*مؤسس "بلاك ووتر" سيئة الصيت يضغط لحجز حصته في سوريا، معولا على خطة حليفه "ترامب"
*تبدو السعودية وهي تؤيد الخطة الأمريكية وكأنها تتكلم نيابة عن الآخرين دون أن تشاورهم
اهتمت وسائل إعلام غربية بخطة واشنطن الرامية لإحلال "قوات عربية" مكان القوات الأمريكية الرابضة على الأراضي السورية، مستعرضة –أي هذه الوسائل- أهم العقبات التي يمكن أن تقف في وجه تنفيذ هذه الخطة.
"زمان الوصل" اطلعت على بعض تقارير الإعلام الغربي بهذا الشأن، ورصدت بالذات ما أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية وصحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الأربعاء، واللتان اتفقتا على وجود معوقات جدية أمام السعودية والإمارات تمنعهما من المشاركة الفاعلة في أي "قوات بديلة" عن القوات الأمريكية.
*سيعودون لطلب النجدة
"سي إن إن" افتتحت تقريرها المطول، بنقل كلام عن مصدر مقرب من البيت الأبيض، يؤكد فيه أن واشنطن تدرس اقتراحا مثيرا للاهتمام بشأن إرسال قوات بديلة عن قواتها إلى سوريا، دون أن يبوح بالمزيد من التفاصيل.
وذكّرت الشبكة الأمريكية بأن مفهوما مماثلا تم طرحه من قبل على إدارة أوباما (الرئيس الأمريكي السابق) في سبيل محاربة تنظيم "الدولة"، لكن فكرة إنشاء قوة عربية تخدم المصالح الأمريكية في سوريا اكتسبت في الآونة الأخيرة زخما جديدا، عقب إعلان "ترامب" نيته سحب قواته من سوريا وترك الأمر لدول أخرى "ستعتني به".
وتسعى الولايات المتحدة إلى تحريض كل من: مصر، السعودية، البحرين، الأردن، الكويت، عمان، الإمارات المتحدة وقطر لمساعدتها في مواجهة إيران داخل سوريا، عبر ملء الفراغ، الذي سيحدث فور تخفيض واشنطن حجم وشكل وجودها على الأرض السورية.
وفي ظل الحديث المتواتر عن انسحاب أمريكي وشيك من المشهد السوري، فإن إدارة "ترامب" تواصل مساعيها للحصول على مساعدة عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها: السعودية والإمارات ومصر.
ويقول مصدر مقرب من دوائر القرار في العاصمة الأمريكية إن مستشار الأمن القومي "جون بولتون" اتصل مؤخرا برئيس المخابرات المصرية "عباس كامل"، لمعرفة مدى استعداد بلاده للمشاركة في قوات عربية تحل مكان الأمريكية حال انسحابها.
بينما يؤكد مصدر آخر إن البيت الأبيض يسعى للحصول على مساعدات إضافية من السعودية، التي عملت واشنطن في سبيل إقناعها بإرسال الأموال والقوات.
ومن ضمن الخيارات التي تدرسها واشنطن "إغراء" السعودية بتسميتها كـ"حليف" لمنظمة شمال الأطلسي (حلف ناتو)، إذا ما وافقت الرياض على إرسال قوات برية إلى سوريا ومولت خطة "ترامب" بهذا الصدد، حيث ستصبح السعودية بموجب هذا الوضع حليفا عكسريا استراتيجيا للولايات المتحدة، مثلها مثل: إسرائيل وكوريا الجنوبية والأردن.
ومن شأن تسمية السعودية كدولة "حليفة" من خارج "ناتو".. من شأنه أن يرسخ الدور الأمريكي في حماية "الأمن السعودي"، وفق ما يقول الباحث والمحلل "نيكولاس هيراس"، الذي يعقب: "لا أعرف ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تضع الثقة الكاملة بأي شريك إقليمي عندما يتعلق الأمر بالاستقرار في سوريا".
وحسب رأيه، فإن أكثر الشركاء العرب قدرة على المشاركة في قوات بديلة، منخرط حاليا في صراعات أخرى يبدو أنه تستنزفه، في إشارة واضحة إلى الحرب في اليمن.
بينما يحذر المحلل العسكري "جون كيربي" من أن تنفيذ الخط "ترامب" بإرسال قوات عربية بدلا عن القوات الأمريكية، قد يؤدي إلى نتيجة عكسية تزيد من انخراط واشنطن في الحرب السورية، حيث لا يؤمَن أن تقوم تلك القوات البديلة بخوض حرب بالوكالة (أوسع نطاقا) ضد إيران، وتزود الثوار بمزيد من السلاح، ما سيجبر واشنطن على التدخل في الحرب السورية بطريقة لا تتوافق مع مصالحها.
وإذا كانت السعودية والإمارات تواجه مأزقا في اليمن يمنعهما من المشاركة في قوات عربية، فإن مصر التي تمتلك القوة البشرية العسكرية تفتقر للإرادة التي تدفعها للمشاركة.
ويعتقد "كيربي" أنه ورغم شرائها معدات وأسلحة عسكرية بمليارات الدولارات، تبقى معظم القوات العسكرية العربية محدودة القدرات في مجالات مختلفة، ما يعني في نهاية المطاف لجوء هذه القوات لطلب النجدة من واشنطن مجددا، وإعادة توريط أمريكا في النزاع السوري.
*هل تسكت أنقرة؟
صحيفة "ذي جارديان" البريطانية، وفي تقرير أفردته لخطة "ترامب" أوضحت أن هناك نحو ألفي عسكري أمريكي في سوريا يتولون قتال تنظيم "الدولة"، وأن واشنطن أعربت مرارا عن رغبتها في سحبهم.
وقالت الصحيفة إن فكرة إنشاء "تحالف عربي" ليست بالجديدة، ولكنها اليوم تواجه مشكلات حادة، حيث تتعثر السعودية والإمارات في حرب اليمن، وليس لديهما سوى القليل من القوة البشرية ومن الموارد العسكرية للمشاركة في بناء تحالف يتدخل في سوريا.
أما مصر التي يحكمها السيسي فهي مقربة جدا إلى نظام بشار الأسد، وهكذا يبدو الخيار الأقرب متمثلا في تمويل الدول العربية المعنية بخطة "ترامب" جيشا يديره "متعاقدون من القطاع الخاص"، ربما يجند عناصر من دول نامية مثل السودان.
ويبدو حليف "ترامب" ومؤسس شركة "بلاك ووتر" سيئة الصيت، ومستشار الإمارات حاليا، إيريك برينس.. يبدو "برينس" في صلب هذا التوجه، حيث يضغط لحجز حصته في الكعكة، رغم أن وزارة الدفاع الأمريكية سبق أن رفضت العام الماضي عرضا مماثلا من "برينس"، يتضمن إحلال "متعاقدين من القطاع الخاص" مكان القوات الأمريكية المنتشرة في أفغانستان.
لكن "برينس" قد يكون أكثر جاذبية للبيت الأبيض فيما يخص سوريا، إذا يرى مستشار الأمن القومي "بولتون" أن بلاده تحملت الكثير من العبء العسكري في سوريا، وأن على الدول العربية تقديم القوات والمساعدة المادية في الحرب ضد التنظيم.
ومع إن فكرة تشكيل قوة تدخل عربية تبدو جذابة من الناحية السياسية، لاسيما أنها توحي بإعادة سوريا إلى محيطها العربي، فإن الواقع يؤكد أن تنفيذها شبه مستحيل، حسب المحلل الأمني "إميل حكيم".
ويبدو أن السعوديين حينما شجعوا خطة "ترامب" لم يتشاوروا مع الآخرين بقدر ما تحدثوا نيابة عنهم، فقد سبق للرياض أن عولت على دعم مباشر من مصر وباكستان في حرب اليمن، لكن ذلك لم يحصل.
حتى "التحالف الإسلامي" الذي سبق لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن أطلقه، بقي هيكلا على الورق، أكثر منه تحالفا حقيقيا معدا للقتال.
"تشارلز ليستر"، المحلل المطلع بعمق على كثير من قضايا المنطقة، رأى أن السعوديين "مستمرون في مسايرة ترامب، دون التحدث عن حقيقة نواياهم".
بينما أشارت الباحثة "رندة سليم" إلى أن السعوديين يمكنهم لعب دور وحيد، عبر قيامهم بتمويل "قوات إسلامية" من غير بلدهم للقيام بالمهمة، وهو أمر مختلف تماما عن فكرة إرسال جنودهم إلى مسرح الصراع في سوريا، حيث سيتوجب حينها أن ينخرطوا في مواجهة مباشرة مع قوة متشددة تمثل مختلف أنواع المليشيات المدعومة إيرانيا.
وهناك عامل آخر يجب أخذه بالحسبان، وهو رد تركيا على خطة القوات البديلة، حيث لاتعتقد "سليم" أن أنقرة سترحب بوجود قوات المصرية أو إماراتية على حدودها.
ويوم الثلاثاء، أعلنت السعوجية على لسان وزير خارجيتها تأييدها الأولي لخطة "ترامب" القضايا بإنشاء تحابف قوات عربية، يمكن أن يملأ الفراغ الذي سيحدثه سحب واشنطن لعسكرييها من سوريا.
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية