أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حتى لا يتحول نصر غزة إلى هزيمة (ج 2) .... أ.د. محمد اسحق الريفي

يسير الحراك السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية الآن في اتجاه واحد، وهو العودة بالأوضاع السياسية والأمنية الفلسطينية إلى ما قبل وصول حركة حماس إلى الحكم والسلطة، وذلك بالتزامن مع تكثيف الجهود العربية والغربية لترميم السلطة الوطنية الفلسطينية، وإعادة صياغة حركة فتح وتحويلها إلى حزب سياسي ينافس حركة حماس بقوة.

من الواضح أن خطة العدو الصهيوني لمواجهة حركة حماس وتقويض نهج المقاومة تقوم على أساس تبديد إنجازات المقاومة وإظهارها أمام الشعب الفلسطيني على أنها لم تجلب له سوى المعاناة القاسية والخراب والدمار، ولذا يعمل العدو الصهيوني وحلفاؤه وشركاؤه في التسوية السياسية، من خلال ممارساته الإجرامية والتخريبية، على سحق حسنات وصول حركة حماس إلى الحكم وتحويلها إلى سيئات، ليقف المواطن الفلسطيني حائراً أمام سؤال مضلل: ماذا استفدنا من مشاركة حركة حماس في السلطة الوطنية الفلسطينية؟!

ويهدف العدو الصهيوني من وراء ذلك إلى إحياء عملية التسوية السياسية وإقناع الشعب الفلسطيني بأنها خياره الوحيد الذي قد يجنبه ويلات العدوان والإجرام الصهيوني، ليس لتحقيق أي من طموحات الشعب الفلسطيني التي يتطلع إليها ولا للتخفيف من معاناته، وإنما لمواصلة عملية إلهاء العرب والفلسطينيين وخداعهم بالتسوية السياسية، ولتمكين الاحتلال من مواصلة إجراءاته أحادية الجانب الرامية إلى إنجاز المشروع الصهيوني وإقامة دولة يهودية...

ولذلك يسعى رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان إلى إقناع حركة حماس، إذا ما توصلت مع حركة فتح إلى مصالحة بالمحددات التي تقبلها اللجنة الدولية الرباعية، وإذا ما توصلت الفصائل الفلسطينية إلى تهدئة بالشروط التي وضعها العدو الصهيوني، بضرورة العودة إلى اتفاقية 2005 أساساً لفتح معبر رفح، وهي في الحقيقة ليست سوى تعليمات أمنية أملاها العدو الصهيوني عبر م. دحلان على الطرف الفلسطيني، إضافة إلى إجراءات أمنية لتبديد هواجس الاحتلال الصهيوني الأمنية وضمان سيطرته غير المباشرة على معبر رفح.

وهناك عوائق كأداء أمام وصول حركتي حماس وفتح إلى مصالحة، إذ تهدف هذه المصالحة إلى إخضاع حركة حماس لالتزامات السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحويل مشاركتها في نظام أوسلو السياسي إلى مشاركة شكلية تمنح عملية التسوية السياسية شرعية. وفي هذا الصدد، أكد أحمد قريع، الذي من المتوقع أن يلعب دوراً مهماً في حكومة وفاق وطني يشارك فيها مروان البرغوثي، على ضرورة التزام حركة حماس بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية إذا أرادت الانضمام إليها.

وبعبارة أخرى، لا تزال شروط اللجنة الرباعية الدولية مفروضة على حركة حماس كشرط للمشاركة في الحكم والسلطة، وهذا ما أكده زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو المرشح لرئاسة الحكومة الصهيونية القادمة عندما قال: على حماس أن تلتزم بشروط اللجنة الرباعية الدولية.

كل ذلك يجعل الحوار والمصالحة والوحدة الوطنية والوفاق الوطني أدوات صراع يستخدمها فريق نهج التسوية وشركاؤه في تصفية القضية الفلسطينية لتدجين حركة حماس وتغيير نهجها وأيديولوجيتها باتجاه العودة إلى الوراء وإحياء نهج التسوية السياسية.

إن من أهم الإنجازات التي حققتها المقاومة بقيادة حركة حماس خلال الحرب الصهيونية على غزة هي زعزعة ثقة شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية بنظام أسلو ونهجه وأدواته ورموزه، وفضح دور وكلاء الاحتلال وممارسات أتباع دايتون أمام العالم، وتقويض نظام أوسلو والقائمين عليه. ويعد ذلك في حد ذاته نصراً كبيراً لنهج المقاومة والممانعة، وإحباطاً للجهود الصهيونية الرامية لإجهاض إنجازات المقاومة والتشكيك في جدواها. أليس من أهداف دخول حركة حماس في نظام أوسلو السياسي هدمه من الداخل وانتزاع المواقع القيادة من وكلاء الاحتلال وشركائه؟!

17/2/2009

(101)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي