قد تبدو قضية الروسية "ماريا موتوزنايا" بعيدة كل البعد عن الحلف الوثيق الذي يربط بوتين ببشار الأسد، والذي دفع الأول لوضع كل ثقله في الدفاع عن الأخير ومنع إسقاطه مهما كلف الأمر، لكن نظرة معمقة في قضية "موتوزنايا" –البسيطة ظاهرا- تكشف السبب الذي جمع حاكم موسكو بحاكم دمشق.
ووفقا لتقارير غربية اطلعت "زمان الوصل" على بعضها وانفردت بترجمة فحواها، فإن "موتوزنايا" البالغة 23 عاما والمتحدرة من إحدى بلدات "سيبيريا"، باتت على شفا الإدانة بعدة تهم قد تصل عقوبتها إلى 6 سنوات، فقط لأنها نشرت صورة يظهر فيها أتباع للكنيسة الأرثوذوكسية وهم يرفعون صور قديسين في شارع موحل للغاية.
مخابرات وقضاء "بوتين"، حللت الصورة التي نشرتها الشابة، وظهر معها إنها صورة تحض على خطاب "الكراهية والتطرف" وتزدري "مشاعر المؤمنين"، في محاكاة مطابقة لما يقوم به نظام الأسد منذ عقود، حين ترعبه مقالة أو صورة، بل حتى كلمة، فليجأ إلى اتهام صاحبها بالإرهاب أو "وهن نفيسة الأمة".
وعلى نفس الطراز الذي تتبعه مخابرات الأسد، اقتحمت مخابرات بوتين شقة الشابة وروعتها وانتهكت كل خصوصياتها، ثم بدأ التحقيق معها بصرخة "اعترفي".. اعترفي بالتي هي أحسن، اعترفي أنك عبر صورتك نشرت روح الكراهية وآذيت المؤمنين.. اعترفي وإلا فإن 5 سنوات من الحبس تنتظرك.

ونتيجة الضغط الكبير الممزوج بالترهيب، اعترفت ""موتوزنايا" بما أملاه عليها المحقق، الذي لم يعدها إلا غرورا، حيث جر هذا الاعتراف عليها تهمة إضافية (التطرف)، وباتت سنوات السجن الخمس مرشحة للارتفاع إلى 6 سنوات!.
وحتى تكون "موتوزنايا" عبرة لكل من يتحدث عن تغول "بوتين" وفساد الكنيسة التي تدعمه بشكل مطلق، وتعوم على بحر من الأموال والممتلكات فيما "مؤمنوها" غارقون في الطين.. حتى تكون الشابة عبرة لكل "مواطن صالح" في روسيا، فقد تم شد خناق الاتهامات حول رقبتها بادعاء مساندتها للنازية وزعيمها "هتلر"، وتم بموجب ذلك تجميد حسابها البنكي.. لتزداد اللوحة جرعة "السوريالية" في لوجة مخابرات "بوتين"، التي لا يمكن أن تجاريها سوى مخابرات الأسد، القادرة على اتهام شخص ذي ميول شيوعية بأنه وهابي ومساند للإمبريالية الأمريكية وداعم لليمين البعثي في نفس الوقت!
"موتوزنايا" قصة شابة روسية، لكنها تلخص أصل الحكاية، وتعيدنا إلى السبب الرئيس الذي دفع بوتين لنجدة بشار، فخط الدفاع الأول عن طاغية روسيا يبدأ من دمشق، وإذا انهار هذا الخط، فإن أحجار طغاة كثر ومنهم "بوتين" ستنهار بطريقة الدومينو.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية