أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بوس .... شوقي حافظ

تبدو الصورة شديدة الاثارة: الرجل العجوز المخضرم يمد بوزه لأقصى درجة لتلامس شفتاه وجنة المرأة طويلة القامة، بينما يسراه تحمل اليها باقة صغيرة من زهور منتقاة بعناية، وتأويلات الموقف تذهب إلى اكثر من اتجاه: يمكن القول ـ مثلا ـ انها بوسة علاقات عامة ليس أكثر حتى لو كانت بين رجل وامرأة يمتهنان السياسة.. وما أكثر أبطال دبلوماسية الشفاه في عالمنا المعاصر، تلك التي يحقق العرب فشلا ذريعا في ممارسة واستثمار فنونها رغم غزارة إنتاجهم في البوس والتقبيل.. فهل حقق العجوز مراميه من تقبيل المرأة الطويلة البيضاء؟
للحصول على إجابة، علينا أن ننتظر نتائج زيارة هيلاري كلينتون لاسرائيل لندرك حجم تأثير قبلة شيمون بيريس على خدّها المكتنز الناصع، فلو حدث تحول درامي في الموقف الاميركي إزاء تخصيب اليورانيوم الايراني ينسجم مع رغبة اسرائيل، يمكن القول ان قبلات الرجل العجوز حرّكت بركة راكدة داخل المرأة الديموقراطية الطويلة جعلها تتبنى حسم القضية بالكروز والتوما هوك، أما اذا كان الخيار أوبامّي الطابع بالجلوس الى طاولة المفاوضات وعقد صفقات من تحتها فإن الخسارة ستكون ثلاثية مؤكدة: شيمون تضيع عليه الشيكلات التي أنفقها في شراء زهوره الجميلة، وهيلاري قد تخسر تأييد أصوات يهود نيويورك، أمّا أوباما فربما يفقد حياته مثل سلفه جون كينيدي!
هناك خسارة أخرى لشيمون تتمثل في إخفاقه كرجل في اقتحام عقل ووجدان امرأة.. ربما لأن خريف العمر استلب منه ما كان قبل مؤثرا، وما يعنينا في هذا الشأن ضرورة اجراء مراجعة نقدية لميراث العرب الهائل من القبلات السياسية التي لا تحقق مراميها حتى في قبلات و(تخاشم) القمم العربية، مثل طلقات طائشة لا تصيب أهدافها، ولو أثمرت قبلات شيمون لهيلاري فربما يتعين على معاهد اعداد الدبلوماسيين العرب تكريس مناهج خاصة بالبوس السياسي واستثماره لخدمة القضايا العربية فربما يكون أكثر جدوى من أي مبادرات سلام، واذا حدث هذا فإنني ـ وقتها ـ سوف ارشح شيمون بيريس لتدريس هذا المساق!


جريدة الوطن العمانية

(109)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي