أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

زمان الوصل (إيثار عبدالحق - خاص) تحول واحد من أشهر جوامع دمشق إلى ما يشبه "حلقة للرقص" عبر دخول "طريقة" جديدة إليه، تقيم فيه ما تسميها "مجال السمانية للصلاة على خير البرية"، فيما كان "جامع زين العابدين" في حي الميدان مسرحا لـ"مولد" من نوع آخر، علا فيه صوت الإيقاع، وصدحت في جنباته أغنيتين لشارتي مسلسلين منهما مسلسل "باب الحارة"، وفق ما وثقت مقاطع وصور. فقد أخذت "مجالس الطريقة السمانية" طريقها إلى "جامع الرفاعي" الذي يقع في حي كفرسوسة الدمشقي، والذي غيّر النظام اسمه إلى "جامع عباد الرحمن" بعدما أعلن ابني الشيخ الراحل عبد الكريم الرفاعي (الشيخين أسامة وسارية) مواقفهما المناهضة للنظام والرافضة لجرائمه. وكان آخر "مجلس" للطريقة السمانية، قد عقد قبل يومين (يوم الاثنين) وفيه تم إنشاد العديد من "المدائح النبوية" بالتزامن مع الضرب على الدفوف، ليقوم أحد الحاضرين بأداء رقصة وسط المتحلقين. ويستمر "مجلس السمانية للصلاة على خير البرية" عادة ما بين 60 و90 دقيقة، ويقام يوم الاثنين من كل أسبوع، بحضور من يلقبونه "الشيخ الحسيب النسيب الدكتور عبد الرحمن الكتاني"، الذي يبدو انه متزعم هذه الطريقة. ويرى مراقبون أن "السمانية" ما هي إلا وسيلة جديدة من وسائل تسريب "التشيع الخفي" إلى السنّة عبر باب "حب النبي وآل بيته"، وهو "الحب" الذي لايختلف عليه مسلمان مهما كان مذهبهما. ويعمد "السمانيون" في مجالسهم إلى قراءة وترديد مقاطع خاصة بهم، منها: الصلوات الدرديرية، التوسل السماني، القصيدة الرائية. وتنسب الطريقة السمانية إلى شخص يدعى "محمد عبدالكريم السمان"، وقد توفي قبل نحو 250 عاما، بعدما أنشأ "طريقة" خلفه في نشرها شخص يدعى "احمد الطيب بن البشير"، ومن أجل هذه اشتهرت الطريقة باسم "الطريقة السمانية الطيبية". وتنتشر الطريقة السمانية بشكل لافت في السودان، ولها شيوخها، كما لها مريدوها الذي يعتقدون بـ"شرف" هؤلاء "الشيوخ" ويوقنون بضرورة متابعتهم، إن لم يكن إطاعتهم طاعة عمياء. وحسب صور ولقطات تعقبتها "زمان الوصل" فإن هناك عددا من مشايخ "السمانية" في السودان يترددون إلى دمشق، ويبدو أنهم نقلوا الطريقة إليها، ويحالون تثبيت أركانها بضوء أخضر ومساعدة من النظام، الذي يعرف السوريين أنه لايساعد من التيارات والحركات السياسية والدينية إلا ما يوافق هواه، وما يمكّنه من مواصلة تخدير الناس وتثبيت أركان حكمه وشرعنته. ويقول أتباع "السمانية" عن "الطيب بن البشير": "مكث سيدي القطب في الحضرة السمانية سبع سنوات مستزيداً من علم الأصول، مسترشداً في علم الوصول ثم أجازه شيخه السمان شيخاً ومرشداً في الطريقة السمانية، وبشره بمقام القطبية ومرتبة الغوثية"، وإلى جانب هذا الوصف ينشدون فيه شعرا يحيطه بمزيد من هالة "القدسية"، ومهنا قولهم: الكامل الغوث الأجلّ المنتقى/ الزاهد الورع الإمام الأوحد.. فلكم أمد وكم أغاث وكم هدى/ قوماً إلى نهج الصواب الأرشد.. خصصت يا قطب الهدى بخصائص/ معشارها في غيركم لم توجد. ويقال إن "السمانية الطيبية" تجمع 5 طرق في واحدة، وهي: القادرية، النقشبندية، الخلوتية، طريقة الأنفاس، طريقة الموافقة، وتعتمد الطريقتان الأخيرتان منهجا يبدو أشد غرابة، حيث إن طريقة الأنفاس تقضي بمصاحبة الذكر () لكل نفس يخرج الذاكر أو يدخله (كل شهيق وزفير)، أما طريقة الموافقة فتقوم على ما تعتبره موافقة عددية بين بعض أسماء الله الحسنى واسم الذاكر. وكان "جامع الشيخ عبدالكريم الرفاعي" من أوائل الجوامع في دمشق التي خرجت منها مظاهرات مناهضة للنظام، عمد الأخير إلى مواجهتها بجموع من الشبيحة. وعرف خطيب الجامع " الشيخ أسامة الرفاعي" بقوة ووضوح خطبه إبان اندلاع الثورة، حيث استخدم أسلوب التصريح برفض الظلم، شانه شأنه خطيب جامع "الحسن" في الميدان "الشيخ كريم راجح"، وقد دفع الاثنان ثمن مواقفهما تضييقا وتغليظا عليهما، حتى غادرا سوريا. وشهد "جامع الرفاعي" ليلة لا تنسى من ليالي الثورة ضد النظام، بالتزامن مع ليلة 27 من شهر رمضان من عام 1432 ه (الموافق 27-8-2011)، حيث أمّ الجامع عدد كبير من المصلين لأداء صلاة التراويح، وبعدها حصل ما يمكن تسميته "اعتصاما" مناهضا للنظام شاركت فيه الجموع الضخمة، فعمد النظام إلى الاعتداء عليهم بوحشية مقتحما بشبيحته ومخابراته الجامع، دون أن يقيم أي اعتبار لحرمة المكان ولا الزمان، فنجم عن ذلك اعتقالات وإصابات بالعشرات، ومن بينهم "الشيخ أسامة الرفاعي" الذي جرى نقله إلى المشفى لعلاجه. وفي "جامع زين العابدين" كان للنظام وخططه في "مسخ" دور المساجد بصمة واضحة لايمكن لعين أن تخطئها، عندما انبرت فرقة لـ"المدائح" وبمناسبة ما يدعونه "المولد النبوي" باستعراض مواهبها في العزف والغناء، وصدحت في جنبات بيت الله بأغنية شارة مسلسل "عناية مشددة"، ثم أغنية مسلسل "باب الحارة" مع بعض التعديل الطفيف عليها، لتتناسب مع توجيهات "القيادة الحكيمة"، مرجعة إلى الأذهان بعض أجواء الثمانينات الكئيبة والبائسة، عندما كان لازما على "جوقة الإنشاد الديني" أن تمجد "حافظ الأسد" في نفس المناسبة التي تمدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان من الطبيعي أن تسمع عند انتهاء "صلة الإنشاد" أو في وسطها مقطوعة من قبيل "وسلاما مع تحية لرئيس الجمهورية، ولتعيشي يا سوريا بالهناء طول الزمان". وعلى هذا النهج تقريبا مضى "المنشد" في جامع "زين العابدين" ورفع عقيرته: "الي بدو يتحدى هي سوريا مين أدا، في مين بيحمي الدار"، حتى وصل إلى الفقرة التي تقول: "عنا ناس زكرتية بالصبر بيتحلو بس العواينية لح ينهانو وينزلو"، ربما جهلا منه أو تغافلا بأن دمشق تحت سلطة الأسد باتت مرتعا للعواينية الذين يذلون أهل النخوة (الزكرتية)! .
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي