أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعد "صرماية" غوار.. من هو الشخص الذي ظهر جاثيا عندي قدمي بشار وزوجته؟

يبدو أن "حمدي" الذي صمت "دهر" الثورة كله، اختار أن يعبر بالسلوك عن حقيقة موقفه من النظام

عندما ظهرت، مؤخرا، صور حديثة لبشار الأسد وزوجته وهما في عزاء زوج "نجاح العطار"، كان من المفترض أن تكون الأنظار منصبة على "فاروق الشرع" كونه يظهر لأول مرة ومنذ سنوات طويلة في لقطة واحدة مع بشار، حيث كان جالسا بقربه وإن لم يكن ملاصقا له.

لكن ما حدث أن أنظار كثريين انجذبت نحو ذلك الشخص الجاثي عند قدمي بشار، متسائلين عمن يكون هذا الذي يذكّر تصرفه بصور العبيد أمام السادة، ويستدعي عهدا يفترض أنه ولى وانقضى.

ومما زاد حيرة المشمئزين من الصورة، أن الرجل الراكع عند قدمي بشار لم تظهر اللقطة أي معلم من معالم وجهه، ما جعل البعض يذهبون في تكهناتهم كل مذهب، فمنهم من توقع أن الرجل ليس سوى شخصا ممن يصبون القهوة في مجلس العزاء، وقد وجد فرصته بلقاء بشار ليطلب منه بتزلف مقيت بعض الطلبات، ومنهم من رأى أن الشخص لابد أن يكون من طاقم الحراسة الخاص ببشار، وهؤلاء اعتادوا على هذه المواقف المهينة حتى صارت جزءا من شخصيتهم، بل باتت مدعاة لتفاخرهم بين الناس، ما داموا ضمن "مرافقة المعلم".

ولكن الذي تبين لاحقا، أن الرجل الجاثي أمام بشار ليس سوى المغني "نعيم حمدي"، الذي قدم نموذجا آخر من نماذج الانبطاح والمهانة، دون أن يعبأ على أقل تقدير بكبر سنه الذي يجعله في مرتبة والد بشار.

و"نعيم حمدي"، لمن لم يعش أيامه، مطرب من المطربين الذي طفوا على السطح في أسوأ سنوات سوريا خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، والذين صدرهم إعلام حافظ الأسد بوصفهم "نجوما"، مستفيدا من الانغلاق الذي كان يلف سوريا، ومن المشهد الإعلامي المهترئ الذي كانت تختصره "غصب1" و"غصب2" كناية عن القناتين اللتين كانتا "خيار" السوري الوحيد والمرير لمتابعة كل أحوال سوريا والعالم.

ومن شدة "نجومية" نعيم حمدي، فقد عُهد إليه من بين كل مطربي تلك الأيام بأداء أغنية "دورة ألعاب المتوسط" عام 1987، التي اهتم بها حافظ الأسد أيما اهتمام في سبيل تلميع نفسه خارجيا، وأنفق عليها أموالا طائلة، بينما كان عامة الشعب يتعاركون أمام صالات المؤسسات الاستهلاكية للظفر ببعض السكر أو الشاي أو السمن، أو حتى بعلبة محارم.

ويومها غنى "حمدي" جزءا من أغنية "ألعاب المتوسط" بلكنة إنجليزية وأخرى فرنسية مثيرة للسخرية والشفقة، ولكنه مع ذلك بقي في قاموس إعلام الأسد "نجما"، بل إنه صار صاحب لقب "مطرب اللغات" بعد أن أدى بعض الأغاني بالكورية والهندية، وبنفس طريقته الباهتة والمضحكة.

ومنذ تسعينات القرن الفائت خفت ظهور "حمدي" إلى درجة الانطفاء، حتى ظنه الناس أنه مات أو غادر البلاد، لكن الرجل الذي يفوق عمره 75 عاما، عاد قبل سنة (عام 2017) ليؤدي وبنفس أسلوبه "الفقير"، أغنية عن "سوريا الحضارة" باللغة الإنجليزية، وكأن الرجل ما زال يعيش في كهف ثمانينات القرن الماضي ولم يخرج منه.

ولم يكف "حمدي" تواضع أدائه للأغنية ولا طريقة مونتاجها وإخراجها التي تكدس عليها غبار السنين، بل إن أرفقها بصور تدعو للاكتئاب، وهو يكرر عبارة "سوريا الحضارة"، ومنها صورة "مجمع يلبغا" الذي يستحق لقب أكثر أبنية العالم بشاعة، وأبطئها تنفيذا، حيث لما يزل منتصبا "على العظم" منذ عشرات السنين كشبح أسود مرعب في وسط دمشق.

وقبل نحو شهرين، قال "حمدي" إنه يستعد لإطلاق أغنية باللغة الروسية سيهديها إلى "الشعب والقيادة الروسيين عرفانا بالجميل لما قدموه من تضحيات".

وطوال السنوات لم ينقل عن "حمدي" تعليق أو تصريح يخص موقفه من بشار الأسد وجرائمه، باستثناء مكالمة هاتفية أجرتها معه الناشطة "ميسون بيرقدار"، وعرفت في أولها عن نفسها بوصفها معارضة للأسد، وتكلمت مع "حمدي" بكل هدوء، لكن "حمدي" هاجمها وخونها وأتهمها بـ"الدعشنة" مع كل المعارضين، ونفى مسؤولية بشار عما يحدث.

ويبدو أن "حمدي" الذي صمت "دهر" الثورة كله، اختار أن يعبر بالسلوك عن حقيقة موقفه من النظام، ليجثو -عمليا- بين "صرامي" بشار وزوجته، في الوقت الذي كان كبير ممثلي النظام يصرح أنه "صرماية" الوطن! 

زمان الوصل
(444)    هل أعجبتك المقالة (340)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي