فوجئ أهالي مدينة "الرحيبة" في منطقة "القلمون" الشرقي بريف "دمشق"، قبل نحو يومين، بتعميمٍ وجه إليهم من مديرية "الأوقاف" في شعبة "القطيفة"، بضرورة حضور أصحاب الأراضي في الأجزاء الشرقية من المدينة، برفقة عوائلهم، لمقابلة لجنة حكومية مهمتها تحديد ملكية الأراضي في تلك المناطق.
في هذا الشأن قال "عمر عبد الكريم" أحد أبناء مدينة الرحيبة" في تصريح خاص لصحيفة "زمان الوصل" إن التعميم هو استكمال لقرار جرت مناقشته طوال الشهر الماضي، في أروِقَة ومكاتب كلٍ من وزارتي "الأوقاف" و"الزراعة" وينص على استملاك الأراضي الأميرية في مدينة "الرحيبة"، إضافةً إلى الأراضي الواقعة في الحدود الإقليمية للمدينة التي تقع خارج الحدود التنظيمية.
وأضاف "شمل القرار الأراضي التي تمتد من أطراف منطقة (الزور) الشمالية حتى طريق (الملعب) العرضي، ومنها إلى وادي (مقيص) وصولاً إلى طريق (الضمير) الذي يربط الأخيرة بمدينة (الرحيبة)، ونص على ضرورة حضور أصحاب الأراضي شخصياً لإثبات مليكة عقاراتهم".
وأوضح أن هذا القرار خلف موجة غضب واستياء عارمين بين أبناء مدينة "الرحيبة"، لأنه سيجعل من جميع الأراضي أملاك دولة، وبالتالي ستتم مطالبة أصحاب "الأحواش" والمصالح الأخرى فيها بتراخيص صادرة عن حكومة النظام للسماح لهم بمتابعة نشاطهم المعتاد سواء التجاري، أم الصناعي والزراعي منها.
وأشار "عبد الكريم" إلى أن لدى "الأوقاف" خطة يجري إعدادها لتأجير الأراضي "المستملكة" لأهالي مدينة "الرحيبة"، وذلك مقابل أجور مالية سنوية، تختلف قيمتها من مكانٍ إلى آخر، وتتراوح بين (100- 200) ألف ليرة سورية للدونم الواحد، حسب نوع المصلحة المقامة على الأرض ومرودها المادي.
توجب على عشرات العوائل من أبناء مدينة "الرحيبة" انتظار اللجنة الحكومية التي زعمت شعبة الأوقاف في مدينة "القطيفة" إرسالها إلى المنطقة، أول أمس السبت، بهدف إجراء كشف دقيق وشامل على الأراضي هناك لكونها ستصبح أملاك "دولة" في حال عدم إثبات ملكيتها من قبل أصحابها، إلا أن اللجنة لم تحضر.
*ماذا وراء القرار؟
بدوره وصف "عبد الله مسعود" أحد المتضررين من قرار الاستملاك بأنه متسرع ولا يراعي حقوق أبناء مدينة "الرحيبة" في ممتلكاتهم، بعد سنوات طويلة من التعب والجهد المضني في تحويل تلك الأراضي إلى منشآت استثمارية متنوعة ومنتجة لأصحابها.
وأضاف لـ"زمان الوصل" قائلاً "تعتبر المناطق المطروحة في قرار الاستملاك أحد أبرز القوى الاقتصادية في منطقة (القلمون) الشرقي، لكونها تضم المئات من أحواش تربية وتسمين المواشي، فضلاً عن وجود عددٍ لا بأس به من المداجن، ومناشر الرخام وجواريش الأعلاف وهي برمتها منشآت اقتصادية تشكل دخلاً رئيسياً لأصحابها وللعاملين فيها من أبناء المدينة على حدٍ سواء".
وتساءل "مسعود" بالقول "لماذا انتظرت الحكومة كل هذه السنوات لتأتي وتخبرنا بأن لا ملكية لأحد بهذه الأراضي، مع العلم أننا ورثنا ملكيتها (دون طابو) عن آبائنا وعملنا جاهدين خلال العقود الماضية على إنشاء مهن زراعية وتجارية فيها دون أي اعتراض من الجهات الحكومية؟".
وحمّل قسمٌ كبير من أهالي مدينة "الرحيبة"، المسؤولية في حماية ممتلكاتهم للمجلس البلدي للمدينة، إذ طالبوه بأن يتحرك بشكلٍ جاد بالتنسيق مع "الوحدة الارشادية الزراعية" للدفاع عن حقوقهم، والعمل على تطويب وتمليك الأراضي بأسماء أصحابها الحاليين قبل فوات الأوان.
إلى ذلك أكدّ مصدرّ محلي في منطقة "القلمون" الشرقي، أن قرار استملاك الأراضي الواقعة في الأجزاء الشرقية من مدينة "الرحيبة"، هو قرار قديم لكنه كان قيد التأجيل نتيجة الظروف الأمنية التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة الماضية.
ووفقاً لما أشار إليه المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية فإن "الأوقاف" تريد استثمار تلك الأراضي عبر تأجيرها بعقود سنوية لأهالي "الرحيبة"، وسط أنباء غير مؤكدّة حتى اللحظة عن وجود مخططات أخرى لدى النظام لإقامة تجمع سكني صغير فيها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية