لم تخجل وكالة إعلام النظام "سانا" مطلقا من نشر صور استقبال بشار الأسد لـ"رئيس جهمورية الروسية"، وجلوسه على يمين بشار كعديل له، في حين إن "رئيس القرم" عمليا لا يعدو كونه محافظا موظفا لدى "فلاديمير بوتين".
واستهلت "سانا" خبرها بالقول إن بشار استقبل "سيرغي أكسيونوف" رئيس جمهورية القرم الروسية الذي يقوم بزيارة سوريا على رأس "وفد رفيع المستوى".
وأشارت الوكالة إلى بشار استغل اللقاء لـ"تهنئة شعب القرم وقيادته على تحقيق إرادتهم بالعودة إلى حضن الوطن الأم روسيا الاتحادية"، وتأكيده أن الزيارة تشكل "بداية جيدة لبناء علاقات تعاون بين الجانبين في مختلف المجالات وخاصة أن البلدين يمتلكان موقعا متميزا على البحرين الأسود والمتوسط".
وتحمل هذه الزيارة مزيدا من رسائل الإذلال والتبعية التي يبعث بها "بوتين" كل حين إلى بشار، فـ"رئيس القرم" الموظف عند موسكو، هو ثالث مسؤول من هذا الوزن يزور بشار في غضون 4 أشهر فقط، وقد سبقه إلى ذلك "رئيس جمهورية أوسيتيا الجنوبية"، و"رئيس جمهورية أبخازيا".
وقد كتبت "زمان الوصل" في دلالات تلك الزيارتين تقريرا مفضلا، يمكن الرجوع إليه.
وبالعودة إلى النبأ الخاص باستقبال "بشار" لنظيره "رئيس القرم"، نجد أن الخبر يفشي -على قصره- عددا من الفضائح والأكاذيب، أولها القول إن هناك "وفدا رفيع المستوى" يرافق الضيف.
وإذا قبلنا جدلا أن الضيف رفيع أصلا حتى يكون معه وفد رفيع المستوى، فإننا لا يمكن أن نتغاضى عن أسماء ومناصب الذين حضروا من جانب النظام، وهم بالكاد 3 أشخاص متواضعي المستوى: سامر الخليل وزير الاقتصاد، قيس محمد خضر أمين عام رئاسة مجلس الوزراء، أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين.. فإن كان الذين حضروا اللقاء من جانب النظام بهذا المستوى، فلك أن تتخيل مستوى "الوفد الرفيع" المرافق لـ"رئيس القرم"، ولك أن تتخيل حجم الورطة "البروتوكولية" التي أوقع بها "بوتين" من جديد تابعه بشار.
واللافت أن أهم ما استحق الإبراز من كل كلام بشار هو نقطتان مضحكتان للغاية، الأولى تهنئته لضيفه بعودة القرم إلى "حضن" روسيا، ولا يخفى ما في استخدام كلمة "حضن" بالذات من معان ودلالات، يبدو أنها باتت مسيطرة على عقل بشار وإعلامه.
أما النقطة الأخرى فإن أهم ما وجده بشار من آفاق ومزايا يمكن أن تطلق التعاون بين البلدين هو وقوعهما على البحرين الأسود والمتوسط، وهذا بصراحة "فتح" جديد في عالم التعاون وبناء علاقات الدول، فالبحران هما الأساس هنا، وهما الوسواس القهري الذي يأتي بشار دوريا على شكل نوبات من يوم أن أطلق نظرية "البحار الأربعة" ثم طورها إلى "البحار الخمسة".

ولكن الواقع، يقول إن بشار قد يكون معذورا في التأكيد على البحرين الأبيض والمتوسط لبناء علاقات سوريا مع "القرم"، إذ إنه في النهاية لم يترك في سوريا شيئا يمكن التفاخر به أو الاعتماد عليه، لا صناعة ولا تجارة ولا زراعة ولا حتى بنى تحتية أو فوقية، فدمر وهجر، وترك البلاد قاعا صفصفا، تستجدي "دويلات" غارقة في العوز والتخلف، إلى درجة أنها لا تستطيع إعالة نفسها، من قبيل "أوسيتيا الجنوبية" و"أبخازيا"، وآخرهم "القرم".
من جانبه، لم يقصر "رئيس القرم" في مجاراة بشار خلال اللقاء في الكذب وإطلاق التصريحات المثيرة للسخريو، حين قال إن زيارته تمثل فرصة العمل على "ترسيخ العلاقة بين الجانبين بما يخدم مصالح شعبي القرم وسوريا، اللذين كافحا للدفاع عن بلديهما وعن إرادتهما المستقلة"، والدليل على الكفاح والإرادة المستقلة أن "رئيس القرم" قاد جوقة المطالبين بدخول الاحتلال الروسي لبلاده وضمها إلى موسكو بقانون الأمر الواقع حتى يستحق مكافأة "بوتين" بكرسي "الرئاسة"، تماما كما فعل بشار، ولهذا فإن هذين "الرئيسين" يعبران عن جوهر "الإرادة المستقلة"، التي يتطوع "بوتين" لتذكير تابعيه بها على طريقته الخاصة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية