لا يمكن أن يكون يوماً عادياً، وهذه الجمعة السوداء سيكون لها أثر كبير على مسار الثورة التي بدأ بنهشها دعاة الردة والظلام، وهؤلاء هم بعينهم الذين بات يعرفهم جل السوريين، وإن أخفوا وجوههم القبيحة خلف لثام.
على أبناء الثورة وهم القلة المخلصة في هذا الطريق الصعب أن يعلنوا براءتهم من أي راية أو فكرة أو أشخاص ينتمون إلى خارج فكرة الخلاص من القتلة والمستبدين والظلاميين وإلا فعلى الثورة السلام.
استهداف رائد وحمود ليست أمراً طارئاً، وليست أمراً فردياً أو من مجموعة أو تنظيم بعينه، ولكنها إرادة قد اتخذ منفذوها قرارهم بتصفية أي رمز وطني ينسف فكرة الثورة، وهؤلاء يريدون أن يقولوا للعالم إن ما حصل في سوريا على مدار هذه السنوات ليست سوى مؤامرة إسلامية إرهابية أرادت أن تنال من (الدولة)، وسواها فقط هم عابرون وقتلة.
لذلك من قتل رائد وحمود هم أولاً من تراجعوا عن الثورة كرمى لنزعاتهم الشخصية، وباتوا يتصارعون على مناصب العار والمال، وهؤلاء هم أبناؤها الذين عقّوها في لحظة اعتقدوا أنها في الرمق الأخير وعليهم أن ينالوا ما يستحقون من إرثها، ولهذا صفعهم استشهاد رائد وحمود وهرعوا إلى نشر (البوستات) الغبية بعد أن ساهموا بتقهقرهم في هذه الجريمة.
ساسة وإعلاميو الثورة أول المساهمين في هذا الموت الغدر، وعليهم أن يعلنوا إخلاصهم فقط لسوريا التي هتفت في 2011 للحرية والكرامة، وهذه الأخيرة (الكرامة) هي رافعة أي حلم بالخلاص والإنعتاق من سطوة نظام القتل.
الانتهازيون والتجار وأنصاف الشبيحة والمارقون هم أيضاً من قتلوا حلم السوريين الذي طالما حمله رائد في لافتات البساطة والذكاء ونبذ التطرف، ولذلك تم اختراقهم وجندتهم أجهزة النظام، وأجهزة أصحاب المصالح من الدول الفاعلة ليمارسوا أفعال النظام في المناطق المحررة، وصاروا هم جيوب النظام وخلاياه النائمة.
العرب الذين بدلوا بوصلتهم باتجاه مصالحهم، وتخلوا عن دعم الثورة في أبسط أشكال الدعم، وبدأت وفودهم بالذهاب إلى قصر المهاجرين، ويمارسون كل أنواع الإذلال بحق اللاجئين السوريين على أراضيهم..إما الذل وأما الأسد.
العرب الملونون أيضاً هم قتلة رائد وحمود...يبتسمون للثورة والتغيير، ويضعون السكين على رقاب أبنائها، إما التهليل لنا أو نترككم للريح الصفراء القادمة.
العالم ألأخرق بمبادئه ومؤسساته، ومنظماته الكاذبة التي اعتاشت على الدم السوري طيل سنوات المذبحة...العالم الذاهب إلى خرابه الأخلاقي في كل بقاع الدم والموت التي تعم الأرض دون أن يحرك ساكناً، ويرى في الموت استثماراً، وفي الخراب مشاريع للربح.
إن لم تحرك هذه المجزرة فينا ما فقدناه فلا عودة لنا لهتافنا ألأول، وما حصل اليوم هو إطلاق النار على بساطتنا وحريتنا ومدنيتنا...هو إعلان صارخ للسواد أنه قادم لا محالة ليقتل فينا كل من تجرأ على الصراخ في عتمة المرحلة.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية