أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل تستولي حماس على المساعدات في القطاع؟ ... رشيد شاهين

خلال الحرب المجرمة والهمجية التي شنتها دولة الاغتصاب أمام أنظار العالم وخاصة العربي منه على قطاع غزة، كنت على اتصال شبه دائم ببعض الزملاء والأصدقاء في قطاع غزة من اجل الاطمئنان والسؤال عن الأوضاع هناك، والحقيقة انهم كانوا يروون لي الكثير من الأمور التي كنت اعتقد بأنها قد ترقى إلى حد المبالغة، أو إنها تقال تحت تأثير الشائعات التي لم تتوقف عن الانتشار، والتي قد تكون على علاقة بالخلافات التي يعلمها الجميع في الساحة الفلسطينية، وتحديدا بين حركتي فتح وحماس، ومن هنا لم أشأ أن اكتب عنها ولم أشأ الخوض فيها من خلال ما اكتب، على اعتبار أن الأمور لا تحتمل المزيد من "الشوشرة" والتعقيد، خاصة وان هنالك دماء زكية تراق، وقتل جماعي تتم ممارسته بدون استثناء أو تمييز ضد الأطفال والنساء والشيوخ، وعلى اعتبار ان القذائف التي يرسلها المجرمون القتلة، لا تميز بين من هم من أبناء فتح أو حماس أو الجهاد أو الشعبية أو الديمقراطية أو بقية الفصائل، فهي تقتل بدون تمييز وتمزق بدون رادع أو وازع وبلا توقف.

خلال تلك الاتصالات كان لا بد من الحديث عن المساعدات التي تصل إلى القطاع وكيفية توزيعها، وكان الحديث يدور أحيانا عن سوء في التوزيع لتلك المساعدات، وكان لا بد لي من أن اتصل بأحد ما في وكالة الغوث، وهو الذي وبحسب ما اعلم ليس منتميا إلى هذا التنظيم أو ذاك، وقد طلبت منه أن يكون صادقا في نقل الحديث، وان يخبرني حقيقة ما يحدث في موضوع المساعدات، وقد كان الرجل فيما اعتقد صادقا حيث أكد لي بان ما يتردد فيه الكثير من الصحة، وقد قال بان حماس تقوم بتوزيع المساعدات على "جماعتها" وأنها تقوم ببيع تلك المساعدات لمن تعتقد أنهم ليسوا منها أو من مناصريها، وقد قال في حينه " لماذا تستغرب الأمر، حماس وعناصرها هم جزء من أبناء شعبنا، وهم ليسوا من قارة أخرى، هذا ما كانت تمارسه فتح في السابق، توزع المساعدات على "جماعتها" وهذا ما تفعله كل التنظيمات الفلسطينية بغض النظر عن توجهاتها" وكان جوابي انني افهم ذلك وان أبناء حماس هم من أبناء شعبنا وإنهم ليس من كوكب آخر لكن الوضع الآن مختلف، حيث إن الجميع " تحت العصا".

الحقيقة أنني لم اكتب في ذلك في حينه لأنني لم أكن لأشعر بان ذاك هو الوقت المناسب، ولا أبالغ لو قلت بأنني لم أشأ أن اقتنع بكل ما سمعت حيث أن " الناس تتغير" فلربما يكون الرجل وخلال الفترة الماضية ارتبط مع فتح أو مع سواها، وعليه آثرت السكوت وعدم الكتابة في الموضوع، إلا أن ما حدث بعد ذلك هو ان الحديث اخذ بالازدياد، وقد كان الخبر الذي تم بثه في أكثر من مكان وموقع ووكالة عن أن مسلحي حماس استولوا على شاحنات مقدمة من الهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية، وهذا ما جعل الأمور تزداد تعقيدا أو اتضاحا، وبرغم ذلك لم اكتب في الموضوع، حيث ان الخبر قد يكون مفبركا ولا علاقة له بما يجري على الأرض، وان كل ما يقال في هذا الموضوع ليس سوى محاولات لتشويه صورة حماس.

موضوع المساعدات لم يتوقف عند هذا الحد فلقد قيل الكثير حول الموضوع، إلى أن تم الإعلان من قبل وكالة الغوث الدولية - الاونروا- والتي هددت بأنها سوف تتوقف عن تزويد قطاع غزة بالمساعدات لان مجموعة من مسلحي حماس استولت على العديد من الشاحنات التي تحمل المساعدات وأنها وما أن ينتهي المخزون الموجود في القطاع فسوف تتوقف عن تقديم المساعدات، عندئذ تحركت حركة حماس وقالت بأنها تحقق في الموضوع ثم خرجت الحركة لتقول بان ما حصل لم يكن سوى سوء فهم أو خلل فني، حيث تم الاستيلاء على تلك الشاحنات عن طريق الخطأ، هذا التبرير في الحقيقة كان أسوا من ذنب، ويمكن القول بان أحدا لم يصدق رواية حماس، حيث من المعروف أن الشاحنات التابعة لوكالة الغوث تحمل علامات يمكن من خلالها أن يتم تمييزها بشكل لا يحتمل اللبس أو الخلط، وهي قصة إنما تدل على مدى الاستخفاف بعقول الآخرين وعلى أساس أن على الجميع أن يصدق كل ما تقوله حماس، أو ليست حماس حركة دينية إسلامية تعتبر القرآن دستورها.

هذا الذي نكتبه لا نقصد به الإساءة إلى حماس ولا إلى غير حماس، حيث إننا نعلم بان الفرز في الساحة واضح، وان كل من يقول كلمة ضد حماس فهو من جماعة السلطة ودايتون، وان من يقول كلمة بحق فتح فهو يعمل على أجندة إقليمية مرتبطة بإيران وقطر وربما تحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي- ليست لدي مشكلة في أن يتحول الناس إلى أي مذهب، هذه علاقة بين المرء وربه-.

الأمور ليست بهذه الطريقة ولا بهذا الشكل، حيث اعتقد بان على حماس أن تعي بان هنالك تنظيمات أيضا بدأت تشكوا من الكثير من الممارسات التي يتم ممارستها من قبل البعض في قطاع غزة، وقد كان الاجتماع الذي عقد الاسبوع الماضي وضم أربعة من التنظيمات من بينها الجهاد الإسلامي يشير إلى وجود حالة من التذمر حتى لا نقول الغضب فيما يتعلق بهذا الموضوع، وكان آخر ما صدر في هذا المجال - الأحد- من قبل حزب الشعب الذي دعا في بيان له في غزة إلى ضرورة توخي العدالة في توزيع المساعدات على المحتاجين والمتضررين في قطاع غزة بدون تمييز.

صدور هذه البيانات والحديث الذي بدأ يعلو حول هذا الموضوع وخاصة بعد الاستيلاء على شاحنات وكالة الغوث لا يمكن أن يكون بدون أساس، والقول أن مثل هذه الأحاديث ليست سوى محاولات لتشويه صورة حماس لن يكون مفيدا ولن يكون سوى محاولة للتعمية والتغطية على ما تقوم به حماس وهو تكرار غير مفيد وغير مبرر.

على حماس أن تتخذ إجراءات كفيلة للحد من الأعمال التي أخذت تتزايد بدون حسيب أو رقيب وعليها أن توقف هذه الأعمال، - وهي على أي حال أعمال كثيرة من بينها أعمال قتل وترهيب وسطو على شقق فارغة والسيطرة عليها وغير ذلك-، حيث ان القطاع من مسؤولية حماس، وإذا كانت حماس بريئة من هذا الذي يجري فعليها أن تتبرأ منه، وان تعلن على الملأ من قام به أو من يقوم به، الاتهامات لا تكفي ولم تعد تنطلي على احد، وهذا يذكرنا بالاتهامات التي تم توجيهها إلى حركة فتح عندما وقعت تفجيرات الشاطيء الإجرامية، وقد تم توجيه أصابع الاتهام إلى فتح مباشرة بعد ذلك، لغاية اللحظة لم تثبت حركة حماس ذلك، ومن هنا لا بد من التوقف عن مثل هذه الممارسات في القطاع حتى لا يتحول السحر على الساحر وحتى لا تبقى حماس متهمة في كل ما يجري.

المطلوب من حماس التي خاضت الانتخابات التشريعية تحت شعار التغيير والإصلاح أن تعمل على ذلك الآن في قطاع غزة حتى يشعر المواطن الفلسطيني ان الشعارات تترجم إلى أفعال على الأرض، وعلى الجميع أن يتقوا الله في الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى الذين شردهم العدوان، أخيرا نقول ارحموا من في العراء يرحمكم من في السماء.

9-2-2009

(115)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي