أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

غــزّة .. و الذئـــب !!! ... نائل شيخ خليل

ستّون عاماً و نيّف .. و الكيانُ الصهيونيُّ الغاصِبُ بما أوتي من وسائل دعمٍ عقائديةٍ و عسكريةٍ و ماليةٍ و دوليةٍ يركبُ على ظهورِ كرامتنا دون أنْ نخرُجَ بصيغةٍ واحدةٍ تُحرِّرُنا و تبعثُنا لِنَقُودَ العالمَ كما فعلَ أسلافنا قبلَ أنْ نكفُرَ بهم و نكتفي بالبكاءِ على أطلالهم بكل ما أوتينا من مواهِبَ فنّيةٍ !


ستّونَ عاماً .. مرّت دونَ أن تُعَلِّمَنا سوى الصّراخَِ و العَويلَِ من على أرصفةِ الشوارعِ ، و منابرِِ المساجدِ .. و البَرلمانات !!



سِتّون عاماً .. و الدّمعُ مهنتنا ، و الذّل هويتُنا ، و الخَيمةُ المرقّعةُ بيتُنا ، و الحُلمُ العربيُّ ببدايةٍ جديدةٍ كابوسُنا !!



و الشّعب العربيُّ الكبيرُ ، المجاهدُ ، المُناضِلُ ، الثّائرُ .. نُوّم من قِبل حكّامهِ ، و إذا استيقظ من سُباتِه على وقعِ مجزرةٍ جديدةٍ تُرتكب بحقِ البشرِ و الحَجرِ في دُويلةٍ ما من دويلاتنا العَربية المعتلّة ، و خَرَجَ للشّارع ينتحبُ و يزمجِرُ و يبكي و يرفعُ الأعلامَ و الشّعاراتِ ، لم يلبثْ إلا و أنْ عادَ إلى لَهوهِ أو هَمّهِ في البحثِ عن رغيفِ خبزٍ أودى بأحدِ أبنائِهِ شهيداً غيرَ مرّةٍ في إحدى الدّول العربيةِ الكُبرى !!!



مَجزرةٌ تُنسينا مَجزرة .. و غزّة تُنسينا الضّفةَ و القُدسَ ، و العِراقُ يُنسينا فلسطينَ ، و دارفورُ تُنسينا الصّومالَ ، و مُسلسلُ السّهرةِ يُنسينا كُلّ ذلك !!!!



و من جديد .. أسألُ بلسانِ ( نزار قبّاني ) : متى يُعلنونَ وفاةََ العربِ !!؟



مِئاتُ القتلى حتى اليوم في مَجزرةِ غزّةَ الجديدةِ ، القديمةِ ، و غَزّةُ ( العِزّة ) ودّعت عاماً و بدأت عاماً بألعابٍ ناريةٍ من نوعٍٍ آخرَ تساقطتْ عليها أرضاً و جوّاً و بحراً في محاولةٍ لإجبارِ ( مغتصبيها ) من ( الحماسيين ) و الذين اغتصبوها عبر انتخاباتٍ حرّة و نزيهةٍ على تسلميها لحكومةِ الاعتدال الفلسطينية بقيادةِ

( الآخ ) - و ليس الأخ - محمود عباس !!!



( حماس ) و بالديمقراطية لا بقوّةِ السّلاح ، و لا بالإنقلاب ، و لا بتزوير الإنتخابات ، كانتْ محطّ ثِقةِ الشّعبِ الفلسطيني الذي أختارها لتقودَهُ في محاولةِ الحصولِ على الحقوقِ التي لَهَثْنا وراءها طيلةَ كلّ المؤتمراتِ ( أو المؤامرات ، لا فرق ) و الإجتماعات و الإتفاقيات التي عَقدها الموجودُ اليومَ بيدِ ربّ العباد ( ياسر عرفات ) و خَلفهُ المَوجودُ اليومَ على طاولةِ القِمارِ السياسي ( محمود عبّاس ) دون أن تُفلِح أيٌّ منها في تحصيلِ شِبرٍ من كرامةٍ ، و لا مِترٍ من ( قُدس ) !!

عبر الديمقراطية لا غير ، تلك التي قتلت أمريكا بحجّةِ نَشرِها و تَعميمها على بلدانِ الشّرق الأوسطِ قُرابة مليونِ عراقيٍّ و هجّرت أضعافهم و دمّرت وطناً كاملاً و أهانت شَعبهُ ، لأجلِ أسلحةِ دمارٍ شاملٍ اخترعتها وكالةُ الاستخبارات الأمريكية و اعترف غيرُ مسؤولٍ أمريكيٍّ رفيعٍ بأنّه كَذَبَ بخصوصها ، من بينهم ( سكوت ريتر ) المفتش الدولي الأسبق عن هذه ( الأوهام ) في العراق ، و الذي أصبح لاحقاً من أشدّ المعارضين لسياسة الإدارة الأمريكية ، ثمّ خَلفهُ ( هانز بليكس ) الذي أعتذرَ لكونِهِ كَذَبَ في التقرير الخاص بأسلحة العراق و الذي كَتبهُ على مزاج ( أمريكا ) ليكونَ لاحقاً أحدَ أهمِّ المبرراتِ التي اعتمدَ عليها الطّاغية ( بوش ) في عُدوانهِ الإرهابي على شَعبِ العراق و أرضهِ ، و كذلك ( كولن باول ) وزيرُ الخارجية السّابق لأميرةِ و مُلهمةِ السلاطينِ و المُلوكِ العرب و المحظوظةِ بهداياهُم الألماسية ، وزيرةُ الخارجيةِ الحاليةِ و ليسَ لأكثرَ من أيامٍ قادمةٍ ( كونداليزا رايس ) الذي أعترف - أي كولن باول - أنّ الأدلّة التي سبق و قدّمها في مجلسِ الأمن في جلستِه الشّهيرةِ عام 2003 لتُبرِّرَ احتلالَ العراقِ ، و التي تضمنت مكالماتٍ هاتفية و صوراً التُقِطتْ بالأقمار الصناعية كانت كُلّها كاذبةً و مفبركة ، قبل أنْ يَطلَعَ علينا سيّدُ البيتِ الأبيض ، الأسودُ الوجهِ بأفعالهِ و سلوكياتهِ ( جورج بوش الصغير ) قبل أيامٍ من خروجهِ المُذلّ و حِزبهِ الحاكمِ دون أن يخرج عن النّصِ و يكونَ صادقاً و لو لمرّة واحدةٍ خلال فترةِ حكمه التي سبق و وعد فيها الفلسطينيين بدولةٍ حرّةٍ مستقلة في عام 2008 ، و هاهي تنقضي هذه السّنة و تبدأُ أخرى على مجازرَ جديدةٍ بحقّ الشّعبِ الفلسطيني الأعزلِ دونَ دولةٍ و لا حتى شِبهِ دويلة !! ،

( بوش ) الذي ودّعهُ الضَّميرُ العربيُّ بفردتي حذاء ( منتظر الزيدي ) الصحفي العراقي الشّريف اختبأ منها كالفأر قبل أن تلطم رمز حكومتهِ المرصّع بالنجوم ، أكمل طابورَ الكذّابين قبل أيامٍ فقط عندما اعترف بكلّ وقاحةٍ و كلّ برودٍ " أنّ أكثرَ ما يأسفُ عليهِ هو إخفاقُ الاستخباراتِ الأمريكيةِ بشأنِ العراق " الأمرُ الذي يؤكّدُ أنّ كلّ ما تمّ الاستنادُ إليهِ في هذهِ الحربِ العُدوانيةِ كانَ مجرّدَ افتراءاتٍ و أكاذيبَ مضلِّلةٍ !!!



إذنْ .. الديمقراطيةُ أتتْ بحركةِ حماسٍ الإسلاميةِ المقاومةِ و المصنّفةِ أمريكياً في لائحةِ المنظماتِ الإرهابية ، أتتْ بها إلى السّلطة بعدَ أنْ يأِسَ أهلُ فلسطين من الدورانِ في دوّامةِ المفاوضاتِ التي لم يحصلوا منها على شيءٍ فاختاروا ( المقاومةَ ) و ( القوَة ) يحكمها الإسلام و شرعُ اللهِ في سبيلِ الحصولِِ على حقوقِ الشّعبِ الذي عانى و يعاني طيلةَ أكثرَ مِن ستينَ عاماً من النّازيةِ الصهيونيةِ التي تُرتكبُ مجازرها بحقّه في محاولةٍ متجدّدةٍ لطمسِ الحقائقِ ، و سَلبِ الحُقوقِ ، و فرضِِ سياسةِ الأمرِ الواقعِِ التي سبقَ و دشّنها الطّاغية ( بوش ) نفسُهُ في زيارتهِ الوداعيةِ الملعونةِ إلى الكيانِ الصهيوني عام 2008 بإعلانِهِ " أنّ التحالُفَ بين الولايات المتحدة وإسرائيل يُساعد على ضمانِ أمنِ إسرائيلَ كدولة يهودية " الأمرُ الذي تلقّاهُ ( أولمرت ) بكلّ حبٍّ و تقديرٍ لمّا ردّ عليهِ بذاتِ الزّيارةِ بأنْ وصَفَهُ - أي لبوش - بأنّه " أقوى وأكبر الحلفاء والأصدقاء في التاريخ " ، و هذا التصريح الأمريكي الصّريح يُسقطُ تماماً أهمَّ البُنودِ التي وُجدتْ في ملفِّ كلّ المفاوضاتِ التي جرت سابقاً و من أهمِّ أهدافِها أنْ تكونَ القُدسُ عاصمةَ الدّولة الفلسطينية ( الحُلم ) الذي نتمنى أن يقودنا الله إلى تحقيقهِ بعد أن فشل الحُكّامُ في ذلكَ و عن سابقِ إصرارٍ !!!!



و لأنّ حركةَ حماسٍ حركةٌ إسلاميةٌ ممانِعةٌ ، مقاومةُ للإحتلال الإسرائيلي ، و ترفُضُ الحلولَ الوسطَ و الدّخولَ في مفاوضاتٍ طويلةٍ لا نهايةَ لها على جزءٍ صغيرٍ من كاملِ الحقوقِِ ، و لأنّها تمتلِكُ قاعدةً شعبيةً كبيرةً داخلَ الأراضي المحتلة تُعدُّ إحدى أهمِّ العواملِِ المساندةِ لها ، إضافةً لخبرةٍ طويلةٍ في مقاومةِ الإحتلال الغاصِبِ ، مع قُدرةٍ عسكريةٍ جيّدةٍ ضمنَ الإمكاناتِ المُتاحة بصواريخ مصنّعة بأيدي المجاهدين أرعبتَ و ما تزال تُرعِب كلّ المُستعمراتِ الصهيونيةِ المتاخِمةِ لغزّة و التي لم يتورّع بعض المستعربينَ من وصفِها - أي للصواريخ - بالألعاب التي لا تفيدُ القضيةَ في شيءٍ !! ، بالإضافةِ لدعمٍ كاملٍ من قِبل سورية و إيران الدولتين الوحيدتين في الشّرقِ الأوسط الممانعتين لسياساتِ أمريكا و حلفائِها ، و اللّتين أبتا أن تكونا في ركبِ الرّاكعين و المستباحةِ كرامتُهم و المُشتراةِ ضمائِرهم .



لكلّ ذلك .. كان التّسليمُ بسُلطةِ هذه الحركةِ ( الإرهابيةِ ) بعيون أمريكا و إسرائيل و حلفائهما على الأرضِ الفلسطينيةِ أمراً مرفوضاً بالمطلقِ ، و كانَ لا بدّ من انتزاع هذه السّلطة بكلّ الطرقِ المتاحةِ ، فكانت البداية بمطالبتها بالإعترافِ بدولةِ الكيانِ الصهيوني الغاصبِ ، و إلقاء السّلاح ، و إلقاءِ بقيةِ الكرامةِ الموجودةِ في أرضِ فلسطينِ في البحرِ ، و لمّا كان الرّفضُ هو الردّ الوحيدُ و المتوقعُ ، كانَ لا بدّ من مقاطعتها و حصارها داخلياً عبرَ ( عبّاس ) و رفاقهِ ، و عبرَ دولِ ( الإعتدالِ ) و ( الإعتلالِ ) العربي ، و بالتّأكيد عبرَ الكيانِ الصهيونيِّ الغاصبِ و أمريكا و سائرِ حُلفائِها .



هذهِ الحربُ الباردةُ و السّاخنةُ و المتعدّدةُ الجوانبِ و الأهدافِ ، كانَ من إحدى أهم نتائجها ، إقتتالٌ فلسطينيٌّ فلسطيني و سقوط العشراتِ من الفلسطينيين بأيدي إخوانهم ، الأمرُ الذي أعطى الحجّة لمحمود عبّاس بإقالةِ حكومةِ الوحدةِ الوطنية التي تقودُها حماس و تشكيل حكومة على مقاسِه و مقاسِ ( الكيان الصهيوني ) و حلفائهما العرب و الغرب ، قبل أن تُسيطرَ حماس على قطّاعِ غزّة كردٍّ على هذه الخطوة ( العبّاسرائيلية ) ، و هنا كانتْ البدايةُ الحقيقية لمأساةٍ جديدةٍ لمدينةٍ قُدّرِ لها أن تَشهَدَ نكساتِ العرب المتلاحقةِ ، و عبر مجزرتانِ ارتُكبتا بحقِِّ هذه المدينة المفجوعةِ في أواخرِ شُباط الماضي 2008 و أواخِرِ كانونَ الأوّل الماضي 2008 و ما زالت مستمرةً حتّى اليوم جوّاً و برّاً و بحراً ، مخلّفةً المئاتِ من القتلى أكثرُ من ثلثهم من الأطفال و النساء ، و الآلاف من الجرحى و الثّكلى و اليتامى .



من ورّط فلسطين بكلِّ هذا !؟ و من المسؤول الأوّلُ و الأخيرُ عن حصارِ شعبٍ و تجويعهِ و دَفعِه للإقتتال بين حَركاتِه و أحزابِهِ ، و المُراهنةِ على جِراحهِ في سبيل مصالحَ ضّيقةٍ تخدُمُ بالمحصّلةِ مصالح العدوّ الأكبر !؟

من كان يعرِفُ تماماً أن إضعافَ ( حماس ) التي تمثّلُ العَمودَ الرئيسيّ لحركاتِ المقاومةِ الفلسطينية هو الخُطوةُ الأهمُّ في السّيطرةِ على كلّ القضيةِ التي تاجر بها بعضُ الحكّامِ العربِ و لََعِِبوا على طاولتها القِمارَ السّياسي و في مقابلهم ( أولمرت ) و ( ليفني ) و ( بوش ) و ( كوندي ) و أسلافهم !!!؟





من الذي قرّرَ أنّ الذي يحكمُ بالإسلام ( إرهابيٌّ ) ، و من يرفُضُ الإعترافَ بالكيانِ الصهيونيِّ كدولةٍ ، و يرفضُ تركَ سلاحِهِ ( إرهابيٌّ ) ، و من يرفُضُ التّنازلَ عن شِبرِ أرضٍ أو ذرّةِ كرامةٍ ( إرهابي ) !!!؟

و ما ذَنْبُ قُرابةِ المليونِ و نصفِ المليونِ فِلسطينيٍّ في ( قطاعِ غزّة ) كي يُعاقبوا و يُحاصروا و تُقطعَ عنهم كُلُّ أسبابِ الحياةِ من مالٍ و ماءٍ و غذاءٍ و دواءٍ و طاقةٍ و لو استطاعوا لقطعوا عنهم الهواءَ لمجرّد أنّهم اختاروا بكلِّ إرادتهم أن تقودهم هذه الحركةُ ( الإرهابية ) !!؟



من الذي أوحى لِمحمود عبّاس .. أن يتودّدَ للصهيونيينَ بكلّ أجنحتهم و أحزابهم ، و يتبادل معهم القهقهاتِ و القُبلاتِ ، و قد سَبقَ أن قبّلتْ صورايخُهم و أسلحتُهم أرواحَ الأرضِ و البشرِ من أهلهِ و إخوانه و أبناءِ شَعبهِ ، و يمتنعُ عن مُجالسةِ أيّ ( حماسيٍّ ) أو الحديثِ معهُ قبل أن يقبلَ بشروطِه و يتنازلَ عن باقي كرامتِه بأن يكون مطيعاً للحاكم بأمر فلسطين المحتلة ( أولمرت ) و أعوانِه !!؟





و تَصمدُ غزّة ، أرضُ العزّة !!

و يترصّدُ الذّئبُ لها !!





و تخرِقُِ ( حماس ) إتفاقيةِ الهُدنةِ التي رَضيت بها على أملِِ أن تصحا ضمائرُ العربِ و العالم ، و يَفُكّوا حِصارهم عليها ، و يستغلُّ العدوُّ الصهيونيُّ هذا الخرقَ ، و يُعلِنُ الحَربَ على عِزّة العَربِ و بقيةِ كرامتهم !!



أمّا الذي أغلقَ أشهرَ معبرٍ في التّاريخ العربيِّ في وجهِ ( حماس ) و أهلِ فلسطين ، و شاركَ في نكبتِهم المتجدّدةِ ، و استقبلَ ( ليفني ) قبل يومٍ واحدٍ من الحربِ العُدوانية و تبادلَ معها الطريقةَ المثلى لإنهاءِ حماس بأسرع طريقةٍ ممكنةٍ ، و أكّد لها أنّ من حقّ كيانها الغاصِب الذي تنتمي لهُ هذه الشقراء اللّعينة أن يردّ بالطريقةِ المناسبةِ على صواريخ ( حماس ) التي ترعِبُ أبناء ( صهيون ) و هذا ما أكّدتهُ ( ليفني ) لاحقاً بأنّ كيانها الغاصب يُقاتِل ( حماس ) بالنيابةِ عن دول عربيةٍ أخرى ، و أنّ هذه الحرب تحظى بِرضا عددٍ من القادةِ العرب .



الذي أغلقَ المَعبَرَ .. سَبَقَ و طمأَنَ المُجاهدين بأنّ الكيان الغاصِب لن يغزوهم و أنّ كلّ ما يتم طرحه من ( سيناريوهاتٍ ) حرب محتملة لا يعدو عن كونِه حرباً إعلاميةً مضلّلة ، هذا الذي عدّهُ الكثير من المحللين أحد أهم سِماتِ هذه المجزرة و هي سِمةُ " المباغتة " ، و مما كَشفتهُ الصُحفُ العربيةُُ و العالميةُ و مصادرُ حركةِ حماس فيما تم تسميته من قبل البعض " واحدةٌ من أكبرِ عملياتِ التّواطؤٍ في التّاريخ العربيّ " أنّ الحكومةَ المصريةَ و بخبثٍ شَديدٍ و عَبَرَ مُساعدي مديرِ الإستخبارات المصريةِ أبلغتْ ( حماس ) أنّ المفاوضات ستبدأ قريباً للشُروع في هُدنةٍ جديدةٍ ، و أنّه لن يتمَّ أيُّ غَزوٍ لغزّةَ قبلَ هذه المفاوضات و انتظار ما ستُسفِرُ عنهُ ، و على أقلّ تقدير في الثماني و الأربعينَ ساعةً القادمة خاصّةً أنّ يوم بِدءِ العُدوانِ في يومِ السّبتِ ( المُقدّسِ يهودياًً ) 27 كانون الأوّل 2008 يوم عطلةٍ رسميةٍ في ( الكيان الغاصب ) ، الأمر الذي دَفَعَ ( الحماسيين ) لأنْْ لا يتخذوا إجراءات السّلامة المعتادةِ عندَ كلِّ تهديدٍ صهيوني و أقلّه إفراغُ المقرّاتِ الأمنيةِ المعروفةِ من عناصِرها ، و هذا الذي جعلنا نُشاهد عدداً كبيراً من المجاهدين و قد ارتقوا شهداءً و هم يوحّدون ربّهم و يرجون منه أن يُعاقِبَ من تآمرَ عليهم ، و هو نفسُهُ - أي باراك مصر - الذي أوحى لوزيرِ خارجيتهِ ليصرّح لوسائل الإعلام عقِب العُدوان و بحضورِ ( عبّاس ) السّلطة الوطنيةِ الكرتونيةِ أنْ لا داعي لقمّة عربيةٍ طارئةٍ مُسرّاً بأنّ الوقتَ مبكرٌ لقمةٍ كهذهِ قبلَ القضاءِ على بَقيةِ النخوة و العزّة و الإباءِ التي يصونها ( الحماسيون ) .



الذي أغلقَ معبرَ ( رفح ) يُقسمُ بإسرائيل أنّه لمْ و لنْ يفتحَ هذا المعبر لصالحِ القضيةِ الفلسطينية ، و أنّه فيما لو فتحه سيكون قد أعطى الشّرعيةَ لدولةِ حماسٍ ( الغزّاوية ) و هذا ليسَ في صالحِِ القضية ، و أنّ قضية المعبر كُلّها فخٌ ( صهيونيٌّ ) لن يقع فيهِ ( باراكُ ) مصر !!



الذي أغلقَ المعبرَ .. و قادَ حواراً طويلاً بطريقةٍ غير حياديةٍ بين حزبٍ يعترفُ بهِ و هو حزبُ ( عباس الفتحاويّ ) ، و بين حركةِ حماسِ التي لا يفتحُ لها لا المعبر و لا أذنيه لأنّه ببساطةٍ لا يريدُ أن يُعطيها الشّرعية ، هذا عدا أنّ المعبر يجبُ أنْ يخضعَ للإتفاقيةِ الأمنيةِ مع الدّولةِ العِبريةِ خوفاً على أمنِ أبناءِ أعمامهِ من آلِ صهيون من ( الألعابِ القسّامية ) !!





الذي أغلق مَعبَرَ رفح ، و فتح جُروحَ العَربِ و قُبور أطفالِهم و نِسائهم و مجاهديهم في غزّة ، و أغلقَ أُذنيهِ أمام صَيحاتِ الإستهجانِ و التّنديدِ العريضةِ التي يئِنُّ بها الشّارعُ العربيُّ الذي يُسمحُ لبعضِ العربِ أن يستخدموهُ للتنفيسِ عن آلامهمِ و .. مواهبهم !! ، و أغلقَ عينيهِ عن مشهدِ الملايين تثورُ أمام سفاراتِ مصر في الدول العربية و العالمية ، و تَسبّهُ و تلعنُهُ و كلّ العملاء .

( باراك ) مِصْرَ .. لم يُشاهدْ ربما و لم يسمعْ و لم يقرأ عن ذلك الجنديّ المصري الذي جُرحِِ في حربِ العبور - مفخرة مِصر - و الذي أحرقَ جوازَ سفرِهِ أمامِ السّفارةِ المصريةِ في بيروت و هو يُردّدُ مع جماهيرَ غاضبةٍ :

" الشعب المصري عامل ايه ؟ حسني مبارك سي آي ايه !! "

قبل أن يُرفع على الأكتافِ و أعزُّ ما يملِكهُ المغتربُ في بلادِ غربتهِ ما زال بينَ أصابِعِهِ يحترق و هو يقول بحرقة :



" أنا فلاح مصري، هذا الرئيس لا يشرّفني ( ..... ) ، أتحبس مش مشكلة ، أكون من غير جوازي ، أبقى بلبنان ، لا أريد العودة بس مشكلة يكون رئيس بلدي هو نفسه اللي بيموّت أطفال غزة من الجوع "



ألمْ يسمعْ ( باراك ) مصر بهذا الرّجلِِ المصريِّ الشّريفِ في زمنٍ قلّ فيهِ الشرفاءُ ، هذا الجنديّ السّابق الذي يدعى ( عبد الله محمد عبد العزيز ) و الذي أقسمتُ أنني مستعدٌ لأقبّلَ قَدَميهِ و قَدمي كُلِّ رجُلٍ شريفٍ صاحٍ ضميرُهُ عُربونَ وفاءٍ و تقديرٍ لرجالٍ تحتاجهم هذه الأمّة المفجوعةُ بقلّةِ شُجعانها .



الذي ما زالّ مُصرّاً على أن يلوّث سَماءَ ( مِصر ) بأعلامٍ ما زالت ترمُز بخطّيها الأزرقين أنّ الكيان الصهيونيّ لن يتنازل عن فكرة ( اسرائيل من الفراتِ إلى النيل ) ، و ما زالَ يصدّر لدولةِ الإحتلالِ الغاصِبِ الطّاقةَ التي تضمنُ لهم قوّة إضافيةً في حربهم ضد المسلمين و بأسعارٍ أشبهَ بالمجّانية ، و ما زالَ يرفضُ أن يتحاورَ مع ( دِمشق ) لأنّها ترفضُ أن تكونَ من دولِِ ( الإعتلالِ ) العربيّ ، و يُكفّرُ ( حزب الله ) و يُراهنُ على عدائهِ ، و يُتاجرُ بأرزاقِ أبناءِ شعبِهِ و يتسلّى بعدّ عددِ الشّهداءِ الذين يسقطونَ منهم أمامَ الأفرانِ في سبيلِ الحصولِ على رغيفِ خبزٍ يسُدُّ جُوعَهم ، و يمنعُهم مِنَ الدّعاء لأهل غزة ، و التّظاهر لنصرةِ غزة ، و الصلاةِ لأجلِ غزّة !!







و أحد مرؤوسيهِ الذي يُدعى جوازاً ( أبو الغيط ) و الذي أطلقَ تهديدهُ الشهير بأنّ " من يكسر حدود مصر من الفلسطينيين سيكسرُ لهُ أرجُله " ، و الذي تعتمدُ عليهِ صديقتُه العزيزة ( ليفني ) بالإتكاءِ عليهِ - كما فعلتْ في زيارة تشريعِ العدوانِ الأخيرة - لكي لا تتعثر كلّما زارتْ مصر بقائمةٍ جديدةٍ من الإملاءاتِ و الأوامر !!

أبو الغيط هذا .. طالبَ العرب قبل أيامٍ بأن يكونوا ( عقلانيين ) و لا يحمّلوا دولة الكيان الغاصب المسؤولية لوحدهم عن ما جرى و يجري من مجازر ، مساوياً بين الضّحيةِ و الجلاد ، بين المغتصِبِ و المُغتَصَبْ !!!



و هو نفسُهُ الذي ادّعى أنّ المعبرَ مفتوحٌ و أنّ ( حماس ) ترفُضُ نقل الجرحى عبرهُ ، بينما تُطالعنا الأخبار أنّ المعبر لا يفتحُ إلا نادراً لأغراضٍ دِعائيةٍ ، بل إنّ المستشفى الميدانيّ مثلاً و الذي تبرّعت بهِ ( قطر ) بقي في مكانِه في الدّوحة لعدمِ حصولِه على الإذن المصري / الصهيوني ، و كذلك عشراتُ الأطباءِ المتطوعين العرب و الأجانب الذي ينتظرون أنْ تَحنّ عليهم سلطةُ ( باراك مصر ) و تسمحَ لهم بالمرورِ لغزّة الجّريحةِ لإنقاذِ من تورّطت يديهِ - أي باراك مصر - بشكلٍ أو بآخر في ضربهم و استهدافهم .



و تصمُدُ غزّة .. أرضُ العزّة !!

و ما زال الذئبُ متربّصاً !!!



و ما زلنا ننتظرُ من شُيوخِ العربِ و المُسلمين و علمائهم في مِصرَ و غيرها ، و الذين طَلعوا علينا بفتاوى " إرضاعِ الكبيرِ " و " جواز القبلات بين الجنسين من الشباب في الأماكن العامة " و " جواز ترقيع غشاء البكارة " و " جواز زواج المتعة " و " وجوب قتل ميكي ماوس " و " تحريم الدّعاء لحزبِ الله " و غيرها الكثير من الفتاوى المضحكة المبكية .. و أحدثُها " تحريم التظاهر و المظاهرات " لأنّها تُلهي عن ذِكرِ الله !!! ، ما زلنا ننتظرُ منهم أن يُفتوا بتكفيرِ من يَمنع عن المسلمين الغذاءَ و الدواءَ و الكِساءَ و أسبابَ الحياةِ ، و تكفيرِ من يتآمرُ على المسلمين و يُشاركُ في قتلهم و تعذيبهم و حصارهم ، و تكفيرِ من يتآمرُ على الأمّة الإسلامية و يدخلُ في تحالفاتٍ سرّية تحفظ له كرسيَّ حُكمهِ ، و تُضرُّ بأهلهِ و أبناءِ شعبِه .



ما زلنا ننتظرُ شيخ الأزهر ( الطنطاوي ) الذي صافحَ رئيسَ الكيانِ الغاصبِ و الذي سَبَقَ و قَتَلَ بيديهِ المئاتِ من الفلسطينيين في قانا و غيرها ، ما زلنا ننتظرُ منهُ فتوى بتكفيرِِ كلّ من يفتحُ سفارةً للإحتلال الغاصِبِ في أرضهِ و يُصرُّ على إبقائها مفتوحةً في عزّ المجازرِ و الجرائمِ الصهيونيةِ على أبناءِ شعبهِ ، و يسمحُ للصهيونيين أن يصولوا و يجولوا كيفما يشاؤون في بلادِهِ ، و يصدّرُ لهم الغاز و البترول و المال ، و يَعقِدُ معهم إتفاقياتِ إذعانٍ و تسليمٍ و استسلامٍ !!



ما زلنا نحلمُ بفتوى تُبيح الجهادَ ضدّ من يقتل أهلنا و أطفالنا دون أنْ يُودعَ صاحِبُها في السّجن !!!





و تنتصرُ غزّة .. أرضُ العزّة !!

و يَخسأُ الذِّئبُ و ... كُلُّ الحيوانات !!!!



بعونِ الله .. و بمَدَدِهِ .



5 كانون الثاني 2009

اليوم العاشر لمجزرة غزّة الثانية

(99)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي