادة أي شكل من أشكال العلاقات السياسية أو الاقتصادية دعماً واضحاً ومباشراً لنظام ديكتاتوري قمعي يستغل أبسط حقوق مواطنيه.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية