بشّرنا الوالي بجزائر برازيلية .. و ثورة إسمنتية ... احمد القسنطيني

بسم الله الرحمن الرحيم
و الصّلاة و السّلام على اشرف المرسلين
الإخوة الافاضل ..
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ايها الأحبّة جئتكم من سيرتا بخبر يقين ..
ازّف لكم بشرى والينا على احرّ من جمر ..
يقول والي سيرتا في خطاب القاه قبل امس :
" اليوم اصبح المواطن يرى بعينيه المجهودات التي نقوم بها ...و اصبحنا في مرحلة تطبيق المشاريع و ليس الكلام .."

دعوني انقض باحترام و عقلانية مقولة حضرة الوالي .

الرجل معه حق في هذا الكلام لان الشعب الجزائري كان يعيش في غيبوبة
و موت سريري ..
الشعب كان اعمى البصيرة كان همّه الوحيد ان يرجع لبيته على الساعة الخامسة و هو حيّ يرزق .
الشعب اليوم يرى انّ اكاوم من الاسمنت ستخرج البلاد من دول العالم الثالث ..الى العالم الاول .
سنعود لهذا بعد قليل ...

و بساطة الشعب الجزائري ساعدت المسؤولين
و فتحت لهم المجال للتفاخر بإسمنتهم .
فالجماعة يوحون لنا انهم انجزوا لنا عجائب الدنيا السبع .
في مدينتي العريقة قسنطينة نملك 3 من عجائب الدنيا
اولها الفونهول Vanhool


هذه الحافلة اعتبرها المواطن البسيط اعجوبة من اعاجيب الدنيا
اسألوا اهل قسنطينة ليحكوا لكم عن تلك الفرحة بل العرس القسنطيني يوم بدئت الحافلات العجيبة بالشغل
و الله يا جماعة في اليوم الاول كانت تذكرة الرّكوب مجانية ..
قسنطينة كلها حجّت بهذه الحافلات بمعدل 40 كلم للفرد ...
مساكين نحن و الله.. ترى الناس تركب من جبل الوحش الى محطة ابن عبد المالك ثم ترجع مرة اخرى لمحطة جبل الوحش ... وهكذا ...
و داخل الحافلة تعيش جو لا يمكن وصفه ..
الاعين شاخصة بالحافلة و منهم من يتمسح بجدرانها ليتبرّك ...
الزغاريد ...الهتافات ..
و في الشّارع عندما تمر الاعجوبة الكل يتوقف ..و من كان جالسا يقف ..
عرس بكل ما تعنيه الكلمة .
انا عشت مع بسطاء بقسنطينة ذاك العرس و شاركتهم ببساطتي ..
و في الجهة المقابلة فكرّة طويلا حول هذا الشعب الرّائع البسيط كيف صار يفرح لامور تعد عند اقرب جيراننا من التوافه .

من عجائب قسنطينة ايضا التيليفريك


نفس العرس الذي عشناه مع اعاجيب الحافلات عشناه للمرّة الثانية مع التيليفيريك ..
يكفيكم لتتصور الفكرة اذا قلت لكم انّ عائلات من ميلة و شلغوم اتت لزيارة اقاربها بقسنطينة بغيت الركوب في التيليفيريك .
اذكر انّ حي الفوبور المشرف على التيليفيريك صار كمدرجات الملعب ..امّا المقاهي المجاورة فحدّثق و لا حرج ...
و مع ذلك هي ايام عرس رائعة رغم الوجه الآخر لمدلولها ..

و اختم بالبنايات التي بناها الصينيون تحت مشروع وكالة عدل .
هي بانيات عادية تقريبا و متواجدة في كل انحاء الوطن المشكل الذي دعاني للذكرها ان المواطن القسنطيني ذهل بها و بمدة انجازها
و ما اذهله اكثر هي المصاعد !!!
انا لما اكلم الناس عن البنايات يعجبهم الامر و يشتاقون لرؤيتها لكن عندما اقول انها تحتوي على مصاعد ترى الغدد التعجبية لديهم زادت في التدفق اكثر فاكثر ..
سبحان الله في عام 2008 لازلنا نندهش للمصاعد !!

لازلنا ننتظر الاعجوبة الرابعة المتمثلة في المتروا الغائب الحاضر ..
حاضر في البلبلة و الشعارات و غائب عن الميدان.

الإخوة القرّاء ذكرت لكم هذه العينات لاوصل لكم فكرة .
تتمثل هذه الفكرة في بساطة المواطن اتجاه التطور العمراني
و هذا ما استغله المسؤولون للتشدق على المواطن ببعض المشاريع الميكروسكوبية.

المتتبع للاوضاع في الجزائر و خاصّتا في الولايات و المدن الكبرى يستطيع ان يكتشف حقيقة مستقبل الجزائر .

اخواني الافاضل ان الجزائر ستتحول قريبا الى برازيل افريقيا ..

فهذا ما توحي اليه كل المؤشّرات ..
كلنا يعلم اقتصاد البرازيل و تشكيلة مجتمعه الفريدة
شقّ يعيش بناطحات السّحاب و يرتع في وديان من الدولارات
و شق آخر يعيش ببيوت كارتونية و يرتع في وديان من المزابل .

اعلم ان بعض القرّاء و هو يقرء هذه السطور سيأخذ فكرة سيئة عن الخميائي
و يردد قائلا " ناس لا يعجبهم العجب و لا الصيام في رجب"

لا يا اخي انا اتمنى التطور لقسنطينة و لكل ولايات الوطن
و لكن ...
تطور شامل في الإسمنت و العقليات
و ساعطيك بعض الأدلة حول برازيل افريقيا الجديدة ...

* الأحياء القزديرية التي هدمت في قسنطينة و انتقل اهلها الى بنايات جديدة
بفضل مشروع المليون سكن ...
اذكر في ذلك الوقت انّ الاهالي فرحوا و استبشروا ... و نال صاحبنا العهدة الثانية على طبق من ذهب .

اذهب اليهم اليوم و بالضبط في المدينة الجديدة علي منجلي ..
انظر الى البنايات التي تصدّقت بها الدولة عليهم
و الله العلي العظيم و انا مسؤول على كلامي حوالي 60 بالمئة من هذه البنايات مهدّدة بالانهيار
تخيلوا بنايات لم يتعدّى عمرها 5 سنواة مهددة بالإنهيار !!!!
و لقد كتبت حول هذا الموضوع جريدة الخبر و الشروق على ما اظن

اليوم اصبحت الدولة تنتهج سياسة غريبة ..
جمعت كل الاهالي من الاحياء القزديرية بقسنطينة و اسكنتهم ببنيات قزديرية
بالله عليكم في عام 2008 لازالت الجزائر تبني مساكن F2
و كأني بالدولة تريد قلع الاحياء القديمة من وسط المدينة واخفاء اهاليها خارج المدينة..
و بالمقابل تشيد بنايات حضارية بفضل دراهم الخليج
و تستورد طبقة جديدة من جينات ذوات البطون.

ثمّ تقول لي "لا يعجبك العجب "
اين هو العجب الذي يطبل له المسؤولون ؟؟
نحن لسنا سوداويين و لا متشائمين و لكنّنا عقلانيين و نحكم على الملموس .
حين نرى العجب سنشكر الله اولا ثم صاحب العجب و العجائب .

غدا عندما يكتمل مشروع الوالي سيصبح سعر فنجان قهوة بحي باردو( صار ملك للخليج) 100 دج
سيصبح سعر كراء ارخص شقّة بوسط المدينة 40000 دج
و بالتالي سينزح المواطن خارج المدينة ...
و يتحقّق حلم الرئيس بومدين " توقف النزوح الريفي للمدينة"
و يصبح لدينا " هروب جماعي من المدينة"
و كما قلت سابقا ستعمّر المدينة بطبقة جديدة من ذوات البطون .
كما حدث بحي سيدي مبروك
هذا الحي الذي يسمع به القاصي و الداني ...
اليوم معظم سكان هذا الحي هربوا منه (و هم من اعرق سكان قسنطينة)
لان الحي تحوّل الى بازار كبير grand bazar
"نستطيع ان ندرج هذا تحت سياسة الفوضى الخلاّقة ..."

* اركب بسيارتك اخي الفاضل و القي نظرة على الحامّة ثم تقدم قليلا الى حي بكيرة ... 5 كلم و انت في وسط المدينة
سترى ان الفرق شاسع جدا جدا جدا
ناس وصلهم الاسمنت و ناس لم يصلهم الماء بعد
إنّها الطبقية الاسمنتية
و المفهوم الجديد لـ "الجزائر البرازيلية"

اريد ان ارسل لوالي قسنطينة و لكل الولّاة رسالة

نحن لانريد اسمنتا ميّتا...
نحن لا نريد مشاريع تملئ جيوب مملوءة
و لا ماسكن ليسكنها غيرنا
نحن نريد تغيرا بالعقليات اولا و لما لا الإسمنتيات

حضرة الوالي ... جئت لنا بمشروع الجسر العملاق
نشكرك على هذا
و لكن ..
مدينة بها جسر عملاق و شهادة الميلاد الاصلية تستخرج في اسبوع !!!

جئت لنا بالتيليفيريك و الحفالات و الميتروا مستقبلا ...
تشكر ...
و لكن ...
مدينة بها التيليفيريك و الحفلات و الميتروا و لا تحتوي على فضاء عائلي واحد !!!
مدينة بها كل هذا و لا يوجد صيدلي يعمل بعد 9 مساءا

انجزتم لنا قطب جامعي مهم بالمدينة الجديدة ..
و لكن الا تذكر انكم نسيتم بناء سور و وضع الحراسة في جامعة مهمة كتلك ..
ام نسيتم ان الجامعة تتطلب شبكة مواصلاة ضخمة ...

العبرة ليست بالإسمنت حضرة الوالي ..

اين هي المعاهد المرموقة كالتي بالجزائر و وهران و سطيف
نحن يا حضرة الوالي بعاصمة الشرق لا نملك معهد او مدرسة خاصّة مرموقة .
اصبحنا نتنقل لسطيف بغية تحصيل ديبلومات رفيعة .


حضرة الوالي ......
نحن شعب بسيط فعلا و نيّة الى ابعد ما تتصور
و لكنّ ....
. لسنا موتى و لا سذّج و لا حمقى .
نحن نسمع و نعي و المهم نفكّر ..
و لا نبني الحكم بالشّعارات و لا بالإسمنت
بل نبنيه على ما لمسنا و عاينّا .






__________________



و ما عـن رضـــى كان الـحـــمــار مـطـــيـتـــي
و لـــكن من يـــمـشـــي سـيـــرضــــى بـمـا ركـب


..