في إحدى غرف مشفى "الشرانيرز Shriners" بالولايات الأمريكية المتحدة وعلى أحد أسرته المعدنية يجلس الطفل "موسى"، وهو يلهو بدمية قماشية انتظاراً لخضوعه لعملية دقيقة لحروقه المستعصية على العلاج، وكان موسى ذو السنوات الست قد تعرض لشظايا برميل متفجر أدت لذوبان يديه من الحروق وتحولهما إلى كتلة لحمية عديمة الملامح وهو أحد ضحايا الحرب من الأطفال ممن تبنت مساعدتهم وعلاجهم مؤسسة الأطفال المحروقين الإغاثية (Burnt Children Relief Foundation) التي أسسها المغتربان السوريان "سوزان بعاج" و"سعيد مجتهد" في عام 2012 لمساعدة اللاجئين بشكل عام، وفي عام 2014 تبنت المؤسسة مشروع الأطفال المحروقين، ومنذ ذلك الحين تم علاج 22 طفلاً تمكنوا من الحصول على نسبة شفاء تجاوزت 80 % كما تؤكد "سوزان بعاج" لـ"زمان الوصل"، مضيفة أن المؤسسة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها تهتم بعلاج حالات الحروق المستعصية على العلاج في الشرق الأوسط ومن الدرجة 3 أو 3 وليست الحالات التجميلية.
وحول آلية التواصل مع الأطفال المصابين واستجلابهم للعلاج أوضحت محدثتنا أن التواصل يتم عن طريق دار الاستشفاء في "الريحانية" بالتنسيق مع المحامي "ياسر السيد" ومن ثم التواصل مع الخارجية التركية والخارجية الأميركية، حيث يتم تقديم تسهيلات من هاتين الدولتين للأطفال المحروقين نظراً لأن معظمهم لا يملكون جوازات سفر ويتولى مشفى الشرانيرز في مدينة "هيوستن" بولاية "تكساس" الأمريكية تقديم العلاج بشكل مجاني، فيما تقوم الجمعية بتغطية جميع نفقات السفر والإقامة خلال فترة العلاج.
ولفتت محدثتنا إلى أن لدى الجمعية مركزين أحدهما في "تكساس" والثاني في "كاليفورنيا".
في بهو المشفى يجلس الطفل "يزن" الذي فقد النطق جراء تعرضه لحروق خطيرة في أنحاء مختلفة من جسده وبات لا يستطيع التنفس إلا من خلال ثقب برقبته كما فقد القدرة على الوقوف على رجليه لمدة طويلة ويقوم مجموعة من الاختصاصيين بدراسة حالته وحالة موسى، وإلى جانبهما يبدو الطفلان عبد الله 10 سنوات من ريف حلب وأنور 7 سنوات من دير الزور اللذان أصيبا جراء احتراق الوقود المستخدم في المدفأة التي كانا يجلسان حولها، ما أدى لإصابتهما بحروق خطيرة جداً أدت إلى تشوهات وبتر في بعض الأصابع وعاهات في الفم والرقبة.
ويحتاج الطفلان إلى مدة ستة أشهر لاستكمال العلاج قبل عودتهما إلى تركيا حيث تقيم عائلتهما، ويخضع الأطفال المصابون لفترة علاج فيزيائي ويتم إدخالهم إلى مدرسة ليستغلوا فترة وجودهم هنا كما يتم تنظيم رحلات ترفيهية لهم.
ولفتت "بعاج" إلى عدد من الصعوبات التي تواجه مساعدة الجمعية للأطفال المصابين ومنها تغير القوانين في كل من تركيا وأمريكا بشكل مستمر بالنسبة للاجئين السوريين، كما أن أغلب الأطفال الذين يتم استقدامهم للعلاج لا يملكون جوازات سفر ما يصعب المهمة، إضافة إلى شح الموارد حيث إن الجمعية تطوعية غير ربحية والتبرعات محدودة جداً، وتابعت أن طلبات العلاج كثيرة وليس لدى المؤسسة الإمكانيات المادية لاستقدام حالات أكثر.
وأشارت رئيسة مؤسسة الأطفال المحروقين الإغاثية وهي سورية مقيمة في أمريكا إلى أن مشفى "الشراينرز" يُعد من أكبر مراكز معالجة الحروق في العالم والأطباء فيه على كفاءة عالية جداً لذلك تم اختياره لعلاج الأطفال المحرقين من ضحايا الحرب مضيفة أن المشفى استقبل منذ أيام 4 أطفال مصابين جدد سيتم الكشف عن حالاتهم وإجراء العمليات اللازمة لهم.
وناشدت الناشطة السورية العالم أجمع أن يساعد الشعب السوري في محنته ويوقف معاناته التي شارفت على الـ 8 سنوات ودفع ثمنها الأطفال الأبرياء، وعلى المنظمات الدولية -كما تقول- أن تمد يد العون لأي برنامج بساعد أطفال سوريا إن كان في المجال الطبي أو التعليمي، مضيفة أن هؤلاء الأطفال هم مستقبل سوريا وإن لم نحمهم وننشئهم ونوجههم التوجه الصحيح فإن العواقب ستكون وخيمة ليس على السوريين فقط بل على العالم أجمع.
وبدوره أشار المحامي "ياسر السيد" إلى أن عمله بمثابة مبادرة شخصية تطوعية حيث يقوم باستقبال صور الأطفال من خلال ذويهم في الداخل أو من الأطباء الذين يشرفون على علاجهم ويتم عرضها على مؤسسة الأطفال المحروقين الإغاثية في أمريكا واختيار الإصابات والحروق الأخطر والتي سببت إعاقات لا يمكن علاجها في سوريا أو تركيا.
وأردف محدثنا أنه يقوم بعدها بتجهيز الأوراق اللازمة في مدينة "الريحانية" واستقبال الأطفال وتأمين أذون وأوراق السفر وإرسالها إلى اسطنبول للحصول على فيزا، معرباً عن أمله بتأمين سفر وعلاج حالات أكثر لكن الإمكانيات المتوفرة لدى المؤسسة الداعمة محدودة وتقوم على مبادرات فردية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية