أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انفجروا او موتوا .... شوقي حافظ

صوت المرأة السوداء كان مثل فحيح افعى وهي تدين إرهاب المقاومة الفلسطينية الذي جعل سكان سديروت يبولون في سراويلهم، والقذائف الاميركية المحرمة دوليا تتساقط من اسراب الإف والأباتشي فوق بيوت غزة ومساجدها ومدارسها ، وتقدم خيارات واسعة للموت بقنابل الفسفور او العناقيد او تلك الذكية اميركية المنشأ..تهطل القذائف بغزارة فتتطاير الأشلاء وتنساب جداول الدم وترتفع اعداد القتلى والجرحى في مؤشر نظام عالمي فقد شرفه داخل انظمة الصرف الصحي وفي ردهات الأمم المتحدة المكتظة بعيون زجاجية منطفئة وبصائر عمياء ووجوه بليدة.


مثل حيوانات برية ضارية تربض اسراب الميركافا على مشارف القرى والاحياء السكنية لا تهدأ مدافعها..تزأر بوحشية إذ تطلق مقذوفاتها ثقيلة العيار فتحرق بستانا للزيتون..تتدحرج حباته غير مكتملة النضج على ارض مروية بالدم..تطلق الميركافا فينحبس مشروع صرخة في حنجرة امرأة تحتضن الى صدرها جثمان طفلتها القتيلة..تطلق بوارج البحر قذائفها بشكل عشوائي على تجمع من العجائز والنسوة والاطفال يحتمون داخل مبنى مدرسة تابعة للامم المتحدة، ما هو بمنقذهم ـ مثل اطفال قانا ـ من وضاعة وجوه صفيقة اهون ـ في قيمتها ـ من حذاء منتظر..وهكذا تشترك طيور الموت من أسراب الإف والأباتشي مع قطعان الميركافا وبوارج البحر في عزف سيمفونية للقتل والتدمير والرعب اسمها غزة.
تنام الوجوه الوقحة قريرة الأعين وشرايين غزة المفتوحة تفيض بدمائها وهي تشتري الحياة بالموت، والمرأة البيضاء المكتنزة ترغي وتزبد ويسيل من فمها حليب إجرام معتق رضعته من أبويها..فأي جريمة ـ من وجهة نظرها ـ افدح من تبول سكان سديروت في سراويلهم؟

 ومن يعنيهم الامر يبدون مثل كائن خرافي تناوشه قطعان ذئاب برية تنشب مخالبها في لحمه وهو يقف ساكنا لا يذود عن نفسه العدوان انتظارا لقرار من مجلس الامن..تنظر الشمس غاضبة لمشهد القتل البدائي الغرائزي اشباعا لشهوات نفوس مظلمة وتتأهب ان تنفذ أمر بارئها وتشرق من الغرب ، فقد رفعت الاقلام وطويت الصحف بحروفها التي تنزف ـ مازالت ـ دما طازجا ، اما من يحلمون بالعدل والحرية فليس امامهم خيار سوى ما يقوله لهم صلاح عبد الصبور: انفجروا..أو موتوا!.


جريدة الوطن العمانية

(103)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي