هناك تفاهم روسي إسرائيلي أن تبقى الغارات الحربية التي تشنها "تل أبيب" على الأراضي السورية بعيدة عن أي رد من موسكو، بل أن تغض الأخيرة الطرف تماما عن تلك الغارات، ما دامت "تل أبيب" ملتزمة بسياستها القاضية بعدم التعرض لبشار الأسد مطلقا.
هذه النتيجة وغيرها، خلصت إليها دورية "إيكونوميست" البريطانية في تقرير نشرته يوم الخميس وتولت "زمان الوصل" ترجمته.
"أيكونوميست" انطلقت من الهجوم الأخير على مطار "تي فور" الحربي في ريف حمص، والذي استهدف حسب قولها حظيرة (هنغار) ضمن مجمع على الجانب الغربي من المطار، يستخدمه "فيلق القدس" الإيراني، ما أسفر عن خسائر كبيرة وقتل 7 ضباط إيرانيين على الأقل، من ضمنهم عقيد.
ورغم "تل أبيب" لم تتبن الهجوم، فإن سجلها في شن هذه الغارات حافل، لاسيما منذ اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011، حيث نفذ طيران الدولة العبرية ما لا يقل عن 100 غارة، كانت معظمها ضد قوافل ومستودعات أسلحة تابعة لمليشيا "حزب الله".
ويشكل هجوم "تيفور" بتاريخ 9 الجاري، الضربة الثالثة التي تسددها "تل أبيب" بشكل مباشر إلى قوات ومواقع إيرانية فوق الأرض السورية، وكانت آخر مرة قبل شهرين، مع استهداف الإيرانيين في نفس المطار (تي فور)، ردا على اختراق طائرة إيرانية مسيرة "المجال الجوي الإسرائيلي".
وحسب "إيكونوميست" فقد دخلت "تل أبيب" وطهران في مواجهة مباشرة على الأراضي السورية، بعد عقود من المواجهة بالوكالة عبر تنظيمات مختلفة مثل "حزب الله"، وسبب هذه المواجهة المباشرة هو تصميم الحرس الثوري الإيراني على إقامة قواعد دائمة فوق الأراضي السورية، بما في ذلك تأسيس شبكة "دفاع جوي" تحد من حرية "تل أبيب" في اختراق المجال الجوي السوري والقصف منه بكل أريحية.
وقد استثمر "بنيامين نتنياهو"، رئيس الحكومة العبرية، علاقته الشخصية المتينة مع الرئيس الروسي "بوتين"، وهما كثيرا ما يجتمعان أو يتحدثان هاتفيا، ومع ذلك فإن قادة الأمن في "تل أبيب" يدركون أن "بوتين" لن يبذل جهده للحد من دور إيران في سوريا، لأنه ألزم نفسه ببقاء بشار الأسد، وهو يضع سلاحه الجوي في خدمة هذا الهدف.
ويؤكد عميل مخابراتي إسرائيلي: "بوتين يحترم نتنياهو والقوة العسكرية لإسرائيل، ويفضل أن ينسق مع إسرائيل، ولكن لحماية مصالحه في سوريا، فهو بحاجة إلى إيران أكثر هذه الفترة".
يوجد لدى روسيا وإسرائيل تفاهم يقضي بعدم الاشتباك عسكريا، وهو ما أبقى طائرات الطرفين الحربية بعيدا عن أي تصادم فوق سوريا، وقد غضت روسيا الطرف عن غارات إسرائيل الجوية المتكررة، ولكن بعد الهجوم الأخير، تم استدعاء سفير إسرائيل في موسكو لاستيضاح الأمر.
وسبق ل"تل أبيب" أن أكدت لـ"موسكو" أنها لا تسعى إلى إلحاق أي ضرر بنظام الأسد، مادامت مصالحها الاستراتيجية الخاصة في سوريا لا تتعرض للخطر.
وختمت "إيكونوميست": هذا الخط بدأ يتغير، فقد قام "يواف غالانت" وزير الإسكان وجنرال سابق، بسلسلة من المقابلات تدعو إلى إقالة الأسد، وفي حين أن هذه ليست سياسة إسرائيلية رسمية بعد، فإن "غالانت" مقرب من "نتنياهو"، ومن الصعب عدم تفسير تصريحاته بأنها رسالة إلى موسكو، مفادها: إسرائيل مصممة على منع إيران من توسيع موطئ قدمها في سوريا، حتى لو كان ذلك يعني تهديد العميل الروسي في دمشق (أي بشار).
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية