أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"دبابة داريا".. حكاية صمود من "مقبرة دبابات الأسد"

خاضت جميع معارك المدينة

وصف محللون عسكريون مدينة "داريا" بريف دمشق بأنها "مقبرة دبابات النظام" بعد المعركة الشرسة التي خاضها مقاتلوها لمنع قوات النظام من السيطرة عليها، وتمكنوا إثرها من تدمير ما بين 45 و65 دبابة حتى نيسان ابريل/2014 وفق تقديرات الجيش الحر وإعلام الثورة آنذاك.

ومن الدبابات التي اغتنمها مقاومو المدينة بتاريخ 24/01/2013 بعد معارك عنيفة ما عُرفت بـ"دبابة داريا" من نوع "t 72" روسية الصنع التي تحولت إلى جزء من حكاية صمودها طوال خمس سنوات وخاضت أكثر من 12 معركة تعرضت خلالها لأكثر من 14 قذيفة، في آخر عام وكانت -حسب ناشطين- تسير على مواد بلاستيكية محلية الصنع بدل الوقود بسبب ندرته إلى أن أحرقها المقاومون كي لا يستفيد منها النظام قبل تهجيرهم القسري. 

وروى المقاتل "أبو عبادة الديراني" لـ"زمان الوصل" قصة اغتنام الدبابة بعد دخولها مع كاسحة ألغام باتجاه المجمع الاستهلاكي، حيث لم يكن لدى "المرابطين" قاذف مضاد فتم التواصل مع قائدهم "أبو سلمو" الذي أحضر ألغاماً وقاذفاً، ولكن الكاسحة والدبابة كانتا قد انسحبتا حينها.

وأردف "الديراني" إن مقاتلي المدينة لجؤوا لزرع الألغام بعد انسحابهما فوراً وبعد نصف ساعة عادت الدبابة والكاسحة وبعد دخولهما ضربت الدبابة نقاط الرباط وما إن انسحبت حتى انفجر لغم تحتها في حارة ضيقة بين بنائين مما أدى إلى عطب في جزء من الجنزير أعاق حركتها.

"الديراني" الذي شارك في الكثير من معارك "داريا" أكد أن طاقم الدبابة خرج منها وهرب تحت تغطية نارية من قوات النظام وتمكن أحد القناصين من إصابة أحدهم، مشيرا إلى أن دبابة أخرى بدأت حينها تضرب على الدبابة المصابة ما أدى إلى اشتعال النار فيها.

بقيت الدبابة التي استهدفها المقاومون طوال النهار عالقة لا يستطيعون سحبها حتى حل المساء، وحينها -كما يقول الديراني- جاء أحد المقاتلين ويُدعى "الصحراء"-استُشهد في أحد المعارك فيما بعد- وصعد إلى ظهر الدبابة وفتح الغطاء العلوي ثم فجر قنبلة يدوية داخلها فتعطلت الكثير من ميزاتها، كمنظار الرؤية الليلية كما تعطلت ميزاتها الإلكترونية -أي أن الدبابة ظلت طوال وجودها تعمل -كما يقول- بالالآت الميكانيكية، وأصبح مدفع الدبابة يعمل على المنويل (لولب للتحريك والتوجيه بشكل يدوي).

وأكد محدثنا أن الدبابة المغتنمة خاضت جميع معارك "داريا" دون أحد عجلاتها التي خُلعت بسبب لغم أدى لتوقف حركتها حين اغتنامها وهذا واضح في الفيديوهات التي تظهر فيها الدبابة.

خاضت "دبابة داريا" أكثر من عشر عمليات، حيث تم استخدامها في المنطقة الغربية لاستعادة بناء تم احتلاله من قبل قوات الأسد، وهو ذو موقع استراتيجي بجانب معمل "القطة"، كما تم استخدامها في المنطقة الشرقية في معركة الشهيد "أبو الحسن"، ولكن دون قذائف فقط من أجل الرشاش الذي عليها لإخافة العدو.

وحينها -كما يروي الديراني- ضُربت بحشوة قاذف، لكنها لم تتأثر واستخدمت الدبابة في معركة (إخلاصنا خلاصنا) التي كان محدثنا مشاركاً فيها -كما يقول-واستخدمت الدبابة فيما بعد في العديد من الاشتباكات دون أن تقصف لإيهام العدو ومن أجل التغطية على مقاومي المدينة بسبب عطل تم إصلاحه بعدها.

كما شاركت "t72" في معركة "لهيب داريا" حيث تم ضرب مواقع بعيدة عن المعركة في (الجمعيات) لتشتيت العملاء عن مكان العمل ولتشتيت العدو نفسه بإيهامه الحشد في منطقة أخرى، واشتركت أيضاً في معركة "وأن عدتم عدنا" الشهيرة في "معركة السلم" التي نالت شهرة وكتبت عنها تقارير روسية وأجنبية وفي جبهة صحنايا. 

"الديراني" الذي يعيش في اسطنبول منذ خروجه من "داريا" أشار إلى أن الدبابة المذكورة أصيبت بثلاث حشوات واشتعلت النيران فيها في منطقة "الفصول الأربعة" الواقعة بين "داريا" و"المعضمية"، وآنذاك وجهت غرفة عمليات "داريا" للطاقم الأمر بالخروج والانسحاب حرصاً على سلامتهم، لكنهم آثروا البقاء فيها إلى أن تمكنوا من سحبها إلى مناطق المقاومين وتم إطفاؤها بمعدات بدائية.

كانت "دبابة داريا" من الخارج تبدو كأي دبابة أخرى أما من الداخل فكانت مختلفة قليلاً، وخاصة أن منظارها الليلي والإلكتروني -كما يقول محدثنا- كان معطلاً وتم وكان مدفعها يُحرّك يدوياً وليس آلياً كما هو معتاد.

غير أن الطريف في عمل الدبابة أنها كانت تعمل على المواد البلاستيكية بدلاً من الوقود بسبب نفاد الكميات المخزنة من مادة الديزل -حسب محدثنا- الذي أبان أن البلاستيك كان يُكرر عدة مرات عبر تبخيره وتكثيفه حتى يصبح سائلاً قابلاً للاشتعال، وفي الأيام الأخيرة قبيل خروج المقاومين من المدينة لجؤوا لإعطاب الدبابة من أجل عدم استخدامها من قبل قوات النظام بتفجير قنبلة داخل سبطانة المدفع حيناً، ووضع السكر وكمية من الأسيد على محركها لإتلافها نهائياً كما تم إتلاف كل ما يمكن الاستفادة منه كالمواد المتفجرة في معمل العبوات والسيارات والمركبات الأخرى وتم إحراق المعلومات الورقية السرية التي كانت بداخلها. 

وروى "الديراني" أن جنود النظام ظلوا لأيام بعد خروج المقاومين –حسب رواية الأهالي- لا يجرؤون على الاقتراب منها خوفاً من أن تكون ملغمة ولم يقتربوا إلا برفقة أحد أفراد لجنة التفاوض الإشراف على دفن جثامين شهداء استشهدوا في المعارك الأخيرة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(184)    هل أعجبتك المقالة (335)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي