أصدرت منظمة "جميع الناجين" بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكلية "أوكلا" الحقوقية في كاليفورنيا، تقريرا يرصد ارتفاع حالات العنف الجنسي ضد الرجال في سوريا وتركيا، حثت خلاله على ضرورة التحرك لمنع العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في سوريا، وتلبية احتياجات الناجين من هذا العنف استجابة عاجلة ومكثفة ومنسقة.
وصدر التقرير الخميس الماضي، تحت عنوان "التدمير من الداخل..العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في سوريا وتركيا" في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (Chatham House) بلندن.
وأكد التقرير، الذي اطلعت "زمان الوصل" عليه، على أن العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في سوريا، يرتكب بشكل رئيسي في مراكز احتجاز النظام السوري، وعند نقاط التفتيش، وخلال مداهمات المنازل، وفي الأماكن العامة، وكتكتيك للتجنيد القسري من قبل قوات الأمن السورية، والجماعات المرتبطة بها، والجماعات المسلحة غير الحكومية.
وشدد على أن الفتيان عرضة للعنف الجنسي، وخاصة أولئك المرتبطين بالقوات المسلحة والجماعات المسلحة، وعمالة الأطفال والفتيان غير المصحوبين بذويهم، والمنفصلين عن أسرهم.
وقال التقرير: "أثناء فرارهم إلى بر الأمان، يتعرض الرجال والفتيان للعنف الجنسي خلال الرحلة إلى تركيا وبعد وصولهم إليها، حيث يكونون عرضة للعنف الجنسي والاستغلال والإيذاء من قبل أصحاب العمل وأفراد من المجتمع المضيف، وفي مخيمات اللاجئين، ودور الأيتام، والأماكن العامة والمنزل.
كما تصاعد تعرّض أفرد مجتمع الميم أكثر للعنف الجنسي في كل من سوريا وتركيا".
وأضاف التقرير أن "النزاع المسلح في سوريا أدى لحدوث أزمة إنسانية وحقوقية هائلة، حيث فر ملايين الناس من البلاد، وكثير منهم إلى تركيا.
وميّز الصراع المسلح في سوريا العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، ضد النساء والفتيات والرجال والفتيان على حد سواء".
ولفت التقرير أن "للعنف الجنسي عواقب مدمرة للناجين الذكور وعائلاتهم ومجتمعاتهم. بالإضافة إلى الأذى الجسدي، فإن الآثار النفسية على المدى القصير والطويل على الناجين تشمل الخجل، وفقدان الثقة، واضطرابات النوم، والشعور بالعجز والارتباك، والأفكار الانتحارية".
وسلط التقرير الضوء على عدم وجود جهود منتظمة لمنع العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان، أو الاستجابة له في سوريا وأثناء فرارهم عبر الحدود، وفي دول اللجوء، نتيجة لأسباب عديدة ومعقدة، مشيرا إلى أن الاحتياجات الإنسانية هائلة، وتقديم المساعدات الإنسانية يشكل تحدياً كبيراً.
وأوضح أن الخجل والوصمة الاجتماعية يمنعان الرجال والفتيان من طلب المساعدة، لافتا إلى أن "هناك عوامل اجتماعية وقانونية ومؤسساتية مترابطة ومتداعمة تُسهم في حلقة بغيضة من الافتقار للحماية، والتقليص من الإبلاغ عن الحوادث، والاحتياجات غير الملباة للناجين الذكور، وينتج عن ذلك نقص في الوعي، وفي آلية نقاط الوصول، وفي تقديم خدمات متخصصة لتلبية الاحتياجات المعقدة للرجال والفتيان الذين تعرضوا للعنف الجنسي".
وختم التقرير بالتشديد على ضرورة التحرك أكثر لمنع العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في سوريا، مطالبا تلبية احتياجات الناجين من هذا العنف استجابة عاجلة ومكثفة ومنسقة.
الصحفي والحقوقي السوري "منصور العمري" قال إن "التقرير يسلط الضوء على العنف الجنسي بجميع أشكاله ضد الذكور في معتقلات الأسد بشكل رئيسي، ويتحدث عن الحاجة لتقديم خدمات متخصصة لتلبية احتياجات الضحايا الناجين من العنف الجنسي، وعن ضرورة التحرك لمنع العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في سوريا، من خلال استجابة دولية عاجلة".
وأكد الحقوقي المشارك في التقرير على أن العنف الجنسي ضد الذكور يسبب القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات الأكل، وتجنب الأشخاص أو الأماكن التي تذكر بالاعتداء أو الإساءة، كما يسبب وجود شعور مثل (رجولة ناقصة) أو أنك لم تعد تسيطر على جسمك، بالإضافة إلى صعوبة في النوم والشعور باللوم أو العار على عدم القدرة على إيقاف الاعتداء أو الإساءة، والانسحاب من العلاقات أو الصداقات وزيادة الإحساس بالعزلة".
وأضاف أن العنف يؤدي للشعور بالعار وعدم الإبلاغ عن هذه الحالات وبالتالي عدم الوصول إلى المساعدة الطبية اللازمة، بما يؤدي إلى تفاقم هذه الأعراض، التي لا تؤثر على الضحية وحده بل على عائلته ومحيطه.
واعتبر "العمري" أن عدم الإبلاغ عن هذه الحالات يؤدي إلى عدم توثيقها، وبالتالي عدم محاسبة المجرمين، مؤكدا على أن الاستسلام للعرف المجتمعي أو ما يسمى "التابو"، يشكل عاملاً مساعداً للمجرم في تغطية جريمته.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية