يهدف الاحتلال الصهيوني من وراء حملة الاعتقالات القمعية التي يشنها ضد قادة حركة حماس السياسيين ونوابها في المجلس التشريعي في مدن الضفة المحتلة إلى أبعد من مجرد الانتقام من حركة حماس بسب تمسكها بشروطها الخاصة بصفقة تبادل الأسرى، فلهذه الحملة أبعاد خطيرة على الحوار والمصالحة الفلسطينية.
فالعدو الصهيوني لا يروق له رؤية الفصائل الفلسطينية تقترب من تحقيق المصالحة وإنهاء حالة الصراع الداخلي، ولا يروق له أن تفشل محاولات ابتزاز حركة حماس وإلزامها بشروط اللجنة الرباعية الدولية، ولا سيما أنه من المتوقع أن تخرج حركة حماس منتصرة في هذه الجولة الحاسمة من الصراع السياسي مع الأطراف الدولية والإقليمية التي تتآمر على شعبنا الفلسطيني وتسعى إلى إسقاط حقه في مقاومة الاحتلال وإلى جر حركة حماس إلى مستنقع التسوية الاستسلامية. ولذلك قرر العدو الصهيوني القيام بخطوة استباقية لإفشال الحوار والمصالحة الفلسطينية، وذلك بشن حملة اعتقالات واسعة ضد رموز الشعب الفلسطيني وقادة حركة حماس ونوابها في الضفة المحتلة، إضافة إلى هدم منازل عدد من قادة حماس السياسيين، وذلك لسد الطريق على الفصائل الفلسطينية المتحاورة في القاهرة للوصول إلى مصالحة وطنية تحافظ على ثوابت شعبنا الفلسطيني وحقوقه ومصالحه العليا.
وعلاوة على ذلك، تهدف هذه الحملة الصهيونية ضد قادة حركة حماس ونوابها في الضفة المحتلة إلى إحباط محاولات حركة حماس إصلاح الخلل في الشرعية الفلسطينية ومنح حق تمثيل شعبنا الفلسطيني لمن يستحقه من أبنائه الذين يحملون آماله وتطلعاته، ويحافظون على ثوابته وحقوقه، ويسعون إلى تحقيق طموحاته. كما تهدف تلك الحملة إلى إفشال سعي حركة حماس الدءوب إلى بناء نظام سياسي فلسطيني متحرر من سلطة الاحتلال الصهيوني ومستقل عن المجتمع الدولي وغير خاضع لهيمنة القوى الاستعمارية والامبريالية وأذنابها في منطقتنا العربية. فالاحتلال الصهيوني يحرص على أن يبقى حق تمثيل الشعب الفلسطيني حكراً على المتعاونين معه والمتفهمين لهواجسه الأمنية والمتساوقين في نهجهم السياسي مع القوى الغربية الداعمة لكيان الاحتلال الصهيوني والمعادية لشعبنا الفلسطيني.
إن اختطاف رموز الشعب الفلسطيني ونواب حركة حماس وقادتها السياسيين، وهدم منازلهم وزيادة معاناة الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية يؤكد على استمرار انتهاك العدو الصهيوني والمجتمع الدولي الداعم له للشرعية الفلسطينية، وخطفها، وتغييبها. فهؤلاء الأسرى هم الذين يمثلون شعبنا المجاهد أصدق تمثيل، ويحملون قضيته بصدق وإخلاص وأمانة، وليس أولئك السماسرة الذين يتواطئون مع العدو الصهيوني ضد المقاومة ويتعاونون مع أجهزته الأمنية في الحرب على المقاومة.
وتأتي هذه الحملة في الوقت الذي تطالب حركة حماس بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الضفة وإغلاق ملف الاعتقال السياسي كشرط أساس لتحقيق المصالحة، للتأكيد الصهيوني على استمرار تبادل الأدوار بين أجهزة سلطة رام الله وبين العدو الصهيوني، ومواصلة الحرب على المقاومة، مما يشكك في جدوى المصالحة وجدوى وجود نظام سياسي خاضع لسلطة الاحتلال وشريك له في القضاء على المقاومة في الضفة وغزة!!
ولا شك أن هذه الحملة تهدف إلى إعفاء فريق التسوية الاستسلامية بقيادة محمود عبّاس من مسؤولية إفشال الحوار الفلسطيني، خاصة أن شعبنا بات يدرك أن سبب فشل الحوار هو تعنت عبَّاس وفريقه وإصرارهم على الالتزام بالاستحقاقات الأمنية للتسوية السياسية في إطار عملية أوسلو واتفاقياتها المخزية. كما تأتي هذه الحملة رداً على التغيير الملموس الذي طرأ على المواقف الغربية تجاه حركة حماس، إذ بات الغربيون مقتنعين بحقيقة أن حركة حماس تمثل الشعب الفلسطيني وأن استيعابها في المجتمع الدولي بات أمراً لا مفر منه، وهي حقيقة طالما حاول الغربيون طمسها وإسقاطها.
إن هذه الخطوة الاستباقية الصهيونية لإفشال جهود المصالحة الوطنية تضعنا أمام سؤال كبير: هل ستنجح العملية الانتخابات الفلسطينية التي توصل المتحاورون الفلسطينيون في القاهرة إلى اتفاق بشأنها، ومن يضمن احترام العدو الصهيوني والمجتمع الدولي لنتائج الانتخابات؟!!
20/3/2009
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية