اضطر العدو الإسرائيلي مرغماً على إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد رغم أن الوقائع على الأرض تؤكد بأنه لم يستطع أن يحقق أي من أهدافه التي شن عدوانه ا لآثم على غزة من أجلها وبهذا يثبت صمود مقاومة أمتنا في غزة وانتصارها سابقاً على عدوان تموز 2006 سلسلة من الحقائق لا بد من السعي لترسيخها في المرحلة القادمة وأهم هذه الحقائق:
الرقم الصعب والطريق الوحيد
لقد أثبت صمود غزة وانتصار تموز أن الحرب الشعبية ممثلة بالمقاومة هي الطريق الوحيد لأمتنا لاستعادة حقوقها .عبر التغلب على اختلال توازن القوة بين أمتنا وبين عدوها الإسرائيلي الأمريكي . بعد ان أكدت أحداث السنوات الأخيرة وما جرى في العراق ولبنان وغزة ، أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وجهان لعملة واحدة . ومن ثم فإن إسرائيل تقاتلنا وتعتدي علينا بقوة الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركتها الفعلية في هذا القتال ، وهذه الاعتداءات . وأمام تفوق العدو في السلاح والتسلح لم يعد أمامنا إلا المقاومة الشعبية لأن الأمثلة كثيرة على قدرة المقاومة الشعبية على هزيمة الإمبراطوريات . فإذا كانت فيتنام قد هزمت الولايات المتحدة الأمريكية عبر مقاومتها الشعبية فإن الحرب الشعبية في أفغانستان والعراق هي التي تمنع الاحتلال الأمريكي من الاستقرار . وتحول بينه وبين تحقيق أهدافه كما أن الحرب الشعبية التي تمارسها المقاومة في لبنان وغزة هي التي جدعت أنف العدو وأرغمته على التراجع عن تحقيق أهدافه . وأمام كل الحقائق الملموسة التي قدمتها المقاومة وما زالت تقدمها فإن على الأمة كلها أن تلتف حول هذه المقاومة . وأن تدعمها بالمال والرجال والسلاح . وهذا الدعم أصبح مسؤولية فردية على كل واحد من أبناء الأمة أداء لواجب الجهاد الذي صار فرض عين على كل مسلم ومسلمة . فالمحتل من أرض المسلمين ليس شبراً واحداً . لكنه أولى قبلتيهم وثالث حرميهم وأرضهم الوقف . التي لايجوز لأحد أن يتنازل عن حبة تراب منه . وعلى أبناء الأمة تشكيل حاضنة تحمي المقاومة باعتبارها الطريق الوحيد لتحقيق أهداف الأمة في الحرية والتحرير. خاصة بعد أن صارت المقاومة بعد انتصارها في لبنان وصمودها الأسطوري في غزة رقماً صعباً لا يمكن شطبه
الأمة الواحدة
الحقيقة الثانية التي أعادها إلى الوجود صمود غزة ومقاومتها للعدوان الصهيوني وقبل ذلك انتصار المقاومة في لبنان على عدوان تموز 2006 هي مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة ، التي يشد بعضها إزر بعضها الآخر. فثورة الغضب العارمة التي اجتاحت الأتراك والإيرانيين والباكستانيين والأندونيسيين وكل المسلمين حيثما تواجدوا في العالم . ونداءات الجهاد التي انطلقت من حناجرهم والهتافات من أجل الأقصى التي دوت في بلدانهم ، تؤكد جميعها أن كل المحاولات التي بذلت لتكريس الفرقة بين المسلمين فشلت وأن الوحدة الإسلامية والحنين إليها مازال كامنا في أعماق النفوس . تشكل ذخراً استراتيجيا لقضية فلسطين التي سعى العدو إلى تقزيمها من قضية إسلامية إلى قضية عربية إلى قضية فلسطينية إلى قضية فصائلية . حتى إذا ما جاء العدوان على غزة فإذا هي تعود إلى مربعها الأول قضية كل المسلمين
أكذوبة الجيش الذي لايقهر
ومن الحقائق التي أثبتها صمود المقاومة في غزة وانتصارها في لبنان كشفها لزيف أكذوبة تفوق العدو وتماسكه وأنه صاحب الجيش الذي لا يقهر فقد تمكنت المقاومة ليس من قهر هذا الجيش . بل لقد جدعت أنفه وكسرت ظهره وأذهبت هيبته وصار من المهم أن نرسخ حقيقة ضعف العدو ووهنه وأن إسرائيل عدو ضعيف ليصبح ذلك جزءا من ثقافة جماهير الأمة في إطار تعبئتها للمواجهة الشاملة مع العدو بعد أن تمكنت المقاومة المنتصرة في لبنان والصامدة في غزة من دحر مقولة أن أمتنا غير قادرة على الانتصار بل وحتى الصمود، وأثبتت أن المقاتل العربي والمسلم قادر على تحقيق الانتصار عندما تتاح له الفرصة للقتال الحقيقي.
تحالفات
كما كشف العدوان على غزة ومن قبلها على لبنان في تموز 2006 حقيقة التحالفات والعلاقات في المنطقة وأكد العلاقة العضوية غير القابلة للانفصام بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ومن ثم فإنه لا يجوز تصنيف الولايات المتحدة كوسيط نزيه في ما يسمى بالسلام بين أمتنا والكيان الصهيوني فقد أثبت العدوان أن أمريكا عدو. وعدو يمكن الانتصار عليه، وعلينا في المرحلة القادمة أن نتعامل معه على هذا الأساس.
سقوط
وبصمود المقاومة في غزة وبانتصارها في لبنان اسقطت كل الادعاءات بأن المقاومة عمل عبثي وغير مجدò لذلك فإن علينا أن نتصدى لكل محاولات السخرية من شعارات الممانعة والمقاومة والرد على مقولات بأن المقاومة هي حالة وممارسة إرهابية أو تعبير عن عجز و خلل.
أدلة
أثبت صمود المقاومة في غزة وانتصارها في لبنان زيف أكذوبة أنه لا أمل للأمة في كسب مواجهة مسلحة مع العدو وصار علينا أن نرسخ حقيقة القدرة على هزيمة العدو عسكرياً بعد أن أصبحت لدينا أدلة مادية ملموسة ممثلة بسلسلة انتصارات المقاومة من جهة وآخرها صمود غزة بعدانتصار تموز 2006 مثلما صار لدينا سلسلة من الشواهد والبراهين والأدلة على إخفاقات مشروع التسوية وما يسمى بالسلام الذي حاولوا أن يصوروه لنا بأنه الخيار الوحيد أمام أمتنا وبناءً عليه تم إسقاط الخيار العسكري من قاموس النظام الرسمي العربي فجاء انتصار المقاومة ليعيد لهذا الخيار اعتباره وعلينا أن نؤكد ترسيخ قيمة هذا الخيار في وجدان أبناء الأمة لتصبح المقاومة هي الخيار الذي يقود لانتصارنا النهائي عبر عملية تنسيق حقيقي وتكامل فعلي بين كل قوى الممانعة والمقاومة في بلادنا، ومن خلال ترسيخ القناعة له عند الجميع بأن المقاومة جزء أساسي من مشروع النهوض الحضاري ورافعة رئيسية لهذا المشروع وأن تقرير مصيرها أو مصير سلاحها ليس من حق هذا النظام السياسي أو ذاك فالمقاومة ملك للأمة كلها والاعتداء عليها اعتداء على الأمة كلها والدفاع عنها واجب على كل الأمة.
حرب شاملة
إن الحرب التي تõشنّ ضد أمتنا تأخذ طابعاً شمولياً لذلك فإن علينا التصدي لها بكل أدوات العمل المقاوم ابتداءً من العمل الاقتصادي بكل مكوناته وأولها بناء اقتصاد الانتاج ومقاومة نزعات الاستهلاك في بلادنا، وثانيها جعل المقاطعة للعدو ممارسة يومية لكل فرد من أفراد الأمة مروراً بالعمل السياسي الذي يجب أن ينصبّ على الدفاع عن حق الأمة في المقاومة وصولاً إلى العمل العسكري المسلح.
مصطلحات
لعبت المصطلحات والمفاهيم دوراً مهماً في المواجهة مع العدو وخدمة مخططات هذا العدو تعرضت بلادنا لهجمة شرسة من المصطلحات التي جعلت المقاومة إرهاباً والشهيد انتحارياً والاستسلام سلاماً، والعدو شريكاً، وحتى نتمكن من ترسيخ النتائج التي حققها صمود المقاومة في غزة وانتصارها في لبنان لا بد من بذل جهد حقيقي في معركة المفاهيم والمصطلحات السائدة في بلادنا لإعادة الاعتبار للمفاهيم التي حاول العدو تغييبها وفي طليعتها أن نؤكدعلى حقيقة الصراع ببعده الديني والحضاري وأن القدس لبّ هذا الصراع والدين جوهره وأنه صراع وجود لا صراع حدود وأن الانتصار في هذا الصراع يحتاج إلى الأخذ بأسباب البناء التربوي والثقافي لتدريب الجماهير على الصبر والتحمل وفضيلة التقشف وإحياء روح الانتاج لديها وقد أثبتت التجارب أن جماهير الأمة مؤهلة لذلك ولعل صبر وتحمل جماهير المقاومة أثناء عدوان تموز 2006 والعدوان على غزة يرسم صورة مشرقة في هذا المجال يجب البناء عليها لبناء مجتمع النصر الذي تسوده روح المسؤولية واليقظة وشدة الملاحظة والتميز بالجهوزية الدائمة، وتلعب فيه جماهير الأمة دوراً مركزياً من خلال تصديها لتحمل مسؤولياتها وأولها تشكيل حاضنة حامية لقوى المقاومة والممانعة في الأمة.
تطهير
كشف العدوان على غزة وكذلك عدوان تموز 2006 على لبنان أن العملاء يلعبون دورا مركزياً في خدمة مخططات العدوّ وحتى نتمكن من ترسيخ النتائج التي حققتها المقاومة فإنه لا بد من بذل جهد خاص لتطهير صفوف الأمة من العملاء عبر تذكيرهم بمصير من سبقهم من العملاء سواء في جنوب لبنان أو غيرهم وعبر ردعهم بكل الوسائل بما في ذلك تعرية ممارساتهم لأن من بينهم سياسيون كبار لا يتورعون عن تسويق عمالتهم على أنها إنقاذ للوطن من الذين يريدون جره إلى حرب مع عدو قادر وهم يقصدون هنا قوى المقاومة في الأمة.
تحريض
إن بناء مجتمع النصر الذي أسس له صمود المقاومة يستدعي استمرار تحريض الجماهير وتعبئتها وإبقائها في أجواء المواجهة والعمل على إعادة الاعتبار للرأي العام في أمتنا ليعود تأثيره على صناعة القرار السياسي للنظام الرسمي العربي الذي يلاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة لم يعد يكترث لردات فعل الرأي العام في بلادنا .
تواطؤ
كشف العدوان على غزة مثلما كشف عدوان تموز 2006 على لبنان حجم التواطؤ الدولي مع العدو ابتداءً من مجلس الأمن مروراً بمواقف غالبية دول العالم مما يؤكد سقوط الخيار الدبلوماسي لحل الصراع مع العدو الصهيوني واستعادة حقوق الأمة من خلال الجهود الدبلوماسية غير أن اللافت أن هناك تباين بين مواقف بعض الحكومات وشعوبها مما يستدعي تنشيط الدبلوماسية الشعبية لتجنيد الأنصار للمقاومة من أبناء الشعوب.
قيادة
أكد انتصار المقاومة أهمية الدور الذي تلعبه القيادة التي تضرب من نفسها القدوة والمثل في الصمود والتصدي والالتحام مع جماهيرها لتحقيق الانتصار وهو النموذج الذي علينا أن نسعى لتعميمه وترسيخه لدى أبناء أمتنا.
أساليب
وبناء مجتمع النصر يحتاج إلى حسن اختيار الأساليب والوسائل الملائمة لكل مرحلة وكل حالة.
تعطيل
لقد تمكنت المقاومة من تعطيل الآلة العسكرية المعتدية من لعب دورها في تحقيق المشروع الأمريكي لبناء الشرق الأوسط الجديد وفق المقاييس التي يريدها أصحاب هذا المشروع غير أن علينا أن نعترف بأن أدوات أخرى لهذا المشروع تحقق نجاحات ملموسة في صفوف أمتنا وعلينا أن نسعى لتعطيلها هي الأخرى في إطار مفهوم شامل للمقاومة يتصدى للتغلغل الأمريكي وعبر ما صار يعرف بالتمويل الأجنبي وبمشاريع الإصلاح ومشاريع نشر الديمقراطية التي تخترق مؤسسات المجتمع الأهلي في بلادنا أحزاباً وجماعات وجمعيات والتي تخترق منظومتنا القيمية عبر التركيز على قضايا المرأة والشباب وثقافة الجندر إلى آخر ما يطرح في بلادنا من قضايا للنقاش الذي يستهدف هز الثوابت والعبث بقيم الأمة مستخدماً بذلك أدوات الثقافة والإعلام سواءً تلك التي اخترقها بالتمويل أو تلك أقامها بصورة مباشرة.
إن أمامنا طريقاً طويلاً شقه لنا صمود المقاومة في غزة وانتصارها في لبنان بدماء شهدائها وظل علينا أن نكون أوفياء لهذه الدماء بأن نسير على دربها ونحمي تضحياتها ونتعامل معها على أنها قاعدة مشروع النهوض الحضاري لأمتنا الذي لا بد له من أن ينتصر ليدفن المشروع الأمريكي المعتدي في رمال بلادنا كما دفنّا كل مشاريع العدوان عبر التاريخ وسنفعلها هذه المرة أيضاً والشواهد على ذلك كثيرة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية