أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قرار الجنائية...أمة تغتصب.. .د. عوض السليمان

 دكتوراه في الإعلام - فرنسا

هكذا عندما تكون الأمة مفككة ، تستطيع الكلاب أن تنهش في جسدها، وتدمر مقدراتها وتنفرد فيها الواحدة تلو الأخرى.

 هكذا عندما يكون هناك أحلاف عربية ضد أحلاف عربية أخرى، تكون الأمة مستباحة لأعدائها، وهكذا عندما يفكر كل حاكم عربي أن ينجو بنفسه، فلن ينجو أبدا ويأتي الدور عليه ليأكل كما أكل الثور الأبيض.
عندما تقوم الحكومات العربية ببذل الغالي والرخيص لإرضاء أمريكا فإن أوكامبو يستطيع أن يصدر قراراً ضد رئيس شرعي في دولة تجاهد في سبيل تحقيق التنمية والتقدم.
عندما يتفرج العرب على فلسطين منذ مائة عام إلى اليوم دون أن يحركوا ساكنا ودون يتّحدوا لإخراج الصهاينة من أرضهم، فمن الطبيعي أن تتجرأ دول الإرهاب الغربي على بلد ضعيف مثل السودان.

وعندما يقف العرب موقفاً أضعف من مواقف ربات الخدور حيال ما حدث في العراق من تدمير وتهجير وتعذيب فإنهم بذلك يعطون الضوء الأخضر لدول اللواط والسحاق في الغرب لمحاولة اعتقال رئيس دولة عربية واقتياده إلى ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية.
ماذا فعل العرب للرئيس الشهيد صدام حسين جعله الله في عليين لما قامت أمريكا البربرية باحتلال بلاده ثم أعدمته في صباح يوم عيد الأضحى؟

 وماذا فعل العرب للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي اغتاله الصهاينة على مرأى العرب وسمعهم؟، وماذا فعل العرب لغزة هاشم وهي تدمر فوق رؤوس أهلها فلم يحركوا لنصرتها ساكن وكأن أهلها جاءوا من المريخ أو يعيشون في كوكب آخر، حتى إن الفضائيات العربية لم تتوقف عن الرقص والردح طوال فترة الهجوم على الأبرياء في غزة، بل وشاركت دول عربية بكل ثقلها لتدمير غزة ومن فيها.


لم يفعل العرب للعرب شيئاً منذ عقود طويلة فلماذا نظن أنهم سيقفون مع السودان، إنما هي عبارات شجب واستنكار وتنديد، تذهب مع أول زيارة لكلينتون للمنطقة أو تصريح للمستشارة الألمانية أو رئيس الوزراء البريطاني.
إذا كانت الأمة العربية عاجزة تماماً عن الوقوف مع أبنائها، فكيف لا تنهشنا الدول الغربية التي لم تقم يوماً إلا على أجساد الأبرياء ودمائهم.
قيل منذ زمن طويل " إن البغاث بأرضنا تستنسر" واليوم نرى مصداق هذا المثل، حتى إن أوكامبو الوضيع أصبح يتكلم عن اعتراض طائرة البشير. ولو كان في هذه الأمة بعض رجال فقط، ما تجرأ هذا الرجل على ذكر اسم قائد عربي على لسانه، ولخاف على نفسه أن يخرج من بيته ولكن هيهات هيهات، فنحن في زمن العهر، زمن " ستار أكاديمي" و "مهند ونور" "وجمعية حلم" نحن في زمن التعبد لغير الله ، والصلاة لغير ذي الجلال.
لم يكتف أوكامبو بكل ما قاله وبكل ادعاءاته القذرة ولكنه يريد اليوم أن تعترض طائرات القراصنة طائرة السيد الرئيس عمر البشير عندما يخرج من السودان وتقتادها باتجاه لاهاي. ثم تصرح الحكومة الأمريكية أنها لن تتساهل مع ظلم المدنيين والاعتداء عليهم. هذه الحكومة البربرية التي قتلت ثلاثة ملايين عراقي وشردت أكثر منهم من البرءاء والنساء والشيوخ، وهذه الحكومة التي أنشأت أقذر سجن في تاريخ البشرية في غوانتنامو، واخترعت أساليب لا تعرفها الوحوش الكاسرة في تعذيب الأبرياء تتحدث اليوم عن الوقوف إلى جانب المدنيين وعدم ظلمهم. ولا نعرف أين كان أوكامبو ولماذا لم يطالب باعتقال جورج بوش أو ديك تشيني.


ولماذا لم يحرك ساكناً لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة الذين قتلوا نصف سكان فلسطين والذين استهدفوا الأطفال والمدنيين في غزة أمام ناظريه، ولا يستحي هذا الأجير إذ يقول إن لديه ثلاثين شاهدا على نوايا البشير وتورطه غير المباشر في الاعتداء على المدنيين في دارفور.

 لم يذكر هذه الإمعة الذي يحركه الغرب الفاجر كما يحركون قطع الشطرنج، أن هناك عدة مليارات شاهد على ما فعله الجيش الأمريكي في العراق، وهناك عدة مليارات شاهد على ما فعلته القوات الصهيونية في غزة، وكان هو نفسه أحد هؤلاء الشهود.


إنما المسألة ليست فيه ولا في دول الإرهاب الغربي، ولكنها في هذه الأمة المستضعفة المفككة، التي لم تستطع أن تدافع عن فلسطين وتركتها للصهاينة، ولم تستطع الدفاع عن الصومال وتركته لإثيوبيا ولم تستطع الدفاع عن لبنان ولا عن العراق ولا عن أي مصلحة عربية وإسلامية.
وفد الجامعة العربية ذهب لنيويورك لتأجيل ملاحقة البشير لمدة عام، ولم يذهب لمنع الملاحقة والتهديد والوعيد، بل ذهب ذليلاً متوسلاً مع أنه يعرف أن لا أحد يحترم التوسل ولا أحد يكرم الذليل.
الأمة التي يحكمها أناس لا يركضون إلا خلف مصالحهم لن تنتصر ولن تتقدم، وما على السودان اليوم إلا أن ينظف البنادق ويحضر الرصاص، ويعلم الناس ثقافة الموت والاستعداد له، فلا نصر إلا بالبندقية ولتسقط السياسة ومن وراءها.


لا بد أن تقوم الحكومة السودانية بملاحقة أوكامبو ولا بد للدول العربية، أن تصدر مذكرات اعتقال بحق المجرمين الأمريكان والصهاينة. فلماذا لا تقوم الدول العربية باعتقال ليفني وهي إحدى أكبر الإرهابيات في العالم، ولماذا لم تقم الدول العربية باعتقال كونداليزا رايس أو جورج بوش، فلا مانع من الرقص معه قليلاً ثم اعتقاله، ولماذا لم تتجرأ دول عربية على اعتقال بيريز وجلعاد وباراك، ولماذا يعمل أبو الغيط عكازاً للسحاقية ليفني فتتوكأ عليه، ولماذا يرفض الرئيس مبارك استقبال وفد علماء المسلمين بينما يصول القادة الصهاينة ويجولون في القاهرة.


إن الدول العربية تملك أوراقاُ كثيرة لتعطيل قرار الجنائية بل لتعطيل الجنائية نفسها، فانظروا إلى دولة صغيرة كالبحرين كيف أوقفت إيران عند حدها وانظروا ماذا فعلت ليبيا بسويسرا في قضية نجل القذافي، إن الدول العربية قادرة على أن تخرس أوكامبو والحكومة الأمريكية لو أرادت، ولا ينقصها شيء لتفعل هذا، اللهم إلا قليلاً من عزة وكرامة!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(100)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي