"عبد الحي العلي" طفل لم يأت تميزه عن باقي الأطفال السوريين اللاجئين في المخيمات اللبنانية كونه غير قادر على الرؤية بشكل كامل، ولا لعدم قدرته على الكلام والمشي أيضا، بل جاء تميزه عن بقية الأطفال كونه حصل على "خانة" حملت الرقم (4) في سجلات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين السوريين في لبنان.
تُميز منحته الموظفة الأممية لعائلة الطفل على عجل وهي تطوي سجلاتها بعدما أخبرت والد الطفل "علي العلي" بأنه لا ناقه لها ولا جمل في تبني مثل هذه الحالات المرضية، والبالغ عددها أربع حالات بين الأطفال السوريين في لبنان.
وزادت على ذلك بقولها بأن مفوضيتها لا تدرج مثل هذه الحالات على جداول مصروفاتها المالية بحسب ما قاله الأب لـ"زمان الوصل".
وفي تفاصيل القصة المرضية للطفل عبد الحي "5 سنوات"، قال الأب إن طفله يعاني ومنذ ولادته من تجمع "للماء" داخل تجويف دماغه الداخلي وهو ما وصفه الأطباء باسم الاستسقاء الدماغي الذي يحدث بسبب تراكم السائل النخاعي في الجيوب والتجاويف الداخلية للدماغ، ما يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل القحف، الأمر الذي يسبب ضغطا على بعض المراكز العصبية الموجودة داخل الدماغ ومن ثم يعمل على تعطيل وظائفها.
الطبيب "معروف حمود" أخصائي جراحة الدماغ في بيروت أخبر والد الطفل وبعد معاينته لحالة الطفل بأنه ما من جدوى من علاج الطفل الذي فقد ثلاثة من وظائفه الحيوية نتيجة الماء المتجمع داخل تجويف الدماغ وهي وظيفة البصر والمشي والنطق، وزاد ناصحاً الوالد بإبقاء طفله في المنزل و"كسب الثواب به".
لوعة الأب جعلته يتابع في إصراره باحثا عن طوق نجاة ينقذ به طفله، فتقدم بصور وتحاليل فلذه كبده لمشفى الجامعة الأميركية في بيروت عله يجد سبيلا للتخفيف عنه.
الأطباء العاملون داخل مشفى الجامعة أكدوا له إمكانية إجراء عمل جراحي للطفل وسحب الماء المتجمع داخل تجويف دماغه الداخلي، وحذروا الأب من أن كمية الماء ستزداد أكثر فأكثر مع كل تأخير في إجراء العمل الجراحي.
الأب اللاجئ من ريف حلب ( بلدة دير حافر) والذي يعمل مياوما في ورشات البناء لم يمتلك جوابا دقيقا عن تكلفة العمل الجراحي الذي لا يمكن إجراؤه في لبنان بحسب قوله، إلا في مشفى الجامعة الأميركية أو في مشفى "أوتيل ديو"، حيث 350 دولارا هي تكلفة الصورة الواحدة لرأس الطفل و150 دولارا كشفية الطبيب.
أرقام فلكية ذكرت أمامه عن تكلفة العمل الجراحي، أرقام ألقاها في وجهه أطباء عابرون للربح والجشع وتركوه مسرعين، بعضهم قال 70 ألف دولار وآخرون زادوا على ذلك.
لا جمعيات ولا منظمات في لبنان قد أولت لطفله حدا أدنى من الاهتمام، وحده "اللبن" سيد الغذاء والطعام لطفل يمضي نهاره وليله كفيفاً أبكم مقعداً على حصيرته الباردة.
ووحده "الألم" سيد المشاعر والطقوس التي تلقي بشبح ظلالها على عائلة الطفل (4) من ضحايا هذا المرض العصي على كل منظمات لبنان ومشافيه وهيئاته الطبية النائية بنفسها عن سماع أنين وتأوه ذلك "الرباعي" البائس من أطفال لاجئي سوريا في مخيمات لبنان.
عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية