في لقاء ممجوج بالنفاق والتبجح عدة أسئلة طرحتها عليه صحيفة "صاحبة الجلالة" الموالية أجاب - البعثي القديم الذي يحمل الرقم 331 – كعادته وبنفس اللغة الخشبية عن ذكرياته وأحلامه وحاضره، وفي عنوانها وصفته الجريدة بأنه أقدم بعثي في العالم، والرجل الذي تربع على كرسي اتحاد الصحفيين أكثر من تربع سيده حافظ الأسد على كرسي القصر الجمهوري.
"صابر فلحوط" الذي ما زال يشغل منصب الرئيس الفخري لاتحاد الصحفيين السوريين أطنب في مديح نفسه عندما استذكر لقاءه مع جمال عبد الناصر في نادي "الجزيرة" بالقاهرة عام 1959، وألقى بين يديه قصيدة مطولة فهو أيضاً شاعر البعث والجبل.
أما الثانية والتي يعتبرها من أبرز محطات حياته هي إذاعته لبلاغات انقلاب الثامن من آذار عام 1963 من إذاعة حلب حيث كان يخدم بكلية الضباط.
أما عن القومية العربية فهي بالنسبة له فكرة أعظم وأهم من أن ينال منها الزمن والأحداث مهما تكن قاسية ورديئة وطاغية.. فللأمة العربية حضارة وأمجاد تستعصي على الذبول والفناء لأنها أمجاد أنبل أمة بين الأمم).
السؤال ألأهم الذي وجه إليه ويعكس تمسك هذا الرعيل من البعثيين بما تعلموه وصدروه من كذب هو لو لم تكن بعثيا ..ما هو الحزب الذي يمكن أن تنتمي إليه..؟...أجاب فلحوط: (لو لم أكن بعثيا لما انتسبت لغير البعث عقيدة وسلوكا وتوجيها ومسيرة نضالي)..وهو ينسى بالطبع كل جرائم البعث المستمرة بحق السوريين.
من ذاكرته الصحفية يقفز فلحوط إلى محطات مجده التي منحها إياه حافظ الأسد، ولذلك ما زال حتى وهو قد تجاوز الثمانين من عمره يردد مقولات الخداع التي كانت يطلقها الأسد كشعارات بينما على الأرض كانت الأفعال معاكسة: (ونحن في الطريق إلى مؤتمر مدريد عام 1990 بشأن القضية الفلسطينية كانت توجيهاته أنتم تمثلون الشعب العربي السوري بشرائحه كافة حاوروا وناقشوا واذكروا دوما أن هناك خطا أحمر يستحيل تجاوزه وهو التنازل عن ذرة واحدة من تراب فلسطين أو الجولان تحت أي شعار أو اعتبار).
يستذكر فلحوط لقاء الأسد وكلينتون على أنه قمة العروبة والوطنية مع أن الأسد ذبح من الفلسطينيين أكثر مما قتلوا على يد الصهاينة...يستذكر: (الرئيس الأمريكي بيل كلينتون التقى القائد الخالد في منتصف تسعينيات القرن الماضي وسأله سيادة الرئيس هل ما زلتم تقولون بعد اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو إن فلسطين هي الجزء الجنوبي من سورية..؟ فكان جواب القائد الخالد ..كل يوم نزداد نحن في سورية اقتناعا وإيمانا أن سورية هي الجزء الشمالي من فلسطين والقدس في وسطها).
في تعليقه على حال حزب البعث لم يقف فلحوط عند بطولات حزبه في صراعه مع الظلاميين كما أسماهم (الإخوان) بل تعدى ذلك إلى شتم الربيع العربي، ومتعامياً عن مئات الآلاف من الشهداء خلال سبع سنوات من الدم...فحزبه ما زال يرفض الهرم: (رغم الهزات والمصاعب التي واجهها في ستينيات القرن الماضي والحربين الضاريتين في مواجهة الفكر الظلامي "الاخونجي" في ثمانينيات القرن الماضي والربيع المشؤوم في الصراع مع الإرهاب التكفيري الوهابي الرجعي في العشرية الثانية من القرن الراهن).
السؤال ما قبل الأخير ربما يحمل إجابة عما يمكن أن يدور في خلد من يقرأ كم المديح والوفاء من "فلحوط" للأسد وللبعث، والمناصب التي استلمها كافية للبقاء منحنياً حتى في قربه...يعدد "فلحوط" مناصبه: (لقد كرمني الحزب بعدما استنفدت الإمكانات القانونية للبقاء في العمل رئيسا لاتحاد الصحفيين، ونائبا لرئيس اتحاد الصحفيين العرب وعضوا في اتحاد الكتاب العرب، ونائبا لرئيس اتحاد الصحفيين العالمي، وخبيرا إعلاميا في رئاسة الجمهورية، وعضوا في مجلس الشعب، ومديرا عاما للوكالة العربية السورية للأنباء سانا، وعضوا في اللجنة الشعبية العربية السورية العليا لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، ورئيسا للمركز العربي للدراسات الإعلامية ..فقد تشرفت حاليا بالعمل مستشارا في القيادة المركزية للحزب وهو منصب تشريفي أعتز به بعدما تجاوزت (الثمانين حولا لا أبا لك يسأم).
أما السؤال الذي يعبر عن فصام البعثيين ونفاقهم فهوعن اتحاد الصحفيين الذي حكمه "فلحوط" ما بين عامي 1971- 2006 ويظهر مدى العجز والمواربة: (لا أعتقد أن منظمة صحفية في العالم وبخاصة في العالم الثالث وصلت إلى ما تطمح إليه من حقوق وآمال لأن مهمة الصحفي الذي يعمل في الإعلام المكتوب أو المسموع أو الإلكتروني كشف المستور وإظهار "المخبوء" في حين الإدارات والحكومات كثيرا ما تخفي ما تعمل عن الرأي العام وأن مثل هذا الصراع قائم منذ وجدت الصحافة وسوف يبقى إلى يوم يبعثون).
لا مخبوء في جرائم البعث وآل الأسد..ولكن أمثال "فلحوط" هم رافعة الظلم الذي جعل من طغيان وهزائم البعث انتصارات تاريخية، وعدالة وصلت إلى أعناق السوريين حتى تاريخه.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية