أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأمطار تخمد حرائق اللاذقية والإطفائيات تتفرّج

بعد ثلاثة أيام فشلت فيها أفواج الإطفاء من إخمادها

أخمدت أمطار السبت والأحد الحرائق التي اشتعلت بغابات ريف جبلة والقرداحة بعد ثلاثة أيام فشلت فيها أفواج الإطفاء في قرى جبلة ومدن القرداحة وجبلة واللاذقية في إخمادها، وقد أتت النيران على مساحات واسعة من الغابات المعمّرة إضافة لعدد كبير من بساتين الزيتون والفاكهة.

وفي الوقت الذي ابتهج فيه الفلاحون بالأمطار التي أوقفت خسائرهم، كان الشبيحة يشتمون المطر ويندبون حظهم على انحسار المساحات التي سيستثمرون أشجارها المحترقة في إنتاج الفحم.

تبدأ حكاية إحراق الغابات المتعمّد في اللاذقية منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ "فواز الأسد" رحلة التفحيم، وكانت القوانين تمنعه عن الأشجار الخضراء، لكنه تجاوز ذلك بالنسبة إليه كان سهلا بنزع الخضرة عنها من خلال تكليف بعض عناصره من "الشبيحة" بإشعال النار في الغابة التي يقرر استثمارها.

إنجاح المشروع الاستثماري اللاشرعي كان يقتضي استمرار النيران مشتعلة لأطول مدة ممكنة، ومن أجل ذلك منع فواز أفواج الإطفاء العاملة في الساحل السوري من التوجه لإطفاء الحرائق، إلا عندما يأمرها هو بذلك، كلام بهذا المعنى قاله في مطلع تسعينيات القرن الماضي العقيد "محمد عالول" رئيس فوج الإطفاء في اللاذقية.

وأضاف عليه "عالول" في حديث جرى في منزله الصيفي بناحية "سلمى" أمام عدد من زواره، "هدّدني فواز بالقتل إن سمحت بإخماد الحرائق قبل أن تلتهم مساحات واسعة تكفي لإنتاج كميات كبيرة من الفحم"، وجاء ذلك ردّا على سؤال أحدهم عن سبب عدم حضور سيارات الإطفاء لإخماد حريق كبير شبّ في الوادي الأزرق بريف اللاذقية. 

اشتهر "فواز الأسد" بأنه سيّد تجارة الفحم في سوريا، وكان يشعل الغابات عمدا من أجل إنتاجه، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل كان يختار أجمل المواقع المحروقة ويوجّه إليها آليات مديرية الزراعة لاستصلاحها تهيئة لإقامة مقاصف سياحية عليها وتسليمها لشبيحته.

منذ تسعينيات القرن الماضي ورث الجيل الشاب من شبيحة آل الأسد مهمة الاستثمار في الغابات، بعدما تحوّل فواز لتجارة المخدرات والسلاح، وكانت الحرائق، فيما مضى تستهدف غابات جبلي الأكراد والتركمان بالدرجة الأولى حتى العام 2011، وكانت كفيلة بالقضاء عليها لولاء تجددها لخصوبة تربتها، لكن الحرائق توقفت هناك حماية لجيش الأسد المرابط فيها، خوفا من انكشافه "للعدو".

غير أن طمع الشبيحة لم يقف عند ذلك، فتوجه هؤلاء لإحراق الغابات التي تحيط ببساتين ومنازل الموالين في جبلة والقرداحة، وراحوا يشعلون النار فيها كل خريف للحصول على فرصة استثمار الفحم والأرض، حيث تحوّلت هناك إلى عقارات تباع بالملايين لتقام عليها الفيلات والفنادق، تعود غالبيتها لكبار ضباط الجيش والأمن لدى نظام بشار الأسد.

حرائق هذا العام (كالعادة) تندلع من عدة نقاط بوقت واحد الأمر الذي يؤكد أنها مفتعلة، لكنها كما في كل عام ستقّيد ضد مجهول، ولم تتوانَ أفواج الإطفاء عن توجيه سياراتها إلى مكان الحرائق، إلا أنها تعمل في الحدّ الأدنى الذي يسمح بتمدد النيران إلى مواقع أخرى.

التهمت النيران بستان الزيتون لصاحبه الفلاح "أبو راجح" من قرية "بشيلي" وهذا ما دفعه للصراخ بوجه رجال الإطفاء الذين وصلوا بسيارتهم للتوّ إلى أطراف بستانه المشتعل "لماذا تأخرتم، لماذا لم تحضروا سيارات إطفاء أخرى، لا يمكن لسيارة واحدة إخماد النار".

أغمي على الرجل عندما اكتشف أن خزان الماء في سيارة الإطفاء التي حضرت لإخماد النيران فارغ، وتأكد أن "شقاء عمره" قد ضاع.

العاصفة المطرية تكفّلت بإخماد النيران المشتعلة في عدة مواقع من غابات اللاذقية، ومن المرجّح أن شبيحة الفحم الجدد لا يمتلكون من الخبرة ما يكفي، حيث إنهم لم يطّلعوا على توقعات الطقس للأيام القادمة، أو أنهم قرروا أن حرائق ثلاثة أيام كافية لهم كمرحلة أولى، تتبعها مراحل.

زمان الوصل
(98)    هل أعجبتك المقالة (154)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي