أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لولا عبَّاس لانتفضت الضفة ... أ.د. محمد اسحق الريفي

تتوفر اليوم في الساحة الفلسطينية كل الأسباب التي أدت إلى اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ولولا الظروف الصعبة التي تعيشها الضفة المحتلة، لخاضت انتفاضة جديدة، ولكن الضفة مكبلة بأجهزة عبَّاس – فيَّاض المتعاونة أمنياً مع العدو الصهيوني، ما يحول دون تصدي مواطني الضفة للعدوان الصهيوني على شعبنا ومقدساته.

فبالأمس، اندلعت انتفاضة الأقصى لأسباب عديدة، أبرزها: فشل التسوية السياسية، وفساد سلطة أوسلو، واستمرار عمليات التهويد والضم الزاحف لأراضي الضفة، وزيادة وتيرة الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة، ووقوع شعبنا في الضفة وغزة ضحية للممارسات (الأمنية) الصهيونية بمقتضى اتفاقيات أوسلو. وكانت زيارة المجرم أرئيل شارون، التي دنس بها المسجد الأقصى، الشرارة الأولى لانتفاضة الأقصى، فانتفض شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة وفلسطين المحتلة عام 1948، دفاعاً عن المسجد الأقصى، ورفضاً للتسوية السياسية الفاشلة، وتصدياً للعدو الصهيوني وإجراءاته القمعية المستندة إلى اتفاقيات أوسلو.

أما اليوم، يمر شعبنا الفلسطيني بظروف مشابهة لظروف انتفاضة الأقصى، بل أخطر وأقسى، وكان من المفترض أن يهب موطنو الضفة لنصرة المسجد الأقصى وأهلنا في القدس، الذين يتعرضون لعملية تهجير منظمة تهدف إلى تهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية. ولكن الضفة التي لم تستطع نصرة غزة إبان الحرب الصهيونية الغاشمة عليها، لا تستطيع اليوم أن تتصدى للعدوان الصهيوني على شعبنا ومقدساته، فما الذي تغير بين الأمس واليوم؟!

الذي تغير هو سيطرة محمود عبَّاس وجماعته على الضفة، واضطلاعهم بمهام (أمنية) حددها عسكريون أمريكيون وصهاينة، للقضاء على المقاومة، وتقويض حركة حماس وحكومتها الشرعية، وحماية أمن العدو الصهيوني، بذريعة الشراكة معه في التسوية السياسية!! فالأجهزة الأمنية التابعة لسلطة رام الله والمتعاونة مع العدو الصهيوني والأمريكي تجثم اليوم على صدور المواطنين في الضفة وتلاحق المقاومين. وسبب ذلك أن سلطة رام الله لا تؤمن بنهج المقاومة، وترى أنها توفر الذرائع للعدو الصهيوني كي يعتدي على شعبنا، وأن المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية!

ومن المدهش أن يصرح عبَّاس بأنه سيرد على تشكيل حكومة يمينية متطرفة بزعامة المجرم بنيامين نتانياهو بوقف المفاوضات، لأنها ستكون بحسب وصفه مفاوضات عبثية، وكأن مفاوضاته السابقة لم تكن عبثية قط!! حقاً، لم تكن هذه المفاوضات عبثية، لأنها كانت توفر غطاء للعدوان الصهيوني وعمليات التهويد والاستيطان وتصفية القضية الفلسطينية!! ولذلك فإن المفاوضات هي خيار عبَّاس وجماعته الوحيد لمواجهة العدو الصهيوني، ولا يملكون سوى وقفها مؤقتاً، ثم استئنافها سريعاً، فقط للضحك على الذقون!

أما وقف التعاون الأمني، فهو ليس محلاً للنقاش، إذ تعد سلطة رام الله الالتزام به خطاً أحمراً لا يمكن التهاون فيه أو تجاوزه مهما كانت الظروف!! ولو كانت سلطة رام الله حريصة على مصلحة شعبنا الفلسطيني ومقدساته لأطلقت العنان له في الضفة لاستئناف الانتفاضة، ولأطلقت سراح المقاومين الأسرى من سجونها حتى يتصدوا للعدو الصهيوني وينقذوا المسجد الأقصى من الهدم، ولكن سلطة رام الله تقتصر وظيفتها فقط على قمع شعبنا ونزع سلاحه!

ونحن لا نتوقع من عبَّاس أن يغير نهجه المعادي للمقاومة، فقد جاء به الغرب إلى فلسطين فقط لإنجاز أجندتهم، ولهذا فهو لا يفكر بطريقة سلفه الراحل ياسر عرفات، الذي قبل أن يقتله فريق التسوية بالسم بناء على أوامر صهيوأمريكية، حاول استثمار انتفاضة الأقصى للضغط على الصهاينة ومواجهة عدوانهم. ولكن ماذا عن حركة فتح، وأين أحرارها وشرفاؤها، أم أنهم مشغولون الآن بإفشال حركة حماس وإسقاط حكومتها وإخضاعها لالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية؟! أم أنهم مشغولون بالتنافس على المناصب والمصالح الشخصية؟!

بالتأكيد، حركة فتح مشغولة هذه الأيام بمحاولة منع فيَّاض وعبد ربه من التسلل إلى مواقعها القيادية؟! فهل هذا فقط ما يزعجها منهما؟! ألا يزعجها مواقفهما السياسية وعداؤهما للمقاومة؟! ألا يزعجها قمع عبَّاس للضفة ومنعها من استئناف الانتفاضة لحماية المسجد الأقصى!!

24/2/2009

(93)    هل أعجبتك المقالة (90)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي