أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الحجامة طبٌ بديل وطقسٌ سنوي لأبناء القلمون الشرقي

استخدمت الحجامة منذ آلاف السنين كأحد أكثر الأساليب الفعالة في العلاج - أرشيف

يلجأ العديد من أبناء منطقة القلمون الشرقي، بريف دمشق، ولا سيما أولئك الذين لا تتوفر لهم سبل العلاج، نتيجة الظروف الأمنية الراهنة التي تعيشها المنطقة، إلى التداوي بالحجامة، حيث تحولت هذه الطريقة الطبية التقليدية في العلاج، إلى طقس سنوي لعلاج الكثير من الأمراض التي تنتشر بين الناس.

في هذا الصدد قال "أبو راتب" أحد المسعفين الميدانيين في منطقة القلمون الشرقي، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، إن إقبال أبناء منطقة القلمون الشرقي، وخاصة المصابين والمرضى ازداد على التداوي بالحجامة، كنوع ناجع من الطب البديل، في ظل عدم قدرتهم على الخروج إلى مناطق النظام للعلاج من جهة، والحصار المفروض على دخول الأدوية ومستلزمات العلاج إلى المنطقة من جهةٍ أخرى.

أضاف: "لم تعد الحجامة تقتصر على بعض الحجّامين التقليديين (الحلاقين، العطارين، رجال دين) فحسب، وإنما باتت تُمارس على نطاق واسع من قبل الممرضين المتواجدين في المراكز الطبية المنتشرة في مدن وبلدات منطقة القلمون الشرقي، وسواءً كان الحجّام شيخاً، أو ممرضاً، أو غير ذلك، فإنه لا يأخذ أجراً مادياً لقاء قيامه بالحجامة، ذلك أنها سنة نبوية، وقد نهى النبي (ص) عن أخذ الأجر".

وأوضح "أبو راتب"، بالقول "درجت العادة على أن يجتمع عددٌ من الشباب الذين يرغبون بإجراء الحجامة في منزل أحدهم، أو يأتون بشكلٍ جماعي إلى المركز الطبي، وبعدها يتناولون وجبة الإفطار، ومن ثمّ ينصرفون لمتابعة أمورهم اليومية".

*توقيت الحجامة
فيما يخص مواعيد الحجامة، أشار "أبو راتب" إلى أن توقيت الحجامة ينحصر في فصل الربيع، أي بين شهري نيسان ابريل وأيار مايو من كل عام، قبل أن ترتفع درجات الحرارة، ووفق السنة النبوية يشترط أن تكون أيام الحجامة فردية (السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين من الشهر القمري)، أما الأيام التي يُنهى فيها عن إجراء الحجامة فهي: السبت والأربعاء والجمعة.

وأبان أيضاً أن هناك مرضى يعتمدون على العلاج بالحجامة، أي يقومون بها لأكثر من مرّة، لذلك لا يشترط زمان محدد أو توقيت محدد لإجرائها.

*فوائد الحجامة
حول فوائد الحجامة والأمراض التي تعالجها، قال "باسل المصري" وهو طبيب مختصٌ بأمراض القلب والأوعية الدموية، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، إن الحجامة تفيد بتنشيط الجهاز المناعي الذي يُصاب بالكسل بين الحين والآخر، وبالتالي فإنها تفيد في علاج الأمراض التي يكون فيها جهاز المناعة متراخياً أو معطلاً مثل حالات الصداع وخصوصاً الشقيقة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وآلام الظهر والرقبة والساقين والروماتيزم.

وأضاف يُحظر إجراء الحجامة للأطفال أو النساء الحوامل، وكذلك في أوقات البرد أو الحر الشديد، ويُفضل إجراؤها على "الريق" قبل الطعام، ولا يجوز عمل الحجامة للمريض بالبرد أو الزكام إلا بعد شفائه تماماً، وعلى الشخص الذي يخضع للحجامة الابتعاد عن التدخين، وعدم التعرض لأي ضغطٍ نفسي أو عصبي، وعدم تناول الألبان والدهون والدسم في يوم عمل الحجامة.

إلى ذلك أشار "أحمد القاضي" إلى أنه يحرص على العلاج بالحجامة في كل عام، إذ ساعده هذا النوع من العلاج على التخفيف كثيراً من الصداع المزمن الذي كان يصاحبه لفترة طويلة من عمره، وبات في الوقت الراهن يتمتع بصحة جيدة ونشاط ذهني وبدني ملحوظ، دون أن تخلف الحجامة أضراراً جانبية مثل تلك الأضرار التي كانت تنجم عن تعاطيه الدائم لبعض أنواع الأدوية والعقاقير الطبية.

وعن أكثر أنواع الحجامة المتبعة حالياً في منطقة القلمون الشرقي، أشار "المصري" إلى أن الحجامة الرطبة هي الأكثر انتشاراً بين أهالي المنطقة، وتقوم طريقتها على إحداث شقوقٍ طولية وسطحية بمشرط معقم، بدائرة قطرها 5 سم تقريباً، ثمّ يجري الضغط عليها بواسطة كؤوسٍ خاصة لمدة لا تزيد عن 10 دقائق، وذلك عبر إحراق أوراق مبللة بالكحول داخل كل كأس، لتفريغها من الهواء، وبهذا يخرج الدم الفاسد والشوائب الدموية من جسم الإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى تكون كريات دمٍ جديدة مكانها.

ونوّه إلى لجوء بعض الحجّامين حالياً إلى استعمال مضخةٍ مطاطية، تعطي ضغطاً مشابهاً للضغط الناجم عن العملية التقليدية المعروفة في إشعال النيران داخل الكؤوس. 

واستدرك بالقول "يتجمع الدم الفاسد أثناء دورته في مناطق معينة من جسم الإنسان، تتواجد في أعلى الظهر غالبًا، لأنها مناطق تتميز بضعف تدفق الدم وبطء حركته، وتعتبر هذه المنطقة من أفضل المناطق التي تجري فيها الحجامة".

نوّه "المصري" إلى ضرورة تعقيم الأدوات جيداً قبل الشروع في إجراء الحجامة، خشيةً من انتقال أي عدوى محتملة بين شخصٍ وآخر، وخاصة عدوى التهاب الكبد والالتهابات الجلدية، والانتباه لعدم إحداث أي جروح عميقة.

استخدمت الحجامة منذ آلاف السنين كأحد أكثر الأساليب الفعالة في العلاج، وعرفتها مجتمعات بشرية عدّة مثل (الآشوريين، والفراعنة، والصينيين)، وتحظى طريقة التداوي بالحجامة، بأهمية بالغة لدى المسلمين، لأن رسولنا الكريم (ص) كان من أكثر الأشخاص استخداماً لهذه الطريقة في علاج الأمراض التي تواجهه.

زمان الوصل
(239)    هل أعجبتك المقالة (205)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي