أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إعادة إعمار التعليم في غزة ... أ.د. محمد اسحق الريفي

تعرض قطاع التعليم في غزة لأضرار بالغة خلال الحرب الصهيونية على غزة، حيث استهدف العدو الصهيوني المدارس والجامعات ضمن عملية منظمة تهدف إلى تدمير العملية التعليمية وتجهيل الجيل الفلسطيني الناشئ وتحطيم معنوياته، ما يستدعي اهتماماً بالغاً بظروف التعليم والحالة النفسية للطالب الغزي من أجل إنقاذ العملية التعليمية في غزة.

ولم يقتصر الاستهداف الصهيوني لقطاع التعليم في غزة على تدمير عدد كبير من المدارس وعدد من الجامعات وخصوصاً الجامعة الإسلامية بغزة، فقد شمل ذلك الاستهداف الطالب الغزي نفسه في معنوياته وإرادته وطموحه ونظرته للحياة والعالم. وهناك إحصائيات مخيفة في هذا الصدد، فقد قتل جيش الاحتلال الصهيوني أثناء عدوانه الواسع على غزة أكثر من 164 طالباً و12 معلماً، وأصاب نحو 500 طالباً بجروح وإصابات متنوعة ومتفاوتة، إضافة إلى أنه دمر 50 مدرسة تدميراً كاملاً، وأصاب نحو 550 مدرسة أخرى وعدداً من الجامعات بأضرار متفاوتة، ما تسبب في أزمة تعليمة خانقة، وانعكس ذلك سلباً على معنويات الطلاب وقدرتهم على التحصيل الدراسي، وألحق إضراراً كبيرة بجميع جوانب العملية التعليمية.

فقد أشارت إحصائيات وكالة الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ثلث الطلاب في المدارس التي ترعاها الوكالة في غزة الذين بلغ عددهم نحو 200 ألف طالب يواجهون صعوبات في القراءة والكتابة، وأن أكثر من ثلثي هؤلاء الطلاب رسبوا في امتحانات الحساب. أما في المدارس الحكومية، فقد تدنى مستوى التحصيل الدراسي والتعليم إلى مستويات رديئة تبعث على القلق الشديد وتحذر من تدهور قطاع التعليم في غزة. وهذا مؤشر خطير يستدعي سرعة التحرك على كافة الأصعدة لإنقاذ الجيل الفلسطيني الناشئ من المخطط الصهيوني الرامي إلى تجهيله وطمس هويته الوطنية والدينية، وذلك في إطار سعي العدو الصهيوني لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.

ومن أهم أسباب مشكلة تدني التحصيل التعليمي في المدارس والجامعات المشاكل الاجتماعية والنفسية التي خلفها العدوان الصهيوني على غزة خلال الحرب الأخيرة على غزة وما سبقها من عدوان صهيوني متواصل على شعبنا الفلسطيني، إضافة إلى استمرار العنف الصهيوني ضد المواطنين الفلسطينيين والحصار المفروض على غزة وما يؤدي إليه ذلك من تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية في المجتمع الغزي. ولا شك أن صمت المجتمع الدولي على الجرائم الصهيونية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني يشكك في مصداقية المجتمع الدولي وقيمه الهابطة وشعاراته الزائفة، ما يؤثر بطريقة سلبية على نظرة الطالب الفلسطيني إلى الحياة والعالم من حوله، ويدفع الطفل الفلسطيني إلى تمجيد قيمة القوة العسكرية في مواجهة الإجرام الصهيوني وظلم المجتمع الدولي.

ومما لا شك فيه أن العدو الصهيوني كان يرقب ببالغ الاهتمام والخوف المخيمات الصيفية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والبرامج والأنشطة الأخرى في غزة التي تعزز الهوية الوطنية والدينية لدى المواطن الفلسطيني وتكسبه مناعة قوية ضد حملات التجهيل والتفريغ الثقافي، ولا سيما أن هذه الأنشطة تستقطب معظم الطلاب في مدارس غزة وجامعاتها والذين يشكلون أكثر من ثلث الغزيين، وهذا ما أقلق العدو الصهيوني ودفعه للانتقام من الطلاب، لأنه يدرك أن نجاح مخططاته العدوانية ضد شعبنا لن تنجح إلى بتدمير ثقافة الجيل الفلسطيني الناشئ، وتجهيله، ونشر الفوضى والانفلات الأخلاقي في المجتمع الغزي.
لقد أصبح من الواضح أن غزة باتت شوكة في حلق العدو الصهيوني، وعقبة كأداء في طريق مخططاته الشيطانية، وتهديداً استراتيجياً له، ولهذا فإن للعملية التعليمية أثرها البالغ على نتيجة الصراع مع الصهاينة على كسب الجيل الفلسطيني الناشئ، فهي صمام الأمان المحافظ على وجود شعبنا. وقد أدرك أعداء شعبنا هذه الحقيقة فأعدوا العدة ووضعوا الخطط والبرامج المكثفة لتجهيل هذا الجيل وتدجينه وإحباطه. ولذلك لا بد من بذل الجهود على كل المستويات والأصعدة لمواجهة المخططات الصهيوني عبر حشد الدعم العربي والإسلامي والعالمي لإعادة إعمار التعليم وإنقاذ العملية التعليمية في غزة.

22/3/2009

(104)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي