أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إنصافا لأسرانا, ليحاكم القاضي و السجان .... شادي الشرفا*

 

من داخل السجن نراقب باهتمام بالغ تلك التصريحات الداعية الى محاكمة ضباط و جنود جيش الاحتلال,و قد اخذت هذه الدعوات زخم اعلامي هائل يجب ترجمة على ارض الواقع عبر تشكيل لجان فلسطينية و عربية و عالمية. فلا يعقل ان يستمر الاحتلال بارتكاب ابشع الجرائم و المجازر بحق شعبنا تصل الى حد الابادة الجماعية, دون عقاب و ملاحقة وفق القوانين و الاعراف الدولية و التشريعات الانسانية ذات الصلة.

لكننا في نفس الوقت نتسائل, ماذا عن جرائم مديرية السجون بحق الاسرى و انتهاكها اليومي الصارخ لأبسط قوانين و شرائع حقوق الانسان؟؟ ان مصلحة السجون جزءا اساسيا من المؤسسة الامنية للاحتلال, فلماذا لا تطال المحاكم الدولية مختلف هذه المؤسسات.

ان سجون الاحتلال مثال بارز على الجرائم التي ترتكب بحق الانسانية, مسلسل انتهاكات لا مثيل له, يبدأ من لحظة الاعتقال مرورا بالتحقيق وصولا الى السجن. فدولة الاحتلال ترفض الاعتراف بالاسرى الفلسطينيين و العرب كاسرى حرب بناءا على اتفاقية جنيف الرابعة. و هي بذلك تجد الارضية الخصبة للتعذيب النفسي و الجسدي و التهديد بل و حتى قتل الاسرى, ناهيك عن الاهانة و التشويه و الاعتداء على الكرامة الشخصية و التعرية الجسدية و الضرب المبرح من قبل السجانين او وحدة "الناحشون" او "الماتسادا" التي شكلت اساسا للقمع, اضافة الى استخدام الاسلحةبحق الاسرى العزل داخل زنازينهم, و اعتقال الاطفال و الزوجات و الاخوات لاجبار الاسير على الاعتراف, كما تمارس سياسة العقاب الجماعي و اهمال العلاج الطبي و الاغتصاب و اتلاف المصاحف و منع ممارسة الشعائر الدينية, كما ان هناك شواهد كثيرة على اعدام اسرى... الخ فالقائمة تطول مما يضرب بعرض الحائط اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالاسرى في وقت الحرب.

ان جملة ما تقوم به "مصلحة السجون"و الاجهزة الصهيونية ترتقي الى مستوى جرائم الحربو جرائم ضد الانسانية. ان الانتهاكات و التجاوزات التي المرتكبة ليست عشوائية, بل هي تمارس بشكل ممنهج و منظم دون ادنى رقابة. قكل ذلك يجري تحت مرأى و مسمع المؤسسات الحقوقية المتزاحمة لدينا. هذه المؤسسات , وفي اسوأ الاحوال, تتوجه الى القضاء الصهيوني نفسه للاحتجاج على الانتهاكات, أي الى ذات الجهة الشريكة, بل و المشرّعة لهذه الانتهاكات و المدافعة عن و الحامية للمجرمين الحقيقيين. أوليست ما تسمى بـ"محكمة العدل العليا"  هي  نفسها من شرعت استخدام ما يصطلح على تسميته بالتحقيق العسكري و الذي يجيز ضرب الاسرى و شبحهم و منعهم من النوم و حرمانهم من الطعام؟؟!!

ان جهاز القضاء الصهيوني جزء اساسي من المؤسسة الامنية للاحتلال مما يعني ان الشكاوي يجب ان تطال "القضاة" انفسهم باعتبارهم اخطر ادوات الاحتلال و مصدر تشريع القتل و الاغتيالات و التعذيب, ناهيك عن المحاكم العسكرية و التي باتت اشبه "بحسبة خضار" و الاحكام فيها تصدر بالجملة... يحاكموننا فيها على احلامنا, و يحاكمون فيها اطفالنا و نساءنا  و يشرعون تعذيبهم بشتى الوسائل.

في دليل على الطبيعة العنصرية لهذه المحاكم,و على سبيل المثال لا الحصر, اصدرت ما تسمى بالمحكمة الاسرائيلية حكما بالمؤبد على شاب فلسطيني بتهمة قتله كلبا مدربا تابع لأحدى وحدات جيش الاحتلال بعد ان هاجمه في بيته اثناء محاولة اعتقاله, فيما تفرج المحكمة عن مرتكب مجزرة عيون قارّه و التي استشهدخلالها سبعة فلسطينيين قتلوا بدم بارد في مؤشر فاضح على الطبيعة العنصرية لهذا الميان الذي بات خارج التاريخ الانساني و الاخلاقيو الحضاري. فهذه المحاكم تكرس المزيد من العنصرية بتفضيلها الكلاب على الانسان العربي.

على المجرمين ان يدفعوا ثمن جرائمهم التي يجب ان لا تمر مرور الكرام. و علينا ان نستخدم فيما نستخدم كل الوسائل القانونية لردعهم. و على كل من يسعى لاهانة معتقلي الحرية من العرب و الفلسطينيين لاشباع ساديته المفرطة, التفكير مليا لأن الاسنان التشريعية و القضائية سوف تتخذ الاجراءات القانونية اللازمة لملاحقته و التي تكفلها الشرائع الدولية. فالمجرمون بحق العدالة و الانسانية يجب ملاحقتهم و محاسبتهم و على رأسهم "يعقوب جانوت" المدير السابق لمصلحة الشجون الاسرائيلية, و "تساحي هانغبي" المتطرف و وزير الامن الداخلي السابق, اضافة الى "افي ديختر"وزير الامن الداخلي الحالي و رئيس جهاز "الشاباك" الاسبق. فلا احد فوق القانون, و هؤلاء و غيرهم الكثيرون, يجب ان يقفوا خلف قفص الاتهام.

من يريد الدفاع عن الاسرى السياسيين الفلسطينيين و العرب, عليه الانتقال من حالة الدفاع الكاذبة امام محاكم الزور الصهيونية الى حالة الهجوم على كل المؤسسات الامنية و ادواتها البشرية, عبر المحاكم الجنائية الدولية, و المحاكم الشعبية في كل عواصم العالم.

أن الأوان لانصاف اسرانا البواسل, خاصة اولئك الذين امضوا سنوات طويلة تحت ظروف قاسية و مليئة بالاهانات و الاذلال. و لننصف شهداء الحركة الاسية الذين قتلوا عمدا دون ان يحاسب ولو سجان واحد, و لكي يناموا قريري الاعين علينا ان نجسد كونهم اسرى حرب ابطال, و مقاتلي حرية, و ليسوا "مخربين ارهابيين" حسبوصف ما يسمى بالمؤسسة الامنية الصهيونية.

من هنا فان دعوة الحركة الاسيرة الى للمؤسسات الحقوقية الفلسطينية و العربية و العالمية الى اخذ المسألة بجدية,و الشروع بتشكيل اللجان المختصة من محاميين و خبراء بالقانون الدولي عملا على تغيير هذا الواقع المؤلمو الذي يتجاوز عمره الستون عاما.

على اصحاب الضمائر الحية و مناصري الحركة الاسيرة, و خاصة الذين لم يخذلوها يوما, امثال الكاتب و الاسير المحرر راسم عبيدات,  عيسى قراقع , قدورة فارس, و حلمي الاعرج, اضافة الى المحامي جواد العيماوي, عليهم التشمير عن السواعد ووضع اللبنات الاولى لمشروع انصاف اسرى الحرية.ان هذه دعوة جماعية, تتطلب مجهود مكثفيبدأ بحملة تعبئة و تحشيد, و اجراء محاكمات ومرافعات شعبية, و توثيق الجرائم و رفعها الى محكمة العدل الدولية في لاهاي, و محكمة الجنايات الدولية و في كل عواصم الدول التي تسمح قوانينها بذلك. ان المهمة ليست بالمستحيلة, خاصة في ظل التكاتف العالمي لمناصرة القضية الفلسطينية عقب عدوان الاحتلال على غزة الصمود.

ان رهان الكيان الصهيوني على على وقف المقاومة قائم على اساس ارهاب الدولة المنظم, و المتمثل بارتكاب ابشع المجازر بحق المدنيين العزل, ان هذا الرهان يستند على وهم لدى المؤسسة الصهيونية الحاكمة, بأن المواطن العربي سيستاء من استحقاقات المقاومة. بيد ان هذا الكيان, لم يدرك بعد ان هذا رهان خاسر و منافي للتاريخ البشرية, بل و حتى لقوانين الطبيعة. من هنا فان كافة مؤسسات الاحتلال العسكرية و الامنية و الادارية و القضائية, بلو حتى الاعلامية  هي شريكة فعلية في ابادة الشعب الفلسطيني, و لا بد من ملاحقتها قانونيا في مختلف المحافل و العواصم الدولية.

 

         

سجن بئر السبع                  

"في عالم ليس لنا"

اسير مقدسي
(110)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي