ازدادت حركة "تهريب" البشر في عددٍ من المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، حيث لجأ السوريون، وعلى مدار السنوات الماضية، إلى سلك طرق "التهريب" أملاً بالحصول على حياة أفضل يسودها السلام، وذلك بالرغم من المخاطر المترتبة على اجتياز الحدود بين البلدين، بطرقٍ غير قانونية.
وقال "أبو معروف" من منطقة "خربة الجوز" في مدينة "إدلب"، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، إن العشرات من السوريين، يتجمعون بشكلٍ يومي في قرى وبلدات عدّة من "إدلب"، على أمل الدخول بطرقٍ غير شرعية إلى الأراضي التركية، للبدء بحياة جديدة بعيداً عن الأحداث الأمنية والاقتصادية المتردية التي تشهدها سوريا.
وأضاف أن الدولة التركية قامت بإغلاق جميع المعابر الحدودية الرسمية مع سوريا، لذلك اتجه السوريون ومعظمهم من الشباب إلى دفع مبالغ مالية باهظة لـ"مهربين" محليين يتولون إنجاز هذه المهمة التي تبدأ بتجميع المسافرين في مجموعات يتراوح عددها بين 8 إلى 20 شخصا –حسب مسافة ومواصفات كل طريق- بغية تنظيم عملية اجتيازهم للحدود بعيداً عن أنظار حرس الحدود التركية "الجندرما"، الذين يتوزعون بدورهم على طول الحدود بين البلدين.
وأشار "أبو معروف" إلى أن هؤلاء المسافرين وهم الآن بغالبيتهم من العائلات المهجّرة قسراً من مناطق (الغوطة الشرقية، القلمون الشرقي، جنوب دمشق، ريف حمص) إلى الشمال السوري، قد يضطرون إلى المكوث عند "المهربين" أسابيع عدّة، قبل أن يتسنى لهم الفرصة لعبور الحدود إلى تركيا.
*التكلفة حسب الطريق
بدوره قال "أبو عمر" وهو اسم مستعار لأحد "المهربين" في الشمال السوري، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، إن عمل "المهرب" بات أكثر صعوبة في المرحلة الراهنة، بسبب الحراسة الأمنية المكثفة التي تفرضها "الجندرما" التركية على طول الحدود مع سوريا، ناهيك عن صلاحياتها المطلقة في إطلاق الرصاص الحي على كل من يحاول العبود إلى الأراضي التركية.
ولطالما شهد الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا مقتل الكثير من المدنيين السوريين بنيران حرس الحدود التركي أثناء محاولاتهم لدخول تركيا بالتعاون مع مهربين سرعان ما يتملصون تاركين للضحية أن تواجه مصيرها.
فيما يخص طرق وآلية "التهريب" أشار "أبو عمر" إلى أن أسعار "التهريب" تبدأ من 450 دولار، وتصل حتى 3700 للشخص الواحد، ذلك أنها تختلف بحسب نوع الطريق والمدّة الزمنية اللازمة لاجتياز المسافة بين سوريا وتركيا، فضلاً عن تكاليف إضافية أخرى تتعلق بتأمين وصول المسافرين إلى مدن محددة داخل تركيا نفسها، كل حسب رغبته.
وأضاف أن لكل "مُهرب" أساليب متعددة للحفاظ على استمرار "مهنته" وبما يمكنه من التعامل مع مختلف التغييرات التي تطرأ من حينٍ إلى آخر في المنطقة.
حسب "أبو عمر" فإن "هيئة تحرير الشام" فرضت على كل شخص يرغب بالتوجه عن طريق التهريب إلى تركيا، الحصول على تصريح على شكل إيصال مدفوع وقدره 25 دولار، صالح لمدّة ثلاثة أيام، قابلة للتجديد في حال فشل المحاولة وتكرارها.
وبين كذلك أنه يتوجب على جميع "المهربين" المتواجدين في المناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، الحصول على رخصة صادرة عنها لمزاولة "التهريب"، فيما يُوقف "المهرب" عن نشاطه لمدّة سنة كاملة، ويُلزم بدفع غرامة مالية تصل لنحو 5000 دولار، عند المخالفة.
*تجربة محفوفة بالمخاطر
تمكنّ "أحمد شحادة"، أحد أبناء الغوطة الشرقية بريف دمشق، قبل حوالي الشهر من الآن، من الوصول إلى مدينة "اسطنبول"، وصريح خاص لـ"زمان الوصل" قائلا "كانت رحلتي شاقة، حاولت مراراً وكدت أن أفقد الأمل، إلى أن وُفِقت في المرّة الخامسة، ووصلت إلى هدفي بعد رحلةٍ استغرقت 7 ساعات متواصلة".
أضاف "كنّا عبارة عن ثلاث مجموعات، تتألف كل منها من 8 أشخاص، بدأنا بالتحرك قرابة منتصف الليل، وتوجّب علينا أن نمشي مسافات طويلة عبر الجبال والأحراش، كما اضطررنا إلى الزحف والركض والنزول بالماء والوحل، حتى تجاوزنا حرس الحدود بنجاح".
*نصب واحتيال
في حين أشار "وليد الحسن" من منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، إلى أنه تعرض للنصب والاحتيال من قبل أحد "المهربين"، إذ كان من المفترض أن يكون طريقه قصيراً، لكن الرحلة استمرت لحوالي 10 ساعات، أُجبر خلالها على مواصلة المشي، ورمي بعض حقائبه الشخصية.
إضافةً إلى ذلك شدد "الحسن" على أن "المهرب" قام بابتزازه بقوة السلاح مع بقية رفاقه بالمجموعة، إذ أخذّ مبلغاً وقدره 2000 دولار، عن الشخص الواحد، خلافاً لمبلغ 600 دولار المتفق عليه سابقاً.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية