أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحديات إعلامية في مرحلة ما بعد حرب غزة ... أ.د. محمد اسحق الريفي

لماذا لا يتعامل المجتمع الدولي بجدية وإنصاف ووفق القانون الدولي مع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ويتعامل معها بانتقائية غريبة ويميل إلى غض الطرف عنها وإنكارها رغم أنها ملأت الدنيا وفاقت بشاعتها ووحشيتها كل وصف؟!

لقد استبشر الفلسطينيون خيراً عندما أقرت منظمات حقوقية إنسانية مثل منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن جيش الاحتلال الصهيوني ارتكب جريمة حرب بشعة عندما استخدام الفسفور الأبيض ضد المدنيين الفلسطينيين أثناء حرب غزة، إذ يُعد هذا الإقرار خطوة جيدة في الطريق الصحيح نحو تعامل الرأي العام العالمي بمصداقية وشفافية مع جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ولكن هناك جرائم أخرى مزمنة لا يلقي لها المجتمع الدولي بالاً مثل جريمة احتلال الأرض، والحصار، والعقاب الجماعي ضد غزة والضفة المحتلة، والتمييز العنصري ضد شعبنا الفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1948، وتشريد اللاجئين الفلسطينيين!ٍ!

ومن الظلم أن يجد الشعب الفلسطيني نفسه مضطراً لأن يبرهن للمجتمع الدولي المصاب بالعمى والصمم أنه ضحية لجرائم الاحتلال البشعة وعدوانه الوحشي المتواصل، ومن الظلم أن يُتهم الإعلامي الفلسطيني وهو يسعى لكشف جرائم الاحتلال وإطلاع العالم على حجم معاناة الشعب الفلسطيني بأنه غير حيادي ومتحيز للمقاومة الفلسطينية، ومن الظلم أن يصبح كشف الحقائق المتعلقة بجرائم الاحتلال الصهيوني ونشرها والدفاع عن المظلومين والمستضعفين جريمة يعاقب الاحتلال الصهيوني عليها الإعلاميين، ويمنعهم من القيام بواجبهم، ويقتلهم أحياناً كما حدث أثناء حرب غزة عندما استهدف جيش الاحتلال العديد من الصحفيين.

لقد فرضت حرب غزة تحديات كبيرة على الإعلاميين الفلسطينيين أثناء الحرب، حيث كان على الإعلامي الفلسطيني أن يواجه الرواية الرسمية الصهيونية حول الحرب وسير المعارك على الأرض وأن يتصدى للشائعات الصهيونية التي تستهدف معنويات الشعب الفلسطيني، وكان عليه كشف نقاط ضعف مجتمع الاحتلال الصهيوني وجبن الجنود الصهاينة وضعفهم وتخبط قياداتهم وعجزهم، وكان عليه مخاطبة الرأي العام العالمي والتواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية لنقل حقيقة الإجرام والعدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تفعيل العمقين العربي والإسلامي الاستراتيجيين للقضية الفلسطينية.

أما في مرحلة ما بعد الحرب، فقد ازدادت مسؤوليات الإعلاميين الفلسطينيين تجاه شعبهم كماً ونوعاً، وكبرت التحديات التي تواجههم في طريق أداء رسالتهم الإعلامية، ولا سيما مع تفاقم المعاناة الإنسانية لأهل غزة الناتجة عن استمرار الحصار الظالم الذي يمنع إعادة إعمار غزة وما يؤدي إليه ذلك من مشاكل اجتماعية خطيرة. وما يزيد من عِظم التحديات والمسؤوليات أن الإعلام الصهيوني بدأ بتنفيذ خطة إعلامية خبيثة تهدف إلى صرف أنظار الرأي العام العالمي عن جرائم جيش الاحتلال في غزة والضفة المحتلة وتداعيات الدمار الهائل الذي ألحقه بغزة وحصاره الظالم لها، وذلك بالحديث عن أخلاقيات الجندي الصهيوني الإنسانية!! إضافة إلى إعفاء قادة جيش الاحتلال من مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة.

وفي يوم دراسي عقد أول من أمس في فندق القدس الدولي بغزة بعنوان "الحرب على غزة.. التجربة الشخصية وفلسفة الأداء الإعلامي" بحضور نخبة من الصحفيين والإعلاميين ومراسلي وسائل إعلام عربية وأجنبية، أكد المشاركون على ضرورة إنشاء مؤسسة إعلامية رسمية فلسطينية لمراقبة الإعلام الصهيوني ومواجهة الرواية الصهيونية المشوهة التي تقوم على الانتقائية والتغطية غير المتوازنة للأحداث وتزييف الحقائق وافتراء الأكاذيب. كما أكد المشاركون على ضرورة تدعيم الخبر بالصورة التي تبرز المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني وباقتباسات من أقوال قادة الكيان الصهيوني التي تدعو إلى إبادة الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه فلسطين، وعلى ضرورة مخاطبة الرأي العام العالمي بطريقها يفهمها.

ولا شك أن الإعلام الفلسطيني "المقاوم" حقق نجاحاً كبيراً في نقل معاناة شعبنا وكشف جرائم الاحتلال الصهيوني وإقناع العالم بتبني الرواية الفلسطينية للحرب، وهنا نسأل عن دور الإعلام العربي في هذه المرحلة الحاسمة التي تتسم بضراوة المعركة الإعلامية!!

27/3/2009

(99)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي