أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا لو؟؟؟.. حسن بلال التل

 احد ينكر الجهود الكبيرة التي قامت وتقوم بها كافة الاجهزة المعنية في مختلف حالات الطوارئ، من أمن عام ودفاع مدني وطواقم وزارة الاشغال والكهرباء وصولا الى بواسل جيشنا العربي الذين شاء القدر ان يكون يوم تعريب جيشهم العربي الاردني الباسل احد ايام الخير التي غمرت الوطن واحيت الحرث والنسل بعد ان قنطنا او كدنا من رحمة الله.
لكن من المستغرب والذي اصبح سمة اردنية ثابتة، بل واصبح مدعاة للتندر بعد ان يئس الغالبية من تغييره، هو عقلية «الفزعة» التي لا تفارقنا ولا تفارق عمل اجهزتنا الرسمية، حتى تلك التي من واجبها توقع الاخطار ودرئها قبل وقوعها، فمثلا وخلال معظم ايام المنخفض الجوي الذي ما زلنا ننعم به بحمد الله، وصل معظم الموظفين الذين يسكنون مناطق السلط وصويلح والبقعة وجوارها من العاملين في عمان او ممن لهم مصالح بها، وصلوا متأخرين الى اماكن عملهم، ومدارس ابنائهم، وغيرها من مصالح ارادوا قضاءها في العاصمة، والسبب ان شرطة السير ومن باب حرصها على سلامة المواطن قامت باغلاق اعداد من الشوارع الرئيسية الواصلة بين تلك المناطق والعاصمة، وعندما سمحت للسير بالاستمرار كان ذلك على دفعات قصيرة، والسبب الخشية من انجماد هذه الشوارع، ورغم ان الغاية نبيلة الا ان الاسلوب كان سيئا ومضرا بالمئات ان لم يكن بالآلاف من المواطنين الذين لم يملكوا تجاه هذا كله لا حولا ولا قوة، رغم ان الحل كان ابسط واسهل من ذلك بكثير، فبكل تأكيد فان طواقم شرطة السير والامن العام عموما على علم بكافة نقاط الخطر المتوقعة في عمان وغيرها من المدن، والشوارع والمناطق التي اعتادت الانجماد اصبحت معروفة للقاصي والداني، وبالتالي فبدلا من انتظار وقوع المصيبة ثم «الفزعة» لحلها كان من الاجدى والافضل التحسب والتخطيط لها ومنع الانجماد من التشكل اصلا، والمسألة لم تكن لتكلف اكثر من كمية ملح وآلية مجنزرة او كاسحة جليد من العيار الخفيف تسير فوق الشارع لبضع مرات قبل ساعات الازدحام، لكن كالعادة فقد انتظرنا وقوع البلاء ثم فزعنا محاولين حل مصيبة وقعت بدل التخطيط لها والوقاية منها، والخاسر الاكبر كان المواطن المضطر لتحمل مثل هذه المواقف على مضض لان لا بديل عن ذلك، والله وحده يعلم حجم الخسائر التي حلت وتحل بالوطن والمواطن نتيجة لمواقف مثل هذه.
ومما رأيناه ايضا من بركات الجهاز الحكومي الاردني في مواجهة الامطار الاخيرة التي لم تزد على بضعة ايام، ان العديد من المؤسسات قررت تعليق او تعطيل العمل بها لفترات مختلفة، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم بكل مدارسها (قلم قايم) حيث قرر الوزير وفي ساعة متأخرة من المساء تعطيل الدوام في مدارس الوزارة دون سابق انذار، على الرغم ان العشرات من مناطق المملكة بالكاد شهدت امطارا تذكر والمناطق التي شهدت ثلوجا او سيولا شكلت خطرا على المواطنين او تسببت باغلاق الشوارع بالكاد تعد على اصابع اليد الواحدة، لكن يبدو ان معالي الوزير وجد أن تعطيل وزارة من اكبر وزارات الدولة دفعة واحدة اسهل من احصاء وتسمية المدارس او المناطق التي تستوجب التعطيل فعليا، ناسيا او متناسيا معاليه ان مثل هذا القرار يشكل كابوسا حقيقيا لعشرات ان لم يكن مئات الالآف من الاباء والامهات العاملين، الذين اجبرهم قرار الوزير على التغيب عن اعمالهم، او طلب اجازات في اللحظة الاخيرة، او تحمل تكاليف مقابل ايجاد من يجالس ابناءهم، او بدل ارسالهم الى حاضنة او حضانة لذلك اليوم، او حتى احتمال (جمايل) من الاهل والاقارب مقابل رعاية اطفالهم (المعطلين)، وقد يكون معاليه نسي او تناسى عند اتخاذه هذا القرار الجريء فعلا ان الشعب الاردني في معظمه ليس مليونيرا والاغلب الاعم منه ليس لديه (دادا) متفرغة او خادمة فلبينية تقبض 300 دولار في الشهر، وهو مبلغ يوازي راتب الغالبية من موظفي الاردن في القطاعين العام والخاص.
وطبعا على هذا المنوال قس ولا حرج، فكل ما يجري في وطننا الغالي هو فزعة تجر فزعة وكأن عقلية الدولة غائبة ومفهوم التخطيط (الذي انشأنا له وزارة لا نعلم لأي شيء تخطط)، -مفقود مفقود مفقود يا ولدي.... مع الاعتذار للراحل عبد الحليم-، فكل يغني على ليلاه وكل شيء يسير وفق نظرية اردنية اخرى هي: (سارحة والرب راعيها) ولا احد يعلم الى متى ستبقى هذه الرعاية الالهية تحيط بنا قبل ان يدرك مسؤولو أردننا ان الله يريد منا التوكل لا التواكل، والا فاننا نلقي بأيدينا الى التهلكة.
عموما ما أردت ان اسأله ماذا لو تعرضنا لعاصفة ثلجية دامت اسبوعا او شهرا او شهرين، وماذا لو ادى الانقلاب العالمي في الطقس الى تحويل الاردن الى دولة ذات مناخ قطبي او العكس.... هل برأيكم سيبقى في الاردن شيء او احد يعمل ويؤدي ما عليه ام ترانا (سنهج) الى زمبابوي او احدى ممالك الزولو مثلا لان حكومتها اكثر قدرة على التعامل مع الطوارئ من حكومتنا؟؟!!!؟؟

(102)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي