لا مكان في حوران آمن كما يقول بعض الناشطين، فالقصف لا يتوقف دقيقة واحدة، مستهدفا الملاجئ والمستشفيات ومراكز الدفاع المدني، التي قضى فيها عشرات الضحايا غالبيتهم أطفال ونساء، فيما تدعي روسيا "صاحبة العدوان" أن حربها ضد الإرهاب وهي التي كانت قبل أيام راعيا لاتفاق "خفض التصعيد" في المنطقة، بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية التي هددت مرارا من أي محاولة لخرق الاتفاق، لكنها إلى اليوم لم تحرك ساكنا.
إشارات التوافق الدولي على معركة الجنوب بدت واضحة في صمت دوائر القرار السياسي وحتى المنظمات الإنسانية، رغم تناثر الأشلاء ووجود قرى دمرت بأكملها، بعد أن هجر أهلها في السهول والوديان، لا يعرفون أين المفر وسط جحيم القنابل والصواريخ التي توقف عدادها بسبب غزارتها واتساع مساحة الأرض الموجهة إليها.
مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني بدرعا "عامر أبازيد" أكد على أن الوضع في درعا وقراها مأساوي وأقرب للكارثة، حيث تم استهداف أغلب مناطق حوران بريفيها الشرقي والغربي، فضلا عن المدينة من قبل الطيران الحربي الروسي، موضحا أن أعداد النازحين كبيرة جدا لا يمكن لأي جهة إحصاءها لكثافة القصف العشوائي، لكنه قدر الأعداد بين (150 إلى 200 ألف).
وفي حديث لـ"زمان الوصل" قال: "قبل ثلاثة أيام كان لدينا إحصائية 75 ألفا، وهي لمن اضطروا للخروج من منازلهم في الريف الشمالي الشرقي، حدثت بعدها موجات نزوح كبيرة في الريف الأوسط ودرعا البلد التي نزح فيها وحدها 3 آلاف عائلة خرجت من درعا البلد، بعد استهدافها في يوم 23 حزيران/يونيو بصواريخ من نوع "فيل" إذ تم إحصاء أكثر من 65 صاروخا خلال 5 دقائق، وهو ما تسبب بحدوث حالات هلع كبير وبدء حالات النزوح إلى السهول والوديان".
وأضاف: "فرق الدفاع المدني عجزت في الوصول إلى بعض المناطق، بسبب كثافة النيران الناتجة عن القصف. الطيران الروسي يشن غارات متواصلة ومتكررة على نفس المكان والحي، وهو ما يصعب عمليات الإخلاء".
وأردف "التجارب في الغوطة الشرقية وحلب وحمص وإدلب، تؤكد أن روسيا والنظام لا يفرقان بين مدني أو عسكري أو مسعف، ولا حتى مستشفى ميداني يقدم العلاج للجرحى والمرضى. الجميع مستهدف دون استثناء".
وكشف عن وجود احتياجات ضرورية للمدنيين سواء كانوا نازحين أو ما زالوا في منازلهم، مثل الأدوية والطعام، مؤكدا عجز المنظمات الإنسانية والإغاثية عن تأمين مخيم يعيش فيه النازحين، ومطالبا منظمات الإغاثة الدولية التدخل، وإلا فالكارثة الإنسانية لا محالة.
ولتجنب القصف وجه "أبازيد" رسالة للمدنيين طالبهم خلالها بعدم التجمع مشددا على أهمية التوزع والانتشار خصوصا في المناطق التي تشهد قصفا واشتباكات.
وعن المناطق التي شهدت حركات نزح كثيفة قال مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني: "يوجد بعض القرى والبلدات أصبحت خالية من السكان بشكل كامل، مثل (بصر الحرير وناحتة ومليحة العطش والمليحة الشرقية والمليحة الغربية، واللجاة والحراك وعلما والصورة)، جميع السكان نزحوا باتجاه الحدود الأردنية، والمنطقة الغربية والسهول وبين الأشجار".
ولفت إلى أن الحالة الإنسانية للأطفال والنساء والشيوخ يرثى لها، لأن حالات النزوح تمت على عجل وبشكل مفاجئ، حتى أن المنظمات الإنسانية غير مهيأة لمثل هكذا حالات، مشيرا إلى أن فرقهم وبعض المجالس المحلية والفعاليات المدنية تمكنوا من تجهيز بعض الأماكن للنازحين وفتح أكثر من مخيم أو تجمع.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية التي لحقت بفرق الدفاع المدني، قال: "يوم 27 حزيران يونيو استهدف الطيران الحربي الروسي مركز (المسيفرة) للدفاع المدني بشكل مباشر، وسواه بالأرض، مشيرا إلى أن هذا الاستهداف لم ينتج عنه خسائر بشرية لأن الفرق كانت تتوزع في المنطقة، كما تعرضت مراكز (الحراك، وبصر الحرير، واللجاة) للقصف والتدمير".
وختم "أبازيد" تصريحه لـ"زمان الوصل" بالقول: "إن فرق الخوذ البيضاء خسرت جراء القصف الروسي ثلاثة من طواقمها أثناء قيامها بعمليات إخلاء الجرحى وهم (سيف القادري، وعبد الهادي الحريري، وإبراهيم أبو سالم)".
محمد الحمادي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية