مشكلة الرجل البسيط أنه يواجه ارتفاعا لا مبرر له من وجهة نظره في أسعار الفلافل، أصبح يدفع مائة بيسة في حبتين اثنتين بدلا من أربع، وكل ما يتمناه أن تستقر الأسعار وتعود إلى حالتها الطبيعية ويصبح باستطاعته الاستمتاع بقرمشة الحبات الأربع دون ضرورة لأحاديث طويلةيتابعهافي الفضائيات عن الانهيار الاقتصادي وتداعياته.. ما يهمه حقا ألا ترتفع قيمة أسهم الفلافل حتى يستمتع بعشائه اليومي ويعود إلى سكنه الذي يشاركه فيه آخرون بالحمرية! هذا اختصار غير مخل لمعنى نص قرأته للزميل سالم الرحبي هو أقرب للصورة الأدبية منه إلى المقال، في انحيازه الجميل الواضح للبسطاء والمهمشين غير المدرجين على جدول أعمال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي!
النص يستدعي إلى الذاكرة قصة: عجوز على الجسر، للكاتب الاميركي إرنست همنجواي في زمن الحرب الأهلية الاسبانية.. إحدى المدن تتعرض لقصف مدفعي يتطلب إجلاء كاملا لسكانها قبل أن يدخلها الفاشيست.. يتحرك الجميع لعبور جسر إلى الضفة الأخرى من النهر حيث الأمن والأمان باستثناء عجوز يجرجر قدميه متثاقلا وهو يحدث نفسه بصوت مسموع عن مصيرحيوانات يربيها في منزله الذي كان يتعرض وقتها للقصف.. يقول الرجل إن الحمائم تستطيع أن تطير من أقفاصها بعيدا عن القصف، وكذلك القطط التي يمكنها الهرب من الدمار.. لكن ماذا بشأن الحيوانات الأخرى التي لا تستطيع الفرار من آثار حرب لا يفهم لها معنى؟
هذه هي مشكلة المستضعفين في زمن الرأسمالية المتوحشة الذين يسددون فواتير باهظة لحماقات الغير في عالم أضحى أكثر رعبا، وفي زمن الكوارث الكبرى مثل الحروب والانهيار الاقتصادي الذي يعيش العالم الآن كل تجلياته، تنحصر طموحات البسطاء في أسعار أقراص الفلافل وحماية الحيوانات المستأنسة من قصف المدفعية و.. وكلها مواقف سلبية لابد أن تتطور إلى فعل إيجابي بالتدرب على قذف أحذية من قياس 44 تجاه رؤوس عالم غادر فاجر، وتساؤل أمل دنقل الشعري الجميل يسخر من مطالبة الفقراء بسداد فواتير جنون الملأ في قوله:
أنا الذي ما ذقت لحم الضأن ..
أنا الذي لا حول لي أوشان..
أدعى الى القتال ولم أدع للمجالسة؟!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية