أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أزياء ... شوقي حافظ

لست من المهتمين بمتابعة عروض الأزياء النسائية، ورأيي الشخصي انها استعراض لمفاتن العارضات وليس لثيابهن، والاستثناء الوحيد الذي جمع جمال القلب والقالب، الشكل والمحتوى، كان عرضا للأزياء التقليدية الخاصة بمختلف مناطق سوريا ضمن احتفالية حلب عاصمة للثقافة الاسلامية، شاركت فيها بدعوة كريمة من الصديق الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة..العرض اقيم بقاعة العرش بقلعة حلب برعاية رئيس الوزراء ومشاركة نخبة مميزة من الضيوف ومجموعة من المثقفين والفنانين السوريين من ضمنهم الفنان الجميل صباح فخري، الذي جاءت جلستي قربه، قلت لنفسي: هذه امسية حلبية خالصة تبدأ بعشاء الفريكة واللبن ثم عرض الأزياء وربما تختتم بوصلة قدود حلبية من (ابومحمد)!.
بدأ عرض الأزياء مصحوبا بإيقاعات موسيقية سورية وكل عارضة ترتدي ثوبا يمثل البيئة المحلية لكل منطقة، شدني منها على وجه الخصوص الثوب البسيط الجميل لمنطقة القامشلي والوجه المبتسم العذب للبنت التي تلبسه، ورغم التباين والتنوع والاختلاف في طرق التفصيل والتطريز والحياكة، إلا ان خيطا رفيعا غير مرئي كان يربطها جميعا، بحيث يشعر المتابع انه يشاهد ثيابا سورية وإن اختلفت مناطقها، وهذا احد جوانب الابداع في تمازج وتناغم وانسجام الموزاييك السوري بتعدداته العرقية والدينية والمذهبية و..أدركت وقتها- فقط - ان تصميم الأزياء النسائية فن لا يجيده الا من يتعامل مع المرأة باحترام وليس كسلعة او قوة شرائية تدعم ارصدة شركات الأزياء العالمية، وتذكرت قول الدكتور رياض في حفل الافتتاح: إننا نقدم ردا جميلا لمن يوجهون إلينا اتهامات غير جميلة!.
والذي فتح ملف الأزياء ريبورتاج مصور قرأته في مجلة عالمية عن عرض للأزياء في اسرائيل..أتأمل الصور الملونة المنشورة التي تؤكد في مجملها استحالة الانسجام بين ثياب تمثل اعراقا وثقافات مختلفة غير متجانسة، هي الوجه الآخر لمجتمع متعدد الاثنيات والثقافات المتنافرة التي تعجز اسفار العهد القديم عن التوحيد بينها إلا في حالة الشعور بخطر خارجي..أطوي المجلة فاخرة الطباعة واتذكر فتاة القامشلي بوجهها الطفولي وتفاصيل ثوبها البديع وهي تخطو به شامخة في قاعة العرش بقلعة حلب..ملامح الوجه والثوب مازالت محفورة داخلي رغم تباعد الزمن والمكان، وهذا اعتراف أتمنى الا تطلع عليه زوجتي الحلبية!.


جريدة الوطن العمانية

(114)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي