وصف مسؤول بارز في الأمانة السورية للتنمية التي تترأسها "أسماء الأسد".. وصف إدراج شخصيتي "كراكوز" و"عيوظ" على قائمة التراث الأممي بأنه "نصر كبير لسوريا"، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام النظام.
فقد أصدر "الأمين العام للأمانة السورية للتنمية" فارس كلاس بيانا صحفيا، قال فيه بالحرف الواحد: "في ضوء ما شهدته بلدنا في السنوات الأخيرة فإن إدراج العنصر اليوم هو نصر كبير لسورية واعتراف بالتراث الثقافي السوري العميق ويعكس التزامنا بصون تراثنا وإغنائه للأجيال المقبلة".
وجاء البيان عقب قيام "اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بإدراج "عنصر مسرح خيال الظل من سوريا على قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل".
وقالت اللجنة في تفسير قرارها إن "مسرح الظل هو فن تقليدي يتكون من دمى مصنوعة يدويا تتحرك خلف ستارة شفافة رقيقة أو شاشة داخل مسرح مظلم"، موضحة أن "نص مسرحية الظل يدور حول الانتقادات الاجتماعية الفكاهية - مستخدمًا عناصر من الشعر والنثر والغناء والموسيقى، ويستخدم الهجاء لنقل القصص بين شخصيتين رئيسيتين هما كراكوز الساذج وصديقه الذكي عيواظ".
واللافت في تصريح "كلاس" إنه لم ينطو فقط على وصف الحدث بشكل مثير للشفقة (نصر كبير)، بل احتوى على مغالطتين أساسيتين، أولها اعتبار الإدراج مؤشرا على "التزام" نظام الأسد بـ"صون تراثنا وإغنائه للأجيال المقبلة"، وثانيهما تجاهل الأصل الحقيقي لمسرح خيال الظل، والعائد إلى الدولة العثمانية، وتحديدا شخصيتي "كراكوز" (العين السوداء) و"عيواظ" (المحرفة عن لفظة هاجي أفاز أي حجي عوض).

فلو كان هذا "التراث" محميا ويحظى بعناية نظام الأسد، حسب زعم "كلاس" لما اضطرت "يونكسو" لإطلاق مشروع "الصون العاجل للتراث السوري"، الذي تعرفه بأنه مشروع يهدف "لوقف الخسائر المستمرة التي يتعرض لها التراث الثقافي ولإعداد الأنشطة ذات الأولوية الواجب القيام بها"، علما أن هذا المشروع ليس ممولا من النظام ولا حتى من "يونسكو"، بل هو مموَّل من الاتحاد الأوروبي، الذي يعده الأسد شريكا في "المؤامرة الكونية".
أما الاحتفاء بكون "كراكوز" و"عيوظ" جزءا من التراث السوري، ففيه مغالطة تناقض كل تاريخ هاتين الشخصيتين اللتين تعودان إلى عصر الدولة العثمانية، الموصوفة في قواميس النظام بأنها "قوة احتلال".
ومع كل ذلك، فإن الطامة الكبرى التي أغلفها "كلاس" في حديثه عن "النصر الكبير" الذي تحقق عبر الاعتراف بأهمية "كراكوز" و"عيواظ"، فهي أن أكثر من سعى لطمس هاتين الشخصيتين وكل من يشابههما من شخصيات فكاهية انتقادية، هو نظام الأسد الذي لا يرى في النقد سوى جريمة "توهن نفسية الأمة" وتنال من "الروح الوطنية"، ولهذا فقد تحولت هاتين الشخصيتين إلى نسي منسي، بعد أن كانتا شعبيتين بامتياز، وصارت عروض "كراكوز" و"عيوظ" –إن تمت- تجري حصرا تحت أعين مخابرات النظام وعلى مقاس أفكار "الأب القائد والحزب العظيم".
وفي الختام فقد يكون "كلاس" و"أمانته" التي ترأسها أسماء الأخرس و"يونسكو".. قد يكونوا كلهم نسوا اسم الفنان السوري "زكي كورديلو"، الذي غيبه بشار الأسد منذ سنوات، والذي هو للمفارقة (أي الفنان كورديلو) من أشهر من قدم وعمل على فن خيال الظل في سوريا، فمع أول بادرة نقد حقيقية سارعت مخابرات النظام لتطبيق برنامج "الصون العاجل" بحقه، فأدخلته سجونها الرهيبة تأكيدا على "احترام النظام لقيم الحرية والنقد والفن الهادف".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية