أعادت حادثة دهس شابة في مدينة اللاذقية إلى الأذهان صورة إجرام شبيحة الأسد، وهي لا تكاد تغيب أصلا، وأحقية راكبي السيارات المفيّمة في قتل الناس دون حساب، وأثارت عاصفة من الغضب والسخرية بين صفوف الموالين والمعارضين على حد سواء من النظام ورجاله.
لم تحظ حياة الناس وأمنهم يوما باهتمام النظام وحاشيته، وكذلك مشاعرهم كانت وما تزال آخر هموم أبناء عائلة الأسدي الحاكمة، ومن يدور في فلكهم من المسؤولين وضباط الأمن.
ومع ازدياد أعداد الميليشيات التي أنشأها نظام الأسد منذ بداية الثورة لقمع المظاهرات وممارسة الترهيب على الشباب المعارض، امتهن أفرادها القتل دون رادع أو رقيب، واتخذت جرائمهم صيغا أخرى مع توقف المظاهرات، وانسحاب ميليشيات الشبيحة من الجبهات لانتهاء المعارك، تمثلت في الخطف والقتل المجاني غير المبرر والسرقة والعودة إلى ممارسة مهنة تهريب المخدرات والسلاح.
الأعداد المتزايدة من الميليشيات التي تنتشر في الشوارع والأزقة باتت كابوسا يلاحق الناس في الساحل السوري عبّر عنه المحامي "محمد – ع" بحديث لجريدة "زمان الوصل" فأشار إلى أن المحافظة تعيش حالة من الفلتان الأمني المنظّم، تهدف إلى إرهاب الناس وجعلهم يدمنون حالة الخوف من السطوة العسكرية والتشبيحية.
وأضاف "لا يمر أسبوع واحد دون حادث قتل أو خطف، هدفه تذكير الناس بجاهزية الشبيحة لزرع الرعب، وقدرتهم على بسط إجرامهم في المناطق التي يعتبرها نظام الأسد غير موالية له".
وقال إن الحادثة التي وقعت على كورنيش اللاذقية الجنوبي خير مثال "قتلٌ، ثم هروب باستخدام سيارة مفيّمة دون لوحات مرورية، مع العلم أن الجهات المالكة لمثل هذه السيارات معروفة، كما أن المسؤولين الذين يستخدمونها معلومون".
وأكد المحامي أنه في حال تمكنت الجهات الأمنية من تحديد الفاعل، فإن هذا يقوم بتكليف أحد التابعين المأجورين له بتحمل المسؤولية، ويتم إطلاق سراحه لاحقا عن طريق القضاء المأجور وبتعليمات من الجهة الأمنية التي كشفته.
*وقائع حادثة الدهس
سيارة مرسيدس مفيّمة دهست يوم الخميس الماضي شابة على الكورنيش الجنوبي في مدينة اللاذقية بطريقة استعراضية، تجعل المراقب يخمّن أنها مقصودة، وزاد الأمر سوءا أن السيارة تابعت سيرها دون أن يكلّف السائق نفسه الترجل أو حتى مجرد فتح نافذتها الزجاجية لمعرفة ما حلّ بالفتاة.
شاهد عيان على الحادثة وفي تصريح "زمان الوصل" وصف كيفية وقوع الحادث، فأشار إلى أن سيارة من نوع "مرسيدس" سوداء اللون، كانت تسير بسرعة كبيرة على الكورنيش ذهابا وإيابا، صدمت الفتاة التي كانت تقطع الشارع، ما أدى إلى وفاتها على الفور، ومضى السائق وتركه الجثة مرمية مضرجة بدمائها.
وأضاف الشاهد "كان بإمكان السائق تجنّبها لأنها كانت تعبر على ممر المشاة وكانت هناك مسافة كافية للتوقف أو المناورة بعيدا عنها، فالشارع في مكان الصدم واسع بما يكفي لذلك.
الحادثة ليست الوحيدة، وتتكرر بشكل شبه دائم، وقد حدثت في اليوم ذاته واقعة دهس لسيدة طاعنة في السن في حي "الرمل الشمالي" من قبل دراجة نارية يسمّونها "بطح" يمتطيها شاب يرتدي اللباس العسكري، ما أدى إلى وفاتها على الفور أيضا.
ولم يكتف القاتل بذلك بل توقف وشتم السيدة بصوت عال، ومضى دون أن يتجرأ أحد على الاقتراب منه بعد أن شهر بندقة آلية وأطلق عدة طلقات تحذيرية في الهواء لإرهاب المارّة الذين حاولوا إيقافه.
*استهجان وسخرية
كالعادة وعقب كل حداث مماثل يلجأ الموالون إلى وسائل التواص الاجتماعي للتعبير عن غضبهم الممزوج بالسخرية مما آلت إليه أحوالهم مع الفلتان الأمني الذي ترعاه مؤسسات الأسد الأمنية والتشبيحية.
كتب "فراس حسن " قائلا: "إن شاء الله صاحب السيارة ما يعرفا للبنت اللي اندعست ويروح يشتكي عليها"، أما "سميع القاضي" فبرر للمجرم عدم توقفه ساخرا بقوله "مقطوع من الغاز مستعجل يجيب جرّة".
وكتبت "أفياء جيكور" على صفحتها الشخصية على فيسبوك "دّهس شعب بالكامل، فهل توقفت المشكلة عند صبيّة، أعتقد إذا لم تجد السلطة حلا سيُدهس الباقون، ذئاب السيارات المفيّمة يعيثون إجراما، القادم أخطر، انتظروا".
ووصلت السخرية مما آلت إليه حالة الفلتان مداها في ما كتبته "آلاء صبوح" "الضحية هي المخطئة لأنها عبرت الطريق أمام سيارة مرسيدس، وكمان مفيمة"، وما كتبه "نشوان تويتي" أيضا "يا ريت تكون السيارة بخير كي لا تتطور القضية".
غضبٌ حدُه الأقصى منشورات صغيرة ساخرة، أما هذه الحوادث التي يرعاها نظام الأسد، وعانى أبناء مدينة اللاذقية الكثير وما يزالون، فهي في حالة تصاعدية، لا يملك السكان أمامها سوى القهر الصامت.
اللاذقية - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية