أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يوسف وغليسي و جائزة الشيخ زايد .... آسيا موساي *

عندما اتصلت بالدكتور يوسف وغليسي لأهنئه بمناسبة حصول كتابه / اشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد / الصادر عن منشورات الاختلاف والدار العربية للعلوم على جائزة الشيخ زايد، نسيت أن أقول له : انتبه جيدا، هناك خطيئة واحدة فقط لا تغتفر في بلادنا هي النجاح·

نجاح يوسف وغليسي هو ثمرة كد وتعب وعمل متواصل، وجهد أكاديمي محترم، وللأسف يأتي العرفان من الخارج لا من الداخل، حتى الآن لا توجد في بلدنا جائزة واحدة تكرم الدراسات الفكرية أو الأدبية وتذهب الجهود الجامعية الكبيرة إلى أرشيف الجامعات والقليل جدا يرى النور من خلال الطبع، وإن طبع لا يوزع وإن وزع لا يعرف به من خلال وسائل الإعلام·

للأسف لا نقدر حجم ما لدينا من إرادات ومن قدرات، ولا نشجعها ولا نعمل على التعريف بها وليست لدينا سياسة واضحة تستوعب هذه الكفاءات وتمنحها الوسائل اللازمة للعمل والإبداع· تظل منظومة الجهل المسيطرة على واقعنا تحتقر المثقف والباحث وتهمشه وتتجاهله لصالح المناسبات الكرنفالية والنشاطات الاستعراضية العقيمة·

يوسف وغليسي واحد من عدد كبير من الباحثين الذين يعملون في صمت، هدفهم هو إضافة شيء ما نوعي إلى الفكر العربي وإلى المقاربات الأدبية المختلفة، هدفهم أن يكونوا امتدادا لما برهنت عليه الحضارة العربية في سالف عصورها، هدفهم أن يقدموا شيئا للوعي العربي وللثقافة العربية، وهدفهم أن يكونوا جزءا من الجسم الثقافي العربي الممتد من أبو ظبي إلى الدار البيضاء· هذا الجيل له هوية وله كيان وله إنتاج مثير للاهتمام، عيب مؤسساتنا أن لا تفتخر به ولا تؤمن له ما يحتاجه لينخرط كليا في عالم البحث والإبداع·

عيب مؤسساتنا أنها لا تعرف أن المجتمعات بحاجة إلى الباحث في العلوم الإنسانية كما هي بحاجة إلى الطبيب والمهندس وعالم الفلك والفيزيائي، وعيب مؤسساتنا أنها لا تعرف أن الباحث بحاجة إلى الكثير من العرفان والاهتمام لكي يواصل دربا شاقا دونه الكثير من المطبات والحواجز والصعوبات·

هنيئا للصديق الهادئ المثابر يوسف على جائزته الكبيرة وعلى تقدير لجنة محترمة من المفكرين العرب لجهوده ولعمله المتميز، وهنيئا لجامعة قسنطينة التي كانت وستبقى خزانا للباحثين الجادين، وهنيئا لمنشورات الاختلاف التي اختارت هذا المجال من البداية، وعملت على إعطاء فرصة النشر عربيا للعشرات من كتابنا وباحثينا· لعل هذه الجائزة برهانا آخر على صحة توجهنا نحو العالم العربي باعتبار أننا جزء من حالة حداثية عربية محدودة ولكنها تقاوم باستماتة طغيان الظلام والانتكاس·

نهنئ أنفسنا، لأن هذا أول الغيث وسنوات طويلة من العمل لا بد أن تؤتي ثمارها واليوم يتوج يوسف وغليسي وغدا عمر مهيبل والسعيد بوطاجين وأحمد يوسف وحسين خمري وحفناوي بعلي ومحمد شوقي الزين وآمنة بلعلى والطاهر بومزبر وعمارة ناصر وعبد الكريم شرفي وسفيان زدادقة وعبد الغني بارة ووحيد بن بوعزيز·· وغيرهم كثير جدا لا يتسع هذا المقام لذكرهم جميعا، هؤلاء الذين اختاروا الاستثمار في العقل وفي الوجدان· هؤلاء الذين نفتخر بتقديمهم للقارئ العربي في كل مكان، والذين أصبحت كتبهم تحتل الصفحات الثقافية لكبرى الجرائد العربية بعدما كانت ساحة الفكر العربي لا تكاد تذكر اسما جزائريا واحدا·

هنيئا أيضا للدار العربية للعلوم التي دخلت معنا مغامرة نشر الكتاب الفكري والأدبي والتي وضعت كل إمكاناتها المادية لإنجاح هذا المشروع وأصبحت مع الوقت جزءا فاعلا وأساسيا فيه· وحتى نلتقي في جائزة أخرى، تأتي دائما من الخارج لتكرم كفاءاتنا العلمية والأدبية، دعونا قليلا نستمتع بهذا النجاح دون تنغيص من أناس يعتبرون أن النجاح خطيئة لا تغتفر ولا حتى بالتقادم

رئيسة جمعية الاختلاف التي قدم الكتاب باسم جمعيتها
(93)    هل أعجبتك المقالة (93)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي