بدأت الآثار السلبية لاتفاقات "المصالحات الوطنية" التي توصل إليها نظام الأسد مع مناطق كانت تخضع سابقاً لسيطرة "المقاومة السورية" في "دمشق" وريفها، بالظهور جلياً على أبنائها؛ إذ تجاوزت آثارها السيئة أبناءها المهجرين قسراً إلى الشمال السوري، لتطال أيضاً من آثر "المصالحة" والبقاء تحت حكم النظام في تلك المناطق.
*السوق إلى الخدمة
وقال "عمار الخطيب" أحد أبناء منطقة "القلمون" بريف دمشق، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، إن أبناء المناطق التي دخلت في "مصالحات" مع النظام، جرى سحبهم إما طوعاً أو كرهاً لأداء الخدمة الإلزامية والاحتياط في صفوف قواته، بعد فترةٍ وجيزة من توقيع اتفاقيات "المصالحة"، حيث تنصل النظام من جميع تعهداته لهم بعدم ملاحقتهم أو اعتقالهم حتى انقضاء فترة الستة أشهر التي منحها لهم بموجب تلك الاتفاقيات.
وأضاف: "إن النظام يتعمد في الوقت الراهن الزجّ بأبناء مناطق التسويات على وجه التحديد على الجبهات الساخنة مع المقاومة السورية في درعا وريف حماة، بالإضافة إلى جبهات القتال مع تنظيم الدولة في البادية السورية، وبات هؤلاء يشكلون أحد أبرز مقاتليه في الآونة الأخيرة، وقد قضى قسمٌ كبير منهم -وما يزال- دفاعاً عن النظام، وهو ما شهدناه أخيراً في معارك درعا".
أشار "الخطيب" إلى أن النظام أجبر الكثيرين من أبناء "الغوطة الشرقية" على التطوع في صفوف قواته مقابل إخراجهم وعائلاتهم من مراكز الإيواء، ومؤخراً قام بإرسال نحو 500 من أبناء "الغوطة الشرقية" للالتحاق بالجبهات القتالية في "درعا"، وذلك بعد أن أخضعهم لدورات قتالية في معسكرات "الدريج" التابعة لـ"الوحدات الخاصة" إحدى أبرز التشكيلات العسكرية في جيش النظام.
ولفت كذلك إلى أن قوات النظام تقوم من حينٍ إلى آخر بنصب الحواجز الثابتة و"الطيّارة"، وتتعمد اللجوء إلى حملات دهمٍ وتفتيش مستمرة في مدن كبرى تعتبر خزاناً بشرياً مهماً للنظام، مثل: (التل، برزة، الهامة) بغية اعتقال المزيد من الشباب فيها وسوقهم إلى الخدمة الإلزامية.
*وعود كاذبة
تضمنت معظم "التسويات" التي جرى التوصل إليها بين النظام و"المقاومة" في عموم ريف "دمشق"، بنوداً تنص على تشكيل لجان محلية من أبناء المناطق نفسها بغرض حماية مدنهم وبلداتهم، ووفقاً لما أشار إليه "أحمد المعضماني"، أحد أبناء "الغوطة الغربية" من ريف دمشق، في حديثٍ خاص مع "زمان الوصل" فإن النظام خدّع الشباب الذين فضلوا "المصالحة" على التهجير إلى الشمال السوري؛ إذ سرعان ما نقض النظام تعهداته بالسماح لهم بتأدية خدمتهم في الحدود الإدارية لمدنهم لحمايتها، وقام عوضاً عن ذلك باقتيادهم قسراً إلى جبهات القتال.
وأضاف قائلاً: "قضى الكثير من أبناء مناطق المصالحات الرافضين لسياسة التهجير، وهم يقاتلون في صفوف النظام على جبهات دمشق وريفها، ولا سيما في مناطق "الغوطة الشرقية" و"جوبر" كما قضى آخرون على جبهات القتال في البادية السورية و"درعا".
وأوضح أن النظام تنصل من كافة وعوده التي قطعها للشباب في المدن والبلدات التي أبرمت "مصالحة وطنية"، ولم يحدث أن حصل أحدٌ من أبناء تلك المناطق على تصريح (إذن) سفر، لمغادرة البلاد ضمن المدّة الممنوحة لهم قبل سحبهم للخدمة العسكرية، حسب تعبيره.
*عودة المهجّرين
من جانب آخر ركز النظام خلال جميع حملاته العسكرية التي شنها في أنحاء متفرقة من ريف دمشق، على ضرورة خروج أبنائها العسكريين والمدنيين غير الراغبين بعقد "مصالحة وطنية" مع النظام إلى الشمال السوري، الأمر الذي أسفر عن أضرار معيشية وإنسانية حلّت بأولئك الذين قرروا الخروج، ليحاول قسمٌ منهم وتحت وطأة الفقر وقساوة الحياة في المخيمات العودة مُكرهين إلى مدنهم وبلداتهم.
وفي هذا الصدد قال "أحمد طيّارة" نازحٌ من مدينة "التل" في الشمال السوري، لـ"زمان الوصل"، وضع النظام على الأسر الراغبة بالعودة مجدداً إلى ريف "دمشق" شروطاً قاسية منها: أخذ بيانات مفصلة وشاملة عن جميع أفراد العائلة، بما فيهم الشباب ممن هم بعمر الخدمة العسكرية الإلزامية، وعلى هذا سمح النظام لبعض النازحين في الداخل بالعودة، في حين رفض عودة آخرين.
وأشار "طيّارة" إلى أن "المصالحات" مع النظام هي عبارة عن وهمٍ على وهم، خصوصاً وأنها كانت تهدف في الدرجة الأولى إلى تحييد مناطق "المقاومة" عن الخارطة السياسية والعسكرية المعارضة للنظام، ما أتاح للنظام لاحقاً التفرد بكل منطقة، كلٌ منها على حدى وإجبارها في النهاية على الخضوع والاستسلام لشروطه.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية