ألمانيا كانت ولا زالت تدفع ثمن المحرقة التي ارتكبها النظام النازي الألماني ضد اليهود وعدد من الفئات التي كانت تعيش هناك في حقبة ذلك النظام في الثلاثينات من القرن الماضي , والتي لازالت تثار الشكوك حول مصداقية وحجم تلك المحرقة , وهنا لابد الحديث عن القضية الفلسطينية والتي قد تشبه بدايات تلك المحرقة إذا ما صحت المعلومات عنها , ولكن الفرق فيما بين القضيتين هو أن المحرقة بحق اليهود انتهت منذ أكثر من ستة عقود من الزمان , واليهود هم الضحية وتم الاعتراف من قبل الألمان بها , أما المحرقة من قبل اليهود ضد الفلسطينيين فما زالت مستمرة ولم تتوقف على محرقة واحدة بل هناك عشرات بل مئات المحارق والتي ترتكب بشكل يومي بحق المدنيين الفلسطينيين , واليهود هم الجلاد والجاني الذي لم يرحم أحدا في محرقته , وللمفارقة أن اليهود استطاعوا انتزاع اعتراف الألمان بارتكابهم ضدهم المحرقة والتي تعرف بـ"الهولوكوست" وفي نفس الوقت هم يصورون أنفسهم أمام العالم بأنهم المعتدى عليهم ولا يعترفون لا بصغيرة ولا بكبيرة من الجرائم التي يقترفونها في فلسطين.
اليهود بدعايتهم ووحدتهم جعلوا الغرب وخاصة منهم الألمان يشعرون بعقدة الذنب تجاههم بسبب تلك المحرقة "التي نفذت ضدهم" , وكل ذلك ترتب عليه الكثير من الإجراءات لصالح اليهود من أهمها دعما ماليا وعسكريا سنويا منتظما من قبل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الغربية , عدا ذلك فان الدعم تجاوز كل هذا وصولا إلى الدعم المعنوي في كل ما يقوم فيه اليهود في فلسطين المحتلة وكان قد سبق ذلك مساندة الغرب للصهاينة لاغتصاب ارض فلسطين وإعلان دولتهم المزعومة فيها وممارسة كل الإجراءات القمعية واللانسانية ضد الفلسطينيين .
الأمر المقبول أن كل إنسان سلب حقه وانتهكت خصوصياته يحتاج إلى تعويضا عن كل ذلك وقبل كل شيء يحتاج إلى العدالة التي يسترجع من خلالها حقوقه التي سلبت منه أو يعوض عما فقد ,ولكن الشئ الغير مقبول وهو ما فعله اليهود هو أنهم سلكوا طريق الظلم لكي يحققوا تلك الأهداف التي كانت في حقيقتها مجرد حجة تمسكوا بها لكي يجلبوا تعاطف الغرب معهم ويتم تجميعهم في فلسطين والتي ليس لهم حق فيها و التي قالوا عنها أنها ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
الشئ الآخر والذي أود التعريج إليه , هو هذا العالم الأعرج الذي يقال أن فيه شرعية دولية وفيه "مجلس امن دولي" , فقد وصلت إلى قناعة أن تلك الشرعية ما هي إلا دعم لــ "اللاشرعية" ومناصرة كل شئ وجوده غير شرعي كدولة الصهاينة , ومجلس الأمن ليس إلا داعما كبيرا لكل من يمثل خطرا على المدنيين والعالم بأسره كالدولة الغاصبة و التي تسمى دولة إسرائيل , هنا وفي هذا السياق يجدر القول أن هذا العالم رغم عرجته واعوجاجه فباستطاعته أن يرجع الحق المغتصب لأن المنطق يقول من يستطيع دعم الشر وتنفيذه فهو يستطيع بنفس الوقت فعل الخير ودعم الحق .
اليهود كما ذكرت هم تعرضوا على حسب ادعاءاتهم لمحرقة انتهت منذ أكثر من سبعة عقود في بلد كانوا يعيشون فيه ويتجنسون بجنسيته تم تعويضهم بأرض ليس لهم وهي فلسطين عدا التعويضات المالية التي لازالت تدفع لهم إلى يومنا هذا , أما الفلسطينيون فهم يُقتلون ويُجرحون بالآلاف ويُنكل بهم بأبشع صور التنكيل والإجرام من دولة الاحتلال الإسرائيلي في عشرات المحارق اليومية و كل ذلك كان ومازال أمام مرأى ومسمع العالم كله منذ ما قبل عام 1948م بعد احتلال أرضهم والاستيلاء على مقدراتهم من قبل الصهاينة ... وباعتقادي ان العالم اذا ما بقي على شاكلة نصرة الظلم على المظلوم ودعمه لسرقة الحقوق فلن تتوقف جرائم الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين ولن تتوقف كل المحارق ضده من قبل الصهاينة.
فهل محرقة واحدة ارتكبت بحق جزء من اليهود تساوي المحارق التي ارتكبت من قبل اليهود أنفسهم بحق كل الفلسطينيين؟ و ما هو التعويض الذي قد يعوض الفلسطينيون كل هذه المآسي والآلام التي تجرعوها من قبل الصهاينة لأكثر من ستة عقود في محارق مستمرة ومتجددة ؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية