يسلط فيلم "أصوات ناعمة" للمخرج السوري الشاب "مصطفى أبو حسنة" الضوء على مواهب صاعدة لأطفال في مدارس الهيئة التربوية التعليمية في لبنان، كما يعرض ويناقش الفيلم وهو من النوع الوثائقي القصير أهمية تدريب الأطفال وتنمية مواهبهم منذ الصغر في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها أطفال اللاجئين السوري في لبنان.
ولد المخرج "أبو حسنة" في قلعة المضيق بريف حماة 1991 ودرس العلوم السياسية في جامعة دمشق، ولكنه لم يتمكن من الإكمال بسبب ظروف الحرب فانتقل إلى بيروت ليلتحق هناك بكلية الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة "الجنان" بطرابلس ليتخرج منها العام الماضي 2017.
وكان مشروع تخرجه فيلما وثائقيا قصيرا بعنوان "صُنع بسحرك" تناول فيه المقامات الموسيقية وعلاقتها بالإلقاء وكان لديه -كما يقول- لـ"زمان الوصل" اهتمام بالتصوير وإعداد الفيديوهات، وتقدم منذ فترة لأكثر من مدرسة لتدريب الأطفال على المهارات الفنية والإلقاء الخطابة، وكيف يستخدمون لغة الجسد لديهم بشكل صحيح على المسرح، ومبادئ الغناء والإنشاد أو الكورال.
وروى "أبو حسنة" الذي يدرّس مادة المهارات الفنية في مدارس الهيئة التربوية التعليمية في لبنان أن الهيئة وضعت حوالي 500 طالب من الصف الخامس الابتدائي وحتى الحادي عشر الثانوي على دفعتين لتعليم الصغار منهم الإلقاء والخطابة، ومن هم في أعمار أكبر المسرح ومبادئ الغناء والإنشاد أو الكورال.
أبو حسنة أشار إلى أنه تمكن في الشهور الثلاثة الأولى من اكتشاف العديد من المتميزين في هذا المجال، ومن هنا خطرت في ذهنه -كما يقول- فكرة إنجاز فيلم وثائقي لتسليط الضوء على هذه المواهب، وخاصة في بيئة اللجوء اللبنانية ووضع الإعلام اللبناني الذي يتجه لتكريس نظرة سلبية تجاه اللاجئين، فكان لابد من عمل إيجابي يظهر مواهب هؤلاء الأطفال السوريين، فاختار الطفل "عمر اللوز" من حمص- إنشاد والطفل "لؤي نوفل" من حماة- إلقاء والشقيقتين "سيدرا "و"سهام الشعار" من قلعة الحصن في مجال الرسم.
ولفت محدثنا إلى أن هناك مؤسسات وجهات تهتم باللاجئين السوريين وتعليمهم وتأهيلهم ودعمهم نفسياً في لبنان كمؤسسة "بسمة وزيتونة" والهيئة التربوية التعليمية، ولكن ليست هناك جهة تعمل على إبراز المواهب وصقلها ويطمح -كما يقول-ل افتتاح مركز لتعليم الأطفال الموسيقى والإلقاء والإنشاد والوصول إلى أكبر عدد من الأطفال السوريين واللبنانيين والفلسطينيين من ذوي المواهب.
وأبان "أبو حسنة" أن مشروعه هذا نبع من ردة فعل عفوية على تجاهل مواهب الأطفال في الموسيقى والغناء والرسم في طفولته، وكانت النظرة السائدة أن هذه المجالات تتعارض مع التحصيل الدراسي والاجتهاد، بينما الأعمال الفنية والمواهب لا تقل أهمية عن العلم أو التعليم، وعلى المجتمع -كما يقول- أن يترك للطفل الحرية في متابعة اهتمامه بالموهبة التي يحبها ويدخل المجال الذي يحبه ويرتاح فيه.
وكأي عمل فني يعتمد على إمكانيات فردية واجهت "أصوات ناعمة" –كما يقول مخرجه- صعوبات مادية في تأمين المعدات وتغلب عليها بالاعتماد على نفسه وجهده الشخصي في التصوير والإخراج والمونتاج، وكذلك عقبة عدم ارتياح الأهالي للكاميرا أو الظهور الإعلامي بشكل عام، وتمكن -حسب قوله- من إقناعهم بأهمية تسليط الضوء على مواهب أطفالهم إضافة إلى طمأنتهم أن العمل إنساني واجتماعي ولا يحمل أي أهداف سياسية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية