من أكثر الفئات العمرية السورية التي تأثرت جسديا ونفسيا في سنين الحرب الثمانية التي شنها نظام الأسد على الشعب، فئة الأطفال السوريين، فمئات الآلاف منهم فقدوا أجزاء من أجسادهم، ومنهم من فقد أحد أفراد أسرته ومنهم من خسر مدارسه وطفولته، لذلك باتت هذه الفئة في حاجة لرعاية خاصة تتجاوز المدارس والمستشفيات، بحيث تكون متخصصة وفيها من الخبراء ما يتناسب مع ظروفهم المختلفة، ولهذا تم العمل على إنشاء مراكز الدعم النفسي، لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة ولإخراج الأطفال المتأثرين بالحرب مما هم فيه.
ونشطت في السنوات الأخيرة منظمات متخصصة بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم للأطفال خلال حالات الطوارئ لمساعدتهم على التغلب على مثل هذه التجارب الصعبة، وتشمل هذه الجهود الأنشطة الثقافية المناسبة للفئات العمرية والأنشطة الآمنة والمحفزة مثل الرياضة والألعاب لتنمية المهارات الحياتية وآليات التكيف ودعم الصمود في هذه الحياة.
مدير مركز منظمة "سند" لذوي الاحتياجات الخاصة في بلدة "الجيزة" بدرعا "محمود الحربي"، أكد على أن وجود مراكز الدعم النفسي التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة له أهمية كبيرة في حياتنا، خصوصا في ظل الظروف القاسية التي تمر فيها سوريا من قتل وتهجير ومجازر، مشيرا إلى أن أعداد الأطفال الذين بحاجة لهذا الدعم كبيرة جدا وأن المنظمات عجزت عن إحصائهم بشكل دقيق.
وفي تصريح لـ"زمان الوصل" حذر "الحربي" من التباطؤ في تأسيس هذه المنظمات والجمعيات، موضحا بأن مركز "سند" في بلدة "الجيزة" قدم رغم حداثة عهده ( 3 شهور) الدعم والرعاية لنحو (100 طفل)، مشددا على أن الكثير من الحالات طرأ عليها تحسن كبير، وأصبحت معتادة على القدوم للمركز بشكل مستمر.

وقال الحربي: "مركز (سند) مختص بذوي الاحتياجات الخاصة من جميع الفئات وجميع الأعمار، ويحاول أن يزيل بعض العوائق المادية أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى تقدر على التواصل مع المجتمع بشكل أكبر، أو يستطيع أن يعين نفسه، بالإضافة إلى أن المركز يقدم المواد التعليمية، ودروس الرياضة، ومحو الأمية، والحاسوب، والتربية الخاصة، والأعمال اليدوية، والفنون الجميلة، بالإضافة إلى العلاج الفيزيائي".
وأضاف: "عملنا حملات هدفها تجهيز المرافق العامة مثل المدارس الأفران والمجالس المحلية بأمور تخدم هذه الفئة، مثل (الرمبات) أو دورات المياه، والأفران تم تخصيص نافذة فيها لذوي الاحتياجات الخاصة".
وأوضح "الحربي" إلى أن منظمة "سند" بصدد إقامة العديد من المشاريع والبرامج والأقرب منها هو إنشاء مركز قادر على التعامل مع جميع الحالات ورفده بالكوادر المتخصصة وذات الخبرة، لافتا إلى وجود تجاوب كبير مع المركز وإقبال من قبل الأهالي على إرسال أبنائهم للمركز، وذلك بعد العزوف سابقا عن إظهار الحالة أو الحديث عنها".
وقال: "في مجتمعاتنا غالبا ما يكون أهل الطفل متحفظين على حالة ابنهم، ما انعكس سلبا على ذوي الإصابة وأدخلهم في وضع نفسي معقد، أما الآن وبوجود هذه المراكز التي ساهمت بتوعية الأهل لضرورة دمج أصحاب الإعاقة بالمجتمعات، أصبح الشخص المصاب يبحث عن فرصته بالحياة والعمل".

وشدد "الحربي" على أهمية التعاون بين هذه المراكز والأهالي، للإحاطة بالأمور والحالات السلبية للتخلص منها، وتنمية الأمور الإيجابية ورعايتها وتطويرها، والبرامج الحالية تعتمد على إقامة جلسات إرشاد جماعي وفردي للأطفال بإشراف اختصاصيين، يتم خلالها تناول جميع المشاكل التي يواجهونها وتعزيز العادات السليمة لديهم.
وتابع: "البرامج تعمل على غرس القيم الحميدة وتعريف الأطفال بالسلوك الصحي السليم وكيفية مواجهة العنف سواء كان موجها من قبل الأسرة أو من المحيط الخارجي وتعليمهم سبل المحافظة على النظافة في البيت والمدرسة وفي المجتمع وإشراكهم في الأعمال التطوعية المختلفة".
وكشف "الحربي" عن جملة من المشاكل تواجه عملهم تتمثل في إيجاد المكان المناسب لهذه الفئة، وقلة عدد الصفوف والقاعات مقارنة بالعدد الكبير الذي بدأ يقصد المركز، كما يوجد بعض الأهالي ممن لا يولي للتعاون أي أهمية بحيث لا يتم التقييد بأي برامج أو تعليمات هدفها تحسين أحوال أبنائهم.
محمد الحمادي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية