أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكمة الأوراس تناديكم يا سيادة الرئيس ... حيدر بن دريهم

باتنة عاصمة الأوراس كانت أول محطة خلال حملتكم الانتخابية لتمديد سلطكم لعهدة ثالثة، كما كانت خلال التاريخ وخلال اندلاع الثورة التحريرية أول ولاية تفجر الثورة، وكم لم نعد نفتخر بهذا الإنجاز العظيم، وحلم أهلها بالتنمية والكرامة كما حلم الشهداء بالحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن هذه الحرية وهذه الكرامة بعد 05 سنة من الاستقلال لم يتميع بها كل المواطنين بطريقة عادلة ولا كل الولايات سواسية·

كم كانت دهشتنا كبيرة عندما نعتنا القاضي الأول للبلاد بالشاوية 'الشياتين'، وأخيرا بالشاوي الملهوف على 'أكل المقروط'، كما نعت سكان منطقة جرجرة والصومام 'بالأقزام' ومنطقة الجنوب 'بالفنيانين'· إن هذه الولاية التاريخية الأولى لها شياتين، مثلها مثل كل الولايات الذين يمثلون أقلية، ولكن هذه الولاية التاريخية أنجبت رموزا أبهروا الحلف الأطلسي· ولا نتزايد عنكم، وإنما للتذكير بأمثال أسد الثورة مصطفى بن بولعيد ومفكر الثورة العربي بن مهيدي وسي الحواس وعزيل عبد القادر وعباس لغرور وعلي النمر، وكثيرين من هذا الطراز، هذه المنطقة أنجبت الكاهنة وكسيلة والكثير ممن دافعوا عن هذا التراب منذ غزو الرومان· هذه الولاية أنجبت رجلا أصبح رئيس الجمهورية، وقدم استقالته ليسمح لكم أن تصبحوا رئيسا للجمهورية ولمدة ثلاث عهدات، وهو ما يبين أننا لسنا ملهوفين لا على الأكل ولا على الحكم· إنكم بالطبع قرأتم ابن خلدون، والمعنى التاريخي والاقتصادي لمصطلح 'الشاوية' الذي لا يعني سكان الأوراس الأشم فقط، بل كل الجزائر، وليس المعني المنعوت في الخطاب· إن سكان جبال الأوراس الشامخة لم يكتشفوا الجزائر بعد الاستقلال، بل بقوا مرتبطين بأرضهم، أرض الجزائر الأبدية· نحن لا نشك أبدا في حبكم للوطن ولكل متر مربع منه، ولهذا، نتمنى أن يكون هذا الشتم زلة لسان خلال حملة انتخابية، ويتدارك هذا الانزلاق بمشاريع اقتصادية حقيقية·
ننبهكم ياسيادة الرئيس أن هذه الولاية في زمن توزيع المشاريع بالملايير ومسح الديون المشبوهة بعشرات الملايير، قد برمج فيها سدين قبل العهدتين، الأول في تابقارت نفاوس والثاني في بوزينة· وبعد عشرية كاملة من حكمكم، وبعد صرف أكثر من 002 مليار دولار، لم يسعنا أن 'تتكرم' السلطة علينا ولو بالقليل لشرب الماء وسقي الأشجار·
هذه المنطقة يا سيادة الرئيس لم تتجرأ وتطلب إنجاز مشروع بحجم قصر المؤتمرات، ليكون الشرف للأوراس استقبال اجتماع الأوبك· هذه الولاية ياسيادة الرئيس لم تتجرأ وتطلب فندقا من طراز 'الشيراطون'، تستقبل فيه رؤساء الدول الأجنبية· هذه الولاية يا سيادة الرئيس، وبكل تواضع، تنتظر انطلاقة هذين السيدين التي لا تتعدى تكلفتهما مليار دينار، ولكن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ليس لها مثيل· إن هذه المنطقة تعاني من فقر مدقع وتهميش اقتصادي ليس له مثيل، سواء كان ذلك في خنشلة أو أم البواقي أو تبسة أو سوق أهراس· كم تمنيت من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم 'أعيانا' على هذه المنطقة وأوصياء عن 'الشاوية' والذين يتسابقون لإرضاء الرئيس وحاشيته، أن يتذكروا أن هذه المنطقة الولاية التاريخية الأولى والتي أصبحت من الولايات الأخيرة من الناحية التنموية والاقتصادية، هي في احتياجات كثيرة تعود بالخير على الجميع·
صبرنا منذ القديم، وعرفنا قيم المقاومة ضد الطبيعة وضد الغزاة والمستعمرين، وكيف لم نصمد ونقاوم العطش ونقص التنمية، ولكن لا نقبل أبدا أن تنبش كرامتنا وعزتنا التي لم نفقدها خلال التاريخ، كما لا نقبل أن تنبش كرامة أي منطقة أخرى· إن أوضاع منطقة الأوراس لا تختلف كثيرا عن أوضاع سكان القبائل والونشريس وجيجل وبني شقران وغيرها من معاقل الثورة التحريرية، التي أضحت اليوم تعيش التهميش وتحت وطأة البؤس واليأس· كيف تريدون من هؤلاء السكان أن يقتنعوا بالذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 9 أفريل، بعدما اكتشفوا طيلة سنوات الموت والبؤس والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والانتحار والحرفة وكل الآفات الاجتماعية التي تفكك المجتمع يوما بعد يوم· إن المعارضة لا تعني يا سيادة الرئيس خيانة، إن المعارضة ليست جريمة، إن المعارضة ليست كفرا سياسيا، إن المعارضة هي مرآة للسلطة تعكس لهذه السلطة نقائصها، وكم هي كثيرة· إن التنديد بالجرائم الاقتصادية والرشوة أصبحت واجبا وطنيا لا يجب السكوت عليه أبدا· أتمنى أن يتغلب العقل على العاطفة والكراهية، وتكونوا رئيسا لكل الشعب الذي يجمع شتاته ويكمد جراحه ويعدل بين أفراده ومناطقه، وتتحقق أمنية الشهداء بتعميم الحرية والرفاهية والعدل·
أتمنى لكم الصحة والهناء، وأن تكون هذه العهدة عهدة خير للمواطن والوطن·

نائب سابق عن ولاية باتنة
(98)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي