* بشار في عيون البطريرك "من مجتمع إنكليزي منفتح" وإن كان قتل عشرات الآلاف لوحده فهو "أبضاي"
* البطريرك يعترف بأنه أقيل ولم يستقل بناء على رغبته و"ابتهاله الروحي" السابق
* ماذا علق مستشار "أحمد حسون"؟
* ابن داريا الذي شهد زورا على ما حدث في داريا
اشتكى بطريرك شديد الولاء لبشار الأسد من "الإهانة" والقهر والإهمال الذي تلقاه من كنيسته ورئيسها الحالي، حيث قام الأخير بطرد البطريرك من "المقر البطريركي" دون أي اعتبار لشيخوخته (85 سنة)، ولا لـ"خدماته" الكثيرة التي قدمها للكنسية طوال عقود، حسب رواية البطريرك.
وفي رسالة نشرها على صفحته الرسمية خاطب بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك السابق، غريغوريوس الثالث لحام، .. خاطب أصحاب القرار في الكنيسة وفي مقدمتهم رئيسها الحالي "البطريرك يوسف العبسي"، بصفته "صاحب الغبطة الكلي الطوبى".
وقال "لحام" في خطابه: "اليوم الجمعة الثامن من شهر حزيران 2018 أغادر المقر البطريركي مرغماً مقهوراً وأعرض عليكم ما يلي، والدمعة في عيني!... على أثر استقالتي (أو إقالتي) في 6 أيار 2017 نقلت مكتبتي وحاجياتي كلها من الربوة ودمشق والقاهرة إلى عين تراز. وانتقل معي من يخدمني منذ عدة سنوات. وكان في الدير عاملان تنظيف قبطيان وطباخة ورئيس الدير الكاهن طوني قسطنطين. انتخب غبطة البطريرك يوسف. وحالاً كتبت له برسالة أعلمه برغبتي في الإقامة في شقتي في عين تراز مع من يخدمني. أجاب غبطته برسالة يطلب مني أن أغادر الشقة إلى إحدى الغرف. وصرف من يخدمني. أجبته بتاريخ 8 آب وشرحت له بضرورة بقائي في المقر البطريركي الفارغ وفيه 50 غرفة! وحتى تاريخه (حزيران 2018) لم أنل جواباً من غبطته، بالرغم من الرسائل الخطّية والالكترونية أو مساجات! وطلبت وساطة مطارنة وعلمانيين ولم يتجاوب غبطته مع أحدٍ منهم ولم يتجاوب حتى مع السفير البابوي في دمشق".
"لحام" الذي أقيل صيف 2017، وعين "يوسف العبسي" خلفا له، تابع قائلا: "أرسلت رسالة إلى سينودس شباط 2018 وعرضت عليهم الأمر وتصرفات الكاهن طوني المشينة والمهينة تجاهي... ويا للأسف لم يهتم السادة المطارنة أو اهتموا ولم يأخذوا نتيجة، أو اكتفوا بجواب مؤسف أنهم يوافقون على قرار البطريرك ولم يعملوا شيئاً بشأن الكاهن الذي يتعمد إهانتي ومقاطعتي! ولا أريد أن أصف سلسلة الإهانات لي ولمن معي!... المؤسف أن غبطته (العبسي) لم يتجاوب مع أية وساطة! وفي سينودس شباط 2018 أعفاني من رئاسة اللجنة الليترجية دون كلمة شكر ودون إعلامي بذلك ودون طلب أية معلومات حول هذه اللجنة التي كنت رئيسها على مدى 32 سنة! (1986-2018)".
وعاد "لحام" ليكرر شكواه من التحقير في ختام الرسالة، حين قال:" أغادر مرغماً مقهورا ديرا ومقرا بطريركيا فارغاً! لم يعقد فيه سينودس شباط 2018 ولن يعقد فيه سينودس تشرين الثاني 2018! فيه 50 غرفة فارغة مهجورة!... لقد خدمت البطريركية 43 سنة (26 سنة في القدس و17 سنة بطريركا) ويطلب مني أن أغادر شقة أرتاح فيها في شيخوختي (85 سنة). لكي تبقى فارغة مهجورة! أغادر.. مهاناً مرذولاً أنا ومن معي في خدمة البطريركية!... والمؤسف أنه في هذه المدة والسنة الأولى من استقالتي لم يزرني إلا مطران واحد! وغبطته لم يتصل بي حتى تلفونيا. وبالطبع لم يقم لي حفلة وداع أو تكريم لا في سورية ولا في لبنان. ولم يشكرني في خطاباته وزياراته في هذه السنة الأولى!... وقد عشنا معاً 17 سنة!".
ويبدو أن الخطاب الأول الذي نشره "لحام" لم يؤت أكله، حيث قال في منشور لاحق أدرجه قبل ساعات تحت عنوان "وداع المقر البطريركي": "آخر مبادرات الوداع هو أن الكاهن طوني استغل غيابنا في أيار الماضي، وأنزل صورتي الزيتية في صالون المقر الرسمي، وأنزل صورة جميلة تاريخية تحمل شجرة أسماء البطاركة وتواريخ بطريركيتهم منذ 1724 وحتى بطريركيتي، أنزلهما من الصالون الرسمي. كما أنزل كل الصور التذكارية، السينودسات، الزيارات لرؤساء الطوائف، زيارتنا للبابا فرنسيس... أنزل كل الصور التي فيها البطريرك لحام".
وقد علق "باسل قس نصر الله" الذي يقدم نفسه بصفة "مستشار مفتي سوريا (أحمد حسون)"، وينتمي لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك (التي كان يتزعمها لحام).. علق على ما نشره "لحام" قائلا: "لا شك أن غبطة البطريرك لحام كانت له أخطاء، ولكن من غير المقبول أن تتم معاملته -وفق كلامه- بهذه الطريقة. إن غبطته - مهما يكن - هو جزء من تاريخ كنيستنا، وأتمنى بشخصي المتواضع، أن تتم المعالجة بشكل يحترم تاريخنا الذي لا نستطيع تجاهله".
*بمنتهى الوضوح
وبمناسبة الرسالة، عادت "زمان الوصل" إلى بعض تصريحات ومواقف "البطريرك غريغوريوس لحام" تجاه ما شهدته سوريا عموما، فلم تجد أفضل ولا أصرح من مقابلته "بالصوت والصورة" التي بثتها "بي بي سي" صيف 2014، وفيها حاول "لحام" بداية أن ينفي مساندته للنظام، معتبرا أن وقوفه فقط مع الدولة، لكن هذا الادعاء ما لبث أن انكشف زيفه على لسان "لحام" نفسه وفي نفس المقابلة، حيث دافع عن مقولة سابقة له صرح فيها أن "سوريا أكثر ديمقراطية من الولايات المتحدة"، مؤكدا أن هذه المقولة حقيقة وواقعية.
وعندما سئل إن كان يعتقد أن "نظام بشار الأسد ما زال قابلا للإصلاح"، رد بكل ثقة: نعم، مبررا ذلك وواصفا بشار بأنه "من مجتمع إنكليزي سوري متطور، سوري منفتح، متفاعل مع المسيحيين"، ولما واجهته المذيعة مذكرة بأن عهد هذا "المنفتح" شهد مقتل 150 ألف (حتى وقتها فقط) كما شهد تدمير كثير من المناطق السورية، تنطح "لحام" لجواب قمة في التشبيح: "من دمرها (هذه المناطق)؟! إذا كان الأسد لحاله أنا أبضاي (شجاع وشهم) بعتبره، لا يمكن للأسد أن يقتل كل هؤلاء... الـ150 ألف هي في عنق كل سوري".
وهنا عادت المذيعة لتسأل "لحام" محاولة التأكد منه إن كان فعلا يبرئ بشار كليا من قتل أي سوري، فسألته: "والأسد ليس مشتركا في القتل وفي إلقاء البراميل؟"، فرد البطريريك الثمانيني: "شارك.. شارك دفاعا عني"، محاولا سوق بعض الروايات من مدينة "داريا" التي ولد فيها (غريغوريوس ولد في داريا واسمه الأصلي لطفي).
وللتذكير فقط، فإن "داريا" التي ساق عنها "لحام" روايات تدعم رؤية النظام ونظريته في "محاربة الإرهاب"، هي من أبرز المدن التي شهدت مجازر وتهجيرا طائفيا وتدميرا ممنهجا على يد قوات بشار ومرتزقته.
وبالعودة إلى المقابلة مع "بي بي سي" والتي كشفت عن كثير مما كان "لحام" يحاول إخفاءه، اعتبر الأخير بكل صراحة أن هناك "مؤامرة من الدول الكبرى" على سوريا، واصما الثوار بالإرهاب والتخريب، ونافيا في نفس الوقت أن يكون هناك مسيحيون قد تسلحوا ووقفوا في صف النظام، ولما ذكّرته المذيعة بوجود مليشيات مسيحية برر "لحام" بالقول إن هذا فقط لحماية المناطق المسيحية.
وأخيرا، فإن بيان "لحام" المؤرخ في 8 حزيران 2018، يكشف مرة أخرى أن "البطريرك" السابق مارس الكذب الصريح، حيث أقر في بيانه الأخير أنه "أقيل" من منصبه في زعامة كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، فيما ادعى إبان إقالته قبل سنة ونيف أن الأمر جاء تلبية لأمنية كثيرا ما تاق لها بل وسجل "ابتهالا روحيا".
وقد زعم "لحام" إبان إقالته أن الأمر جاء بمبادرة وطلب منه "من أجل خير الكنيسة"، ومصداقا لـ"الابتهال الروحي" الذي سبق أن كتبه بهذا الخصوص.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية