أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صراع الحلفاء في حوران.. إيران تنافس روسيا لبسط سيطرتها على مناطق "المصالحات"

هل يحاكم الجيش الروسي والإيراني يوما على جرائمهم بحق السوريين - جيتي

ما إن أحكمت قوات الحلف الروسي سيطرتها على الجنوب السوري، حتى بدأ يلوح في الأفق صراع النفوذ بين هذه القوى، فكل طرف منها، يسعى جاهدا لكسب المدنيين في صفه وبالتالي تجنيد الشباب ونشر الأفكار التي تدعم مشاريعه العسكرية والاقتصادية وحتى الفكرية.
الصراع هذا ظهر على شكل تسابق في أخذ الولاءات من المدنيين والعسكريين الذين سلموا أسلحتهم بموجب اتفاق المصالحة المبرم في شهر تموز/يوليو الماضي، والقاضي بتسليم الأرض وسلاح الفصائل التابعة للمعارضة، مقابل إيقاف العمليات الحربية وعدم ملاحقة أي شخص.
فروسيا "تعهدت" لسكان القرى الممتدة من "بصرى الشام" شرقا، حتى "صيدا" غربا حمايتهم وعدم السماح لأي قوة تتبع للنظام أو إيران التدخل في شؤونهم، وأوكلت لقوات "شباب السنة" وقائدها "أحمد العودة" تسيير أمور هذه المناطق، بعد أن انضمت إلى ما يسمى "الفيلق الخامس"، كما طالب وفد روسي زار "نوى" شهر آب/أغسطس الماضي، من أهالي المدينة تجنيد الشباب ضمن فيلق خاص يؤمن مصالحها في المنطقة الغربية.

الميليشيات الإيرانية بدورها بدأت تنفيذ مخططها بدءا من المنطقة الغربية، حيث جالت وفودها المدن الكبرى بداية من "الحارة" وقرى منطقة "مثلث الموت"، كما أرسلت لوجهاء "نوى" و "جاسم" لتخبرهم عزمها زيارة هذه المدن، فيما اختارت ميليشيا حزب الله اللبناني القسم الشرقي من المحافظة ومنه بلدات تتبع مباشرة لروسيا وقوات "أحمد العودة" مثل بلدة "صيدا" الواقعة على الطريق الدولي (دمشق-عمان).

وفي تفاصيل زيارة الميليشيات الإيرانية للمنطقة الغربية فقد عرضت على الأهالي المال (500 دولار مرتب شهري لكل شاب ينتسب في صفوفها) وحفر الآبار وترميم المدارس والمنازل المدمرة، في المقابل يسهل الوجهاء انتساب الشبان في صفوفها ويقبلون إقامة "حوزات علمية" لتعليم الأطفال.

أما ميليشيا حزب الله اللبناني، فلم يتجاوز عرضها بحسب ما أفادت مصادر محلية الـ(200 دولار لكل شاب ينوي الانتساب في صفوفها) متعهدة بعدم الزج بهم في المعارك، وإبقاء خدمتهم مقتصرة على الحواجز العسكرية.

وبحسب ما أفادت المصادر، فإن الميليشيا أوكلت لبعض الأشخاص في بلدة "صيدا" فتح مكتب للتشيع وتجنيد الشبان، موضحة أن تصرف ميليشيا حزب الله أغضب القوات الروسية، التي نشرت حواجز عسكرية على مداخل المدن والبلدات، وأخبرت الأهالي أن هذه الحواجز لمنع حركة ميليشيا حزب الله.

فيما انقسمت قوات الأسد بين المطالبة بالانضمام إلى "الحرس الجمهوري" أو "الفرقة الرابعة"، وفي زيارة لوفد عسكري تابع للنظام إلى مدينتي "جاسم" و "انخل" في الريف الغربي للمحافظة، حاول اللواء في أمن الدولة "حسام لوقا" استمالة الوجهاء من أجل الدفع لانتساب الشبان في صفوف "الحرس الجمهوري"، محذرا من أن روسيا لن تدوم طويلا وأن الحامي الوحيد لهم هو النظام، بحسب ما ادعى.
*روسيا بين تعهداتها ومصالح الحلفاء 

بالرغم من أن روسيا تعهدت أمام الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والأردن بالعمل على إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الجنوب السوري، إلا أنها تركت الحبل على الغارب لإيران لتتمدد، فيما تحمل هذه الحالة عدة تفسيرات أولها أن روسيا ضربت بعرض الحائط جميع وعودها، وثانيها أنها غير قادرة على كبح جماح إيران التي تعتبر نفسها عاملا أساسيا في المحافظة على نظام الأسد ورقما صعبة في الحرب التي شنت بهدف القضاء على ثورة الشعب السوري.

الصحفي "وليد السليمان" يرى في وعود موسكو بأنها ضامن بعدم دخول الميليشيات الإيرانية للمنطقة الجنوبية، مجرد أكاذيب اتبعها الجنرالات الروس من أجل سيطرة نظام الأسد على تلك المنطقة، فروسيا كانت ومازالت عدوة للشعب السوري وصديقة للديكتاتور الأسد، كما أنها حليفة لنظام الملالي في طهران.

واعتبر أن "حادثة إسقاط الطائرة الروسية التي قتل فيها 15 عنصرا كانوا على متنها، سيعزز العلاقة بين موسكو وطهران، فبوتين سيستغل الميليشيات الإيرانية واللبنانية من أجل الضغط على إسرائيل للحد من غاراتها على مواقع النظام".

وأكد "السليمان" في حديث لـ"زمان الوصل" على أنه "لن يكون هناك أي تصادم بين حلفاء روسيا، وإنما ما تفعله روسيا اليوم هو عبارة عن ضبط حركة تلك الميليشيات وفق المخططات الروسية"، معبرا عن اعتقاده في "أنها ستدفع في المرحلة القادمة ليكون "الفيلق الخامس" جسما يضم جميع الميليشيات الإيرانية والمرتزقة المتشيعين من خونة الثورة في الجنوب السوري".

وشدد على أن "إيران قدمت آلاف القتلى من قواتها من أجل الحفاظ على نظام الأسد في السلطة، كما أنها ساعدت روسيا على فرض السيطرة على مناطق عدة في البلاد، ولذلك فلن تتخلى طهران عن أهدافها ومشاريعها المذهبية في سوريا ولن تعمل روسيا على مواجهتها كون هذه المشاريع لا تتصادم مع المشاريع الاستعمارية لنظام بوتين من اجل السيطرة على ثروات وخيرات السوريين". 

وقال: "المنطقة الجنوبية مقبلة على مرحلة تشيع كبيرة وخصوصا أن أغلب من صالحوا نظام الأسد هم عبيد السلطة والمال ولذلك ستعمل إيران على ضخ مالي كبير لتلك الثلة في الجنوب، وبالتالي فهي ستصنع مرتزقة متشيعة محلية توفر عليها إرسال قوات من خارج المنطقة، وسيعمل على قيادة هذه المرتزقة ضباط الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني تحت غطاء جيش الأسد".

*أعمار المحتلين قصيرة
الصحفي "محمد العويد" اعتبر أن "روسيا القيصرية التي تبحث عن نفوذ لها في الساحة العالمية لن تترك لإيران وميليشياتها أي نصيب من الكعكة السورية، ولا بد في أنها ستتذرع بالعزم الأمريكي والغربي في إبعاد إيران خارج سوريا، كما أن القصف الإسرائيلي المركز على مواقع هذه الميليشيات سيكون الورقة الدافعة لروسيا في الاستحواذ على كل شيء".

وقال "العويد" لـ"زمان الوصل: "إن روسيا تعتبر أن ما جرى هو من انجازات قواتها ولا شريك لها بهذا (النصر)، وبالتالي لا نستبعد أن نراها في قادم الأيام شريكا للمجتمع الدولي الذي يعد من أجل طردها ليس فقط من الجنوب وإنما خارج الحدود السورية".

وبحسب "العويد" فإن روسيا المنهكة اقتصاديا لن تستطيع الابتعاد كثيرا عن المجتمع الدولي، وشرط دخولها مجددا لن يتحقق ما دامت تتحالف مع إيران، مستندا على تصريحات وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو" في شهر تموز/يوليو الماضي، التي أكد خلالها أن ترامب يعتبر عودة موسكو إلى المجتمع الدولي ومجموعة الدول الصناعية السبع، "أمر لا مفر منه"، لذلك يتعين عليها تقديم بعض التنازلات منها إبعاد إيران عن سوريا.

وأضاف: "منذ بدء التدخل الروسي العسكري في سوريا في أيلول/ سبتمبر عام 2015، بدأت إيران تشعر بسحب البساط من تحت أقدامها، يضاف إلى ذلك الضغط الدولي المستمر عليها، سواء اقتصاديا أو عسكريا، لذلك فهي اليوم أمام مأزق الاستنزاف الحاصل في استمرارها في التدخل في شؤون المنطقة العربية".

وختم "العويد" حديثه بالقول: "حتما ستخرج إيران من سوريا كما ستخرج روسيا، فأعمار المحتلين قصيرة، وتبقى الأرض لشعوبها من دون مخططات استعمارية أو دينية مذهبية".

محمد الحمادي -زمان الوصل
(127)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي