كنا ثلاثة نجلس في أحد مقاهي الكورنيش البحري عندما ذكر أحدنا احتفالية طرطوس بمحو أمية آخر أمي بالمحافظة وبأسلوب مقارنة ساخر أصابت الجميع بنوبة ضحك لفتت انتباه عدد من الرواد القريبين من طاولتنا .؟.
دخلنا بعدها بنقاش وبنفس الأسلوب الذي بدأه صاحبنا حول المفارقة .
طرطوس الأعلى نسبة تعليم وربما ثقافة من بقية المحافظات قياساً لعدد سكانها الذين لايتجاوزون المليون نسمة شيباً وشباناً نساء ً , باختصار .. (صغير وكبير واللي مقمط بالسرير) , والآن هي خالية تماماً من الأمية .
طرطوس هذه تعتبر الأعلى فساداً أيضاً قياساً لعدد السكان .. ترى هل هناك سر ما في الأمر.؟ . قد يكون ولكن هذا السر قد يحتاج لمجموعة منجمين وباحثين وعلماء نفس ومنقبين وجيولوجيين وعلماء آثار لكشفه وفهمه وادراكه .
والسؤال هو : متى نحتفل بمحو فساد آخر الفاسدين في دولة طرطوس أسوة بالأمية .؟؟!! أليس هذا سؤال وتساؤل يحتاج لإجابة .؟
تعالوا لنخوض في النتائج والآثار ثم نعود لبحث مايتيسر وحسب قدرتنا على الفهم . ( ياسيدي اعتبروها مجرد علاك فارغ ) .!!
- طرطوس هي الأقل لجهة عدد السكان والأعلى تعليماً كما قلنا وعدد حملة الشهادات ونسبة الشباب بمعنى أنها محافظة شابة جداً ومتعلمة ومثقفة ... لكنها الأعلى نسبة بطالة .!!!
- المحافظة في كافة مناطقها تتميز بأنها .. زراعية - سياحية ( جبل - بحر ) لكنها الأقل صناعة والأسوأ تجارة ً ( فاشلة تجاريا ًً ) كونها الأكثر أمية ً بأصول التجارة وتجارها لاعلاقة لهم بالتجارة من قريب أو بعيد الا عدد محدود قد لايصل الى عدد أصابع اليد الواحدة .
- تعتبر فاشلة سياحياً تماماً ويندر أن تجد فيها ممن يملكون منشآت سياحية يفهمون أصول السياحة والخدمات السياحية وحتى الذين يعتبرون ناجحين في عمل الخدمات السياحية يعتبرون فاشلين وأميين سياحياً قياساً لمحافظات أخرى مثل اللاذقية ودمشق وحلب .
وربما يتمكن القادم من خارج المحافظة من رؤية أمور كثيرة أخرى قد لاينتبه اليها أبناء المحافظة .
- أما في أوجه الفساد التي نراها فهي كثيرة ومنها حسب معلوماتنا المتواضعة .
ولأن غالبية المتعاطين بالتجارة كذلك لذا يندر أن تجد تاجرا ً ليس مدين لدمشق وحلب وحمص منذ سنوات طويلة وبمبالغ كبيرة ولايسدد ثمن البضائع التي استجرها .. ومع ذلك يركب سيارة آخر موديل ويملك شاليه وربما مزرعة . ولهذا السبب فإن سمعة طرطوس التجارية ..مضروبة .. زفت .. ويرفض أصحاب المصانع وكبار تجار دمشق وحلب التعامل معهم الا نقداً وسلفاً . . ولأن الدفع سلف ولامجال للنصب .. صار من يدعون أنهم تجار يضيفون فائدة مركبة على قيمة البضائع المضروبة وربما الفاسدة .. والتموين غائب عن الوعي فإذا استيقظ .. يقوم بمهاجة المتعيشين الفقراء لأنهم ليسوا مدعومين .. ومن لايصدق عليه أن يزور المحكمة ليتأكد من أشكال هؤلاء المخالفين المزعومين .
ولأن هناك عدد كبير من السماسرة اللا شرعيين فإنهم يتهالكون للتعرف على أي مسؤول مهما تدنت درجته أو حتى موظف متميز نوعاً ما .. ويستغله في تسيير بعض الأمور مقابل حصوله على بدل الخدمة أو الواسطة من المواطن صاحب الحاجة ولو لم ينفذ له مايريد وانتبهوا فإن غالبيتهم لاينفذ شيئاً وهو غير قادر لأنه حقيقة لايمون على أحد ولا حتى على زوجته وأولاده .
هناك مجموعات أخرى لاتجيد العمل سوى في أعمال الاقراض الربوي ( فائدة ) وبنسب عالية حيث يصطادون أصحاب الحاجة الغير قادرين على الوقوف بباب المصرف وهؤلاء عينهم حتى بالشحاطة العتيقة . وقد قاموا ويقومون بتبييض أموال بعض الموظفين والمسؤولين وتنميتها بهذا الأسلوب .
ومن اعتاد على الربح السهل , لايستطيع أن يتعب نفسه ولن يتخلى عما اعتاده ولو ركب
( جوز قرون ) والبعض فعلا ً كذلك .
يندر أن تجد فيها من يهتم بشؤونه الخاصة ومحاولة تطويرها والغالبية ( ماشاء الله .. ماشاء الله ) وبدون حسد يهتمون بكل مايجري في العالم إلا شؤون بلداتهم وقراهم وأحيائهم .. هذه الغالبية تحلل وتخمن وتنجم وتعلم مايجري في أقبية البيت الأبيض والكرملين ويزعمون أنهم يعلمون تماماً ماتفكر به القيادة والسيد الرئيس ومجلس الوزراء ويتحدثون بثقة مطلقة وكأن بعضهم يوجه القيادة والحكومة والسيد الرئيس بآراءه النادرة والعظيمة لابل أن هذا البعض يصرح لك بآخر نقاش جرى بين السيد الرئيس ورئيس الوزراء وكل مايتعلق بشؤون أمن البلد والجيش ..الخ . مضفياً على سحنته شكل المهتم وحامل الهم والشخصية العبقرية النادرة المثيل .. وقد يتمادى أكثر فيصرح بلهجة اللائم والمعاتب ( إنهم لايستمعون للنصيحة ولايسمعون الكلام ) ..؟ ولو تماديت مع صاحبنا هذا في النقاش لاكتشفت وتأكد لك مدى تفاهة هذه الشخصية وخوائها وغثاثتها ..!! . مع ذلك هناك البعض من أصحاب العقول الصغيرة ممن يصدقه ويتداول مع الغير ماسمعه منه .
- البعض الآخر من هؤلاء .. يعزل ويقيل ويعين ويبدل ويغير ويحدثك عن أن فلان سيكون وزيرا ً وعلتان سيشكل الوزارة أو يعيد تشكيلها .!! . وعليك أن تصدقه وإلا فإنه سيقيم الدنيا ولن يقعدها فإذا ماقمت باستفزازه أكد لك أن فلان ابن خالته والمسؤول العلاني ..( ابن ست اللي خلفت أم أبوه ) .وقد علم بكل ذلك منه شخصياً وعبر حديث حميمي على اعتبار أنه مستودع أسراره .
- البعض الآخر من زاعمي الثقافة والتعليم رفيع المستوى .. وفي حال أن مصلحة له لم تتحقق يلجأ الى أسوأ الأساليب فيتوسل العشائرية والعائلية وربما اللاأخلاقية والدفع والقبض وإقامة الولائم .. ثم يعود ليحدثك عن الفساد وتحلل المجتمع وتفسخه وضرورة الإصلاح في الوقت الذي يمارس فيه الوساطة والسمسرة بأسوا أشكالها وكافة أشكال الفساد .
- هناك شريحة منسية من المسؤولين السابقين الآبقين وبعد أن خرجوا بثروات طائلة من خلال ممارساتهم لموبقاتهم وفسادهم القذر الذي نعاني من آثاره وسنبقى نعاني منه لمدة طويلة .. ينظرون في جلساتهم في الفساد وضرورة مكافحته لأنه يندر أن يراجعوا دائرة إلا ويضطرون للدفع في سبيل تسيير أمور معاملاتهم ومشاكلهم ..ونسي هؤلاء السفلة مافعلوه عندما كانوا في سدة المسؤولية وكيف جمعوا ثرواتهم والجميع يعلم أن المرحوم قد مات وهو لايملك شروى نقير . وإنهم هم أس البلاء المستمر بما ينشرونه من ثقافة استهلاكية بالمال المنهوب تعطل التوجهات الحقيقية للمجتمع .
- ولما خرج هؤلاءالفاسدين السابقين من الوظيفة والموقع سالمين غانمين بما شفطوه ونهبوه فقد تشجع اللاحقين ( واللي كان بشفاط شغل شفاطين ) واللي كان مركب قرون ..ركب دش ..وهات ياشفط و(مش ناقص لما تفوت على شي دائرة حتى يمسكون بك من قدميك ويقلبوك ويهزوك حتى يهر آخر قرش بجيبك ) وصاروا مبدعين في ابتكار أسليب غريبة وعجيبة للنهب ..و.. ( لعن أبو اللي خلف المواطن ) مثلا ً ..اقرأوا وتعجبوا : البعض في مؤسسة المياه ( مثلاً ) ولا تاخدوها بجد : يحدد هؤلاء بعض البنايات التي توحي أن قاطنيها قد يعيشون في بحبوحة فيتلاعبون بالعداد وتفاجأ بأحدهم يقرع الباب وعندما تفتح له .. يتصنع الاستغراب والدهشة ليقول لك أن عدادك سجل أكثر من عشرة آلاف ليرة بدورة واحدة , فهل لديك تسرب مياه في الحمام مثلا ً ..؟!! تجيبه وأنت تكابد ربما بداية جلطة لهذا الخبر بالنفي والدهشة والصدمة ..!! فيضيف مؤكداً وكذلك الدورة السابقة .. يخفق قلبك بشدة أكثر ..تسأله عن الحل يقول لك راجع المؤسسة ففلان قد ينظر في الأمر ويساعد .؟!! . تراجع المؤسسة يجيبك فلان مباشرة ً وقبل أن تكمل .. شو دخلني هيك عدادك مسجل .. ؟ تجادله وتضيف أن هذا غير معقول وتبرز له الفواتير السايقة .. يرد عليك بألف ربما .. يرسل معك أحد الموظفين لفحص العداد وعند الوصول يبدأ بالمساومة .. ( خيو أنا راح دبر لك الأمر ) تسأله عن المقابل .. يجيب ..على الأقل ربع المبلغ .. مش أحسن ماتدفع عشرون ألف ليرة .. تقول له
( أكشن ) فيؤكشن الأخ أمام عينيك .. يفك العداد .. يعيد الأرقام الى وضعها السابق ويؤكد لك أنه سيقوم بتدبير الفاتورة السابقة ( ولايهمك ) .؟!!!!!!!
عملناها معهم وطرقناهم كم لم يتوقعونه فبعد أن منحناهم الثقة المطلقة والوعد بالتكتم فقام باعادة الأمر لوضعه الطبيعي.. رفضنا الدفع .. سكتوا منشان ماتفضحهم .. مع ذلك لم نسكت وهانحن قد فضحناهم ..؟ والله يستر ياجماعة ( جحا والمفتاح بإيدو ) .. بس والله اللي بدو يلعب بالعداد بدنا نلعن أبو اللي خلفو ولو وصلت لفوق بدنا نوصلها ولو ( عربشه ) لأنو ماعنا أسانسير بيوصل لفوق .
وهيك الحال بكافة الدوائر تقريباً .. أقول تقريباً لأن الأمر مابيخلى من الأوادم وولاد الحلال .
- يتبع بالتأكيد وهالمرة على غير العادة بدنا نفوت بالغميق .. ولأننا كنا نقارب الأمر ( من بعيد لبعيد )أو ( من برا لبرا ) ..كانوا يطنشون عن كافة الأمور اللي طرحناها ونحن أصدق منهم بدرجات .. لقد صبرنا عليهم ولأن الصبر يوصل الى القبر , ولاتصدقوا أبداً إنه مفتاح الفرج . واللي مابيبكي على أمو مابترضعوا ثلاث رضعات مشبعات . ؟!!!!.
- يتبع حتماً .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية