رجح خبير فني أن يكون تحطم الطائرة الروسية "سو 30" في البحر المتوسط قبالة كورنيش جبلة الخميس الماضي ناتجا عن خطأ طيار أرجعه إلى أحد سببين، الأول أن الطيار كان ينفذ حركات بهلوانية في المستوي العامودي (ألعاب معقدة)، ولم يقدر الطيار الارتفاع اللازم للخروج من الحركة، أي أن الطيار بدأ بحركة عمودية نازلة (half roll)، أي نصف تقلب نازل ولم يكن الارتفاع كافيا لكي يستطيع الطيار إخراج الطائرة إلى الوضع الأفقي أثناء البدء بتنفيذ الحركة وبالتالي يضطر الطيار إلى تطبيق حمولة كبيرة قد تؤدي إلى انهيار الطائرة عموديا وانفصال السيالة الهوائية عن الأسطح الرافعة (الأجنحة) ما يؤدي إلى الاصطدام بالأرض أو البحر نتيجة العطالة الكبيرة المتشكلة عن الحالة، وبالضرورة يؤدي إلى مقتل الطاقم.
وسقطت طائرة مقاتلة روسية من طراز "سوخوي- SU-30SM" وقتل طاقمها المؤلف من شخصين الطيار والملاح في البحر قبالة كورنيش مدينة "جبلة" بتاريخ 3/5/2018، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرة سقطت نتيجة خلل فني سببه دخول طائر في أحد محركي الطائرة.
وأضاف الخبير العقيد الطيار "اسماعيل أيوب" في حديث لـ"زمان الوصل"، احتمالا ثانيا تجسد بمخالفة الطاقم بالارتفاع أثناء الطيران على ارتفاع منخفض جداً من سطح الماء، حيث يغري الطيران المنخفض (لأسباب سيكولوجية) الطيارين وخاصة صغار السن بالانخفاض أكثر، حيث ينخفض الطيار إلى مكان قريب جداً من سطح الماء أي دون 20 مترا، وبالتالي أي خطأ في فن قيادة الطائرة على هذا الارتفاع قد يؤدي إلى الاصطدام بالماء نتيجة قلة الارتفاع والزمن اللازمين لتلافي الخطأ وبالتالي تحطم الطائرة، وبالضرورة مقتل طاقم الطائرة.
أما باقي أسباب الحوادث الجوية، حسب "أيوب"، تنشأ صغيرة وتكبر مع مرور الزمن ويمكن تلافيها مع التصرف الصحيح لطاقم الطائرة أو زياتها نتيجة سوء تصرف الطيار، وفي كلا الحالتين هناك متسع من الوقت لكي يتخذ الطيار أو الطاقم التصرف حيال الوضع الطارئ في الطائرة نتيجة أي من مسببات الحوادث الجوية. وأضاف "ما يزيد الطين بلة أن الطيران فوق البحر في ظروف الطقس الحسن يعتبر من أنواع الطيران المعقد وخاصة على الارتفاعات المنخفضة والمتوسطة، حيث تنعدم مشاهدة الشاطئ في عمق البحر ويستوي لدى الطيار لون السماء مع لون البحر وهذا ما يعقد تعامل الطيار مع الحالات الطارئة".
وردا على إعلان وزارة الدفاع الروسية أن الطائرة سقطت نتيجة خلل فني سببه دخول طائر في أحد محركي الطائرة يقول "أيوب" إن دخول طائر إلى محرك الطائرة قد يؤدي إلى تعطل المحرك بشكل نهائي، وخاصة إذا كان الطائر كبير الحجم (كاللقلق أو ما يساوي حجمه من الطيور أو الطيور الكاسرة ذات العظام القاسية)، ولكن ليس بالضرورة أن يؤدي تعطل المحرك نتيجة دخول طائر إلى مقتل طاقم الطائرة حتى لو كانت الطائرة ذات محرك واحد، حيث يقوم الطيار بتحويل السرعة الزائدة أو المتوفرة إلى ارتفاع، في حال كان ارتفاعه منخفضا، ومن ثم يقدر الموقف ويتخذ القرار بمغادرة الطائرة بالمقعد المقذوف خلال ثوان معدودة وينجو بنفسه ويهبط بالمظلة سواء على اليابسة أو في البحر.
وأضاف أيوب: "أما في حالة الطائرة الروسية التي سقطت الخميس وهي من طراز "su "30، فهي ذات محركين غير متلاصقين (أي لا يمكن أن يؤدي تعطل أحدهما إلى تعطل المحرك الآخر)، وأيضا ذات مقعدين مترادفين وهذا يضفي على الطائرة التي تتميز بهذه الخاصية عامل أمان إضافيا، حيث يستطيع المحرك الآخر في حال تعطل أي من المحركين حمل الطائرة والوصول بها إلى مطار الإقلاع أو أي مطار آخرمع الأخذ بعين الاعتبار قذف الحمولات المعلقة تحت الأجنحة، في حال كانت الطائرة مذخرة من أجل توفير دفع المحرك المتبقي من أجل الهبوط)".
وأوضح الخبير الجوي بأن الهبوط يمكن بكل سهولة، مشيرا إلى أن وجود طيار وملاح في الطائرة تعطي هذه الخاصية القدرة على اتخاذ قرار أكثر أمانا من قبل الطاقم حيال الوضع الطارئ.
وتابع: "حتى في حال دخلت الطائرة مصادفة بمجموعة من الطيور، وأدى ذلك إلى تعطل المحركين في آن واحد وخاصة إذا كانت الطائرة تطير على ارتفاع منخفض، فإن الطيار يلجأ الى كسب الارتفاع بالسرعة المتوفرة معه ثم يقوم بتقدير الموقف خلال التسلق ثم يتخذ القرار بمغادرة الطائرة بالمقعد المقذوف والنجاة بالمظلات الموجودة في المقعدين المقذوفين في الطائرة، وهذا ما لم يحدث في حالة الطائرة الروسية التي سقطت.
ومن هنا انطلق "أيوب" لينفي "على الأقل" أن يكون دخول طائر في محركي الطائرة أو أحدهما قد أدى إلى مقتل طاقم الطائرة.
لكن ما هو السبب الذي يؤدي إلى تحطم الطائرة ومقتل طاقمها كما في حالة الطائرة الروسية "su-30".
وشرح العقيد الطيار الذي عمل عشرات السنوات في سلاح الجو السوري، الأسباب الرئيسية والفرعية والتي كثيرا ما تؤدي إلى حوادث، بل وكوارث جوية كالتي حصلت، فأوضح أن هناك أسبابا "أسباب فنية (كسوء الصنع أو سوء تحضير الفنيين للعتاد الجوي بشكل عام أو للطائرة قبل الطلعة)، وجميعها قد لا تؤدي بالضرورة إلى حادثة جوية من الدرجة الأولى "تحطم الطائرة، أو مقتل طاقم الطائرة".
كما عزا تلك الحوادث إلى "أخطاء الطيارين أو الأطقم الطائرة (مرض الطيار الشديد المفاجئ في الجو أو سوء تحضير الطيار للطيران أو نوعية الطيار أو المخالفات الجوية التي يقوم بها الطيارون، ومعظم أخطاء الطيارين قد تؤدي إلى حوادث جوية من الدرجة الأولى (تحطم الطائرة) ومقتل الطاقم الطيار، وخاصة على الارتفاعات المنخفضة سواء فوق اليابسة أو الماء إذا لم يتمكن الطاقم الطيار من تلافي الخطأ".
ومن الأسباب أيضا حسب الخبير "أيوب" الظروف غير المحسوبة (كالعواصف الكهرطيسية وتغير مفاجئ في العوامل والحالة النوئية للجو (عواصف رعدية مفاجئة عواصف ترابية او رملية) أو دخول الطيور أو أي أجسام صلبة في الجو في محركات الطائرات).
وأشار إلى أن نسبة حوادث الطائرات التي تؤدي إلى حوادث جوية من الدرجة الأولى (تحطم) في مثل هذه المسببات قد ترقى إلى 50%، ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي إلى مقتل طاقم الطائرة.
وأضاف "أيوب" سببا استثنائيا وهو إصابة الطائرات بالمقذوفات المضادة للطائرات من الأرض أو البحر أو الجو أثناء الأعمال الحربية، لافتا إلى أن نسبة تحطم الطائرات نتيجة الإصابة بالمضادات الجوية وخاصة الصواريخ (جو/جو أو ارض/جو) وتؤدي الإصابات بالضرورة إلى تحطم الطائرة بنسبة أكثر من 95%، وفي حالات قليلة تؤدي إلى مقتل طاقم الطائرة وذلك في حال إصابة الطيار إصابة مباشرة قبل مغادرته للطائرة أو تأخره بمغادرة الطائرة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية