أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اسم ومسمى وتاريخ مهدور ... حسن بلال التل

قال السابقون ان في السفر سبعة فوائد اظن ان اهمها اكتساب علم جديد ، فمما عرفته من تجاربي السابقة مع السفر والترحال ان فيه علوما جديدة واطلاعا على اشياء كثيرة من عادات وتقاليد وتقاليع الشعوب، وقد منّ الله عليّ ان زرت عددا من البلدان المختلفة واطلعت على كثير مما بها، خصوصا ان من هواياتي في السفر ان (اضيع) في اي مدينة ازورها حيث اتعمد ان اترك نفسي لاتوه لساعات في شوارع هذه المدن واحيائها لاشاهد والتقط اكبر قدر ممكن من التجارب والمشاهدات الجديدة.
ومما شاهدت او مما احب ان اشاهد واتابع هو اسماء الشوارع والمناطق المختلفة، لأسباب عدة منها أنني أحب الجغرافيا وأحب أن أعرف المناطق ومسمياتها والاكثر لأنني احب التاريخ، وعموما فان أسماء المناطق وبالذات الشوارع والاحياء في مختلف بلاد العالم تحمل دلالات تاريخية ذات ارتباطات وثيقة بتاريخ هذه البلاد قديمه وحديثه، اما السبب الثالث والاهم فانه وكما أسلفت فان هوايتي أن اتوه وأضيع في شوارع بلاد غريبة لم اعرفها قبل ذلك، وبالتالي فإن لم أحفظ أسماء الشوارع والأماكن التي عبرتها فمن المحتمل جدا أن أتوه فعلا ولا أجد طريق العودة، واضطر كطفل تائه الى التوجه الى أقرب شرطي ليأخذني من يدي ويعيدني الى مسكني، وهذا ما اجد فيه حرجا خصوصا وأنني (طول بعرض).
وكما قلت فانني أجد في اسماء الشوارع والمناطق المختلفة درسا في التاريخ والجغرافيا وقد اكتسبت معلومات عدة واثرت تساؤلات كثيرة وانا ابحث واتساءل واتقصى عن الاسباب وراء هذه الاسماء، وادرس تاريخ تلك المسميات، وهذا الأمر قاعدة عامة وجدتها تنطبق على مختلف بقاع العالم ودوله من اوروبا الى افريقيا ومن العرب الى العجم، اللهم الا في الاردن ومدنه التي ليس لمعظم اسماء شوارعها ارتباط بأي شيء، وليس للكثير من اسماء مناطقها داع ولا معنى!!
فالسائر في شوارع عمان مثلا خصوصا بعد التنظيمات الاخيرة التي ابرزت اسماء الشوارع بشكل كبير، يكتشف حجم المأساة التي تعانيها عمان والعمانييون والمدن الاردنية عموما، حيث معظم الاسماء هي اما طلاسم من بطون الكتب ليس لها سبب ولا معنى او هي ذات ارتباط بأي شيء وكل شيء الا الاردن، او على الاغلب الاعم هي اسماء ليس لها ادنى مبرر.
فقد يتفهم الاردني أن تكون في بلاده شوارع بأسماء عواصم عربية أو اسلامية أو بأسماء رجال ونساء لعبوا أدوارا هامة أو مفصلية في تاريخ أوطانهم أو تاريخ الأمة، كما يمكن ان نتفهم ان يسمى شارع في عمان باسم قرية في الصين وقع فيها حدث تاريخي هام، على الرغم من أن أحدا لا يعاملنا بالمثل عموما.
لكن ما لا يمكن فهمه أو استيعابه أن تجد شوارع ومناطق تحمل أسماءا لمدن أو قرى أو اشخاص ليس لهم أي دور أو انجاز أو حتى موقع من التاريخ أو الجغرافيا!! وليسوا من الاردن في شيء لا من قريب أو بعيد، حتى اكاد اجزم أن القائمين على تسمية هذه الشوارع والمناطق أنفسهم لا يملكون أدنى سبب أو مبرر أو حجة وراء هذه التسميات سوى انها قفزت الى أذهانهم بداع أو دون داع، أو ربما لأن فلانا طلب أو علانا تواسط، فنجد شوارع بأسماء قرى هامشية وغير اردنية، واخرى بأسماء اشخاص لا نعلم عنهم شيئا وقد يكونون إمّعات ونكرات، واقسم أن في إحدى المدن الأردنية شارعا مسمى باسم شخص ليس له من التراث شيء سوى انه كان عميلا للانجليز أيام الانتداب على الاردن وفلسطين، وقد روي لي عن بعض رؤساء البلديات انه سمى شوارع ومناطق باسماء انسبائه واصدقائه.
تاريخنا الاردني يزدحم بالرجال الذين يحتاجون لمجلدات لكتابة تاريخهم، وجغرافيتنا اوسع من ان من تكفيها كل شوارع ومناطق وحارات الوطن من ادناه الى اقصاه، وبطون الاردنيات لم تجدب بعد عن انجاب من سيسطرون تاريخا جديدا مع تاريخنا التليد، ولدينا من الموروث العربي والاسلامي والتاريخ العالمي العريض معين زاخر يكفينا عقودا من الاسماء والمسميات، أفما يكفي كل هذا المسؤوليين عن المسميات من امانة عمان الى وزارة البلديات الى البلديات حتى ضاق بهم الحال واصبحنا نسمي شوارعنا بأسماء النكرات والامعات والجواسيس والقرى التي نسيها حتى ابناؤها؟؟!!
عجبي

(81)    هل أعجبتك المقالة (90)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي