أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"قانون المفقود" صك براءة للأسد من المسؤولية عن آلاف المفقودين في سوريا

من درعا - جيتي

استبق نظام الأسد الضغط الدولي بشأن المعتقلين والمغيبين قسراً باعتبار كل من اختفى لمدة 4 سنوات في عداد الأموات.

وصرح مصدر قضائي تابع للنظام بأن أي شخص مفقود يُوفّى بعد مرور 4 سنوات على غيابه في العمليات الحربية، في حين أن الغائب لا يطبق عليه هذا الموضوع ما دامت حياته معروفة سواء بالشهود أم بغيرهم، بحسب ما ذكرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية المملوكة لرامي مخلوف.

ويأتي هذه التصريح بعد أن كثرت في الآونة الأخيرة طلبات توفية لمفقودين من قبل ذويهم، وأوضح المصدر أنه يوفى الشخص في اليوم التالي من مضي 4 سنوات على فقدانه من دون أن يُعلم عن وضعه شيئاً في الحالات الحربية أو المماثلة لها. 

وقال المحامي "سليمان نحيلي" لـ"زمان الوصل" إن قانون الأحوال الشخصية بحث في موضوع المفقود ووضع تعريفاً له وحدد الحالات التي ينتهي بها الفقدان.

وأضاف "القاعدة العامة تقول إن الفقدان ينتهي بعودة المفقود أو بموته أو بالحكم باعتباره ميتاً عند بلوغه الثمانين من العمر، ولهذه القاعدة استثناء وهو ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون الأحوال الشخصية، ويحكم بموت المفقود بسبب العمليات الحربية أو الحالات المماثلة المنصوص عليها في القوانين العسكرية النافذة والتي يغلب عليه فيها الهلاك، وذلك بعد أربع سنوات من تاريخ فقده".

وأوضح أن حالة اعتبار المفقود ميتاً بعد مرور هذه السنوات هي حالة منصوص عليها في القانون وليست من إنتاج النظام، وتشترط هذه المادة رفع دعوى من قبل ورثة المفقود أمام المحكمة الشرعية المختصة يطلبون فيها من المحكمة الحكم بموت مفقودهم بسبب هذه العمليات الحربية الدائرة في سوريا، والتي يمكن إثباتها بالشهود، ويقع على عاتق هؤلاء الورثة إثبات تاريخ فقده وإثبات مضي أربع سنوات على فقده.

لكن العلة -حسب نحيلي- ليست في نص القانون بل الموضوع قبل استلاب النظام للحكم في سوريا، ويكمن بيت القصيد في استغلال وتوظيف النظام الذي يملك كل مؤسسات البلاد بما في ذلك القضاء لنص المادة القانونية.

وتابع محدثنا أن العمليات الحربية في سوريا خلّفت فقدان ما يزيد عن 85 ألف شخص لازالوا أحياء في سجلات القيود المدنية، وترك هؤلاء الأشخاص عقارات وأموالاً وربما ترتبت عليهم حقوق إرثية وبالتالي لا يمكن لورثتهم توزع حصصهم الإرثية أو اقتسام الأموال قبل الحكم بوفاة مفقوديهم وعليهم اللجوء إلى المحكمة بدعوى الحكم بموت مورثهم المفقود.

وأشار "نحيلي" إلى أن رفع مثل هذه الدعوى من قبل ورثة المفقود يعتبر بمثابة "صك براءة" للنظام عن مسؤوليته عن زهق أرواح آلاف المفقودين في سوريا وهو يعفيه من الجواب على سؤال الجماهير والمنظمات الإنسانية حول مصير المفقودين. 

وناشد محدثنا أهالي المفقودين أن يمتنعوا عن رفع مثل هذه الدعاوى حفظاً لحقوقهم في المستقبل ولما تمثله من صك براءة للنظام ونقل لعبء إثبات مصير المفقودين من عاتق النظام الذي هو المسؤول الحقيقي عن فقدانهم إلى عاتق الورثة وهم بذلك يقدمون له خدمة جليلة.

وبدوره أشار القاضي والنائب العام السابق "محمد نور الحميدي" لـ"زمان الوصل" إلى أن المادة (202) أحوال شخصية عرفت المفقود بأنه "كل شخص لا تُعرف حياته أو موته ولا يعرف له مكان إقامة"، بينما نصت الماد 203 أحوال شخصية -كما يقول- على أنه يعتبر كالمفقود الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى مكان إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة وكيل عنه مدة أكثر من سنة.

وطالت بذلك مصالحه أو مصالح غيره، ويعتبر غائباً منْ حُكم بالسجن أكثر من ثلاث سنوات وذلك عملاً بالمادة (109) من قانون الأحوال الشخصية السوري.

ولفت "حميدي" إلى أن المادة (205) أحوال تنص على أن الفقد ينتهي بعودة المفقود أو موته واعتباره ميتاً عند بلوغه الثمانين سنة إذا لم يكن فقده بسبب عمليات حربية أو عمليات يغلب فيها الهلاك، فيجوز الحكم بموته بعد مرور أربع سنوات من تاريخ الفقد، لافتاً إلى أن القانون السوري أخذ بمذهب "أبو حنيفة" بهذا السياق، وبحسب المصدر فصّل القانون السوري في مفهوم الغائب حيث نصت المادة (203) من قانون الأحوال الشخصية السوري على أن الغائب هو "كل شخص منعته ظروفه القاهرة من الرجوع الى بلده وإدارة شؤونه بنفسه أو من خلال وكيل عنه مدة أكثر من سنة وتعطلت بذلك مصالحه ومصالح غيره، فإذا توفي له قريب يرثه وكأنه موجود ويحافظ القانون السوري على أملاكه وكأنه موجود ولا تسقط حقوقه لمجرد الغياب لحين ثبوته".

وعبّر "حميدي" عن اعتقاده بأن النظام ربط موضوع العمليات الحربية بالمفقودين من أجل أن ينتهي من موضوع بقائه على قيد الحياة ويعلن أن الشخص وبخاصة عناصره بحكم الميتين والتعجيل بموت الأشخاص المفقودين.

وأبان "حميدي" أن هناك مستحقات يدفعها النظام لعناصره طيلة فترة غيابهم وبخاصة في العمليات الحربية وإعلان موتهم من شأنه تقليص النفقات التي تترتب عليه طيلة هذه الفترة.

وأردف أن كلا المفقود والغائب -حسب القانون والقضاء- بحكم الموجودين، ومع ذلك إذا حكم بدعوى قضائية يمكن التنفيذ على أمواله، أما بالنسبة للحقوق المالية التي تترتب له أو عليه، فتبقى قائمة ويتحقق ذلك من خلال وكيل قضائي تعينه المحكمة بعد التأكد من أهليته، ما لم يكن الغائب قد سمى وكيلاً عنه من نفسه قبل غيابه".

وأكد "حميدي" أن "معالجة موضوع المفقود والغائب في القانون السوري جاءت خجولة للأسف ولم تتعد المواد المتعلقة به الثلاث مواد من كامل مواد القانون".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(186)    هل أعجبتك المقالة (229)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي